بعد غياب عن الشاشة الصغيرة، أطلت الممثلة جوليا قصار في مسلسل "إنتِ مين" بدور "عايدة" الأم والزوجة والحبيبة والمقاتلة في الحرب الأهلية، وشكلت مع زميلتها الممثلة عايدة صبرا بحضورهما المتوّهج وأدائهما المتميّز ثنائياً متناغماً كان محور حديث الناس ومواقع التواصل الاجتماعي في الموسم الرمضاني 2019.
عن صدى نجاح هذه الثنائية تقول جوليا قصار "سبق أن تشاركت مع عايدة صبرا في عمليْن مسرحييْن، وكان رد الفعل جميلاً، ولكن عدد الناس الذين شاهدونا معاً في المسرح كان قليلاً. أنا من النوع الذي يتفاعل مع أي ممثل يُعطي بقوة ولكن مع عايدة صبرا كان الوضع مختلفاً لأننا نفهم بعضنا بعضاً ونحترم وجودنا معاً وجهاً لوجه.
مع رفيق علي أحمد شكلت أيضاً ثنائية ناجحة في "الشحرورة" والكل أشاد بها، وكذلك مع علي خليل في "ثلاث بنات". عندما يكون الأداء جيداً والممثل مبدعاً لا بد أن يحصل التفاعل. الناس يذكرون اسم "عايدة" (دورها في مسلسل إنتِ مين) مرافقاً باسم "نجوى" (دور عايدة صبرا في المسلسل) وهذه تعدّ مكافأة بحد ذاتها".
من أجل دراما أفضل
عن عدد الممثلات القديرات في لبنان، تؤكد قصار أنه لا يُستهان به ومن مختلف الأجيال. وتضيف "لكن يجب إعطاءهنّ مساحة أكبر. من بين الأعمال التي تابعتها، لفتتني رولا حمادة وأنجو ريحان وعايدة صبرا ونوال كامل وستيفاني عطا لله. من الضروري جداً تقدير مسيرة كل الفنانات واحترامهنّ، لأننا نحتاج في مهنة التمثيل إلى أن ندعم بعضنا بعضاً معنوياً.
الأعمال تصبح أكثر تميّزاً عندما تهيمن سلطة المخرج على سلطة المنتج، لأن المخرج هو الذي يعرف كيف يدير الممثل وبأي "لوك" يقدمه. من أجل دراما لبنانية أفضل، ولكي يتمكن الممثل من إبراز الأوجه المتعددة لموهبته، لا بدّ من التسليم بموهبة المخرج لأنه هو الذي يحقّق الفرق".
من ناحية أخرى، تشير قصار إلى أن هيمنة المنتجين لطالما كانت موجودة في الدراما "هذا هو الوضع السائد، ولكن من الأفضل العمل بالمثل القائل "أعطِ خبزك للخباز" وأن تصبح الثقة بالمخرج أكبر لأنه هو الذي يدير اللعبة ويتحمل مسؤولية العمل".
ورداً على سؤال حول تجارب المخرجين التي لفتتها، سمّت قصّار المخرج إيلي حبيب، وقالت "تجربتي الأولى معه كانت في "إنتِ مين"، وهو نجح بإيجاد انسجام ضمن فريق العمل بين التقنيين والممثلين، انعكس إيجاباً على المسلسل، كما لفتتني أيضاً تجربة المخرج فيليب أسمر.
كل الذين عملوا في رمضان كانت تجاربهم لافتة وتاريخهم وراءهم، ولكن هناك أعمالاً برزت أكثر من غيرها، بحسب موضوعها أو توقيت عرضها".
قصار التي لم تتابع سوى عدد قليل من حلقات بعض المسلسلات في رمضان، توضح "تابعت بعض حلقات "خمسة ونص"، و"الباشا" الذي بدأ عرضه قبل رمضان واستمر خلاله، وكذلك "آخر الليل" على أمل أن أشاهدها كاملة عند إعادة عرضها. كلنا لم نتابع كل شيء لأننا كنا نصوّر خلال عرض أعمالنا".
"لن أتأخر أبداً"
وهل نجاحها هذه السنة شكل حافزاً لديها لكي تستمر تلفزيونياً؟ أجابت "أتمنى مزيداً من الدعم للإنتاج اللبناني لكي يُسوَّق بشكل أفضل، كما أتمنى إيجاد مزيد من الأفكار الجيدة. عندما تتوافر الأدوار الجيدة لن أتأخر أبداً".
من ناحية أخرى، تحدثت قصار عن الحضور اللافت لممثلي المسرح في رمضان "هم كانوا موجودين في السنوات الماضية، ولكن بنسبة أقل، وحققوا نجاحات في فترات متفاوتة، وهذا الأمر لفت نظر المنتجين، فأسندوا إليهم الأدوار الصعبة والمركبة التي تحتاج إلى ممثل محترف.
ما حصل ليس مفاجئاً بل هو تراكمي ونتيجة نجاحاتٍ سابقة. الحرص على المنافسة وعلى اختيار الممثل الجيد للدور المناسب، أسهما بوجود ممثلي المسرح بأعداد أكبر هذه السنة".
ونفت جوليا قصار مقاطعتها هي وزملاؤها المسرحيين الدراما التلفزيونية خلال السنوات الماضية "في السابق كانوا يستعينون بممثل أو ممثلة لدور معين من دون دراسة لمعرفة ما إذا كان مناسباً له أم لا. بينما اليوم يوجد إصرار على "الكاستينغ" للتأكد بأن هذه الشخصية لا يمكن أن يلعبها إلا هذا الممثل".
الشحرورة
وعما إذا كانت تشعر بالحزن والغبن وبالإهمال لتجارب المسرحيين القيّمة، قالت "البعض منهم كان في المواسم الرمضانية السابقة أو في أعمال أخرى عُرضت خارج رمضان. شخصياً، أنا لم أقاطع الدراما، ولكن لم يصلني الدور الذي يرضي شغفي كممثلة ويرضيني ويرضي المشاهد.
لم يكن يهمني الوجود لمجرد أني موجودة، ولكن المقاطعة لم تكن واردة أبداً. آخر أعمالي التلفزيونية كان مسلسل "الشحرورة" عام 2011 ومن بعده لم يصلني نص يجعلني أقبل بالمشاركة فيه، والأدوار التي كانت تُعرض عليّ لم تكن تحفزني، وكنت أعوّض من خلال السينما، حتى بأدوار صغيرة ولكن لافتة".
هل ترى قصّار أن عودتها إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب 8 سنوات، مؤشراً إلى تحسّن مستوى الدراما اللبنانية، تجيب "لا شك في أن الدراما شهدت تقدماً تدريجياً في السنوات الأخيرة ولم تشهد تراجعاً، كما عادت الثقة إلى الإنتاج اللبناني، واكتشف المنتجون ومحطات التلفزة أهمية الممثل اللبناني، وصار لديهم حرص على جودة الأداء، تماماً كحرصهم على جودة النص والإخراج.
مثلاً في مسلسل "إنتِ مين" كان كل شخص في مكانه، وكنا فريق عمل متجانساً. في أيّ مسلسل تلفزيوني يوجد بطلان أساسيان، ولكن صار هناك حرص عند كتابة النصوص على البطولات المشتركة والأدوار التي توازي بعضها أهمية، والشخصيات التي تستطيع حملها وهذا ما حصل فعلاً، من خلال الاستعانة بممثلين لهم خبرتهم الكبيرة في العمل التلفزيوني، أو ممَن يطلون بشكل
متقطع، فاجتمعوا وأعطوا تناغماً جميلاً".
عما إذا كان ضعف الدراما أخذ من عمرهم الفني، وهل هذا الأمر يجعلهم يشعرون بالحسرة؟ تجيب "أنا لا أتحسّر على شيء، لأن حياتي مزدحمة بالعمل.
عندما لا أكون مرتبطة بالمسرح أعمل في السينما، ولكن غيابي عن الشاشة الصغيرة كان ملحوظاً، مع أنني خلال السنوات الماضية شاركت في أعمال بعيداً منه.
لم أشعر يوماً بالحسرة، وفي كل تجربة خضتها كنت سعيدة ومقتنعة بها وبفريق العمل، ولكن محبة الشاشة تدفعني إلى التفكير بعدم الابتعاد لأنني أصبحت مطالبة أكثر بالظهور في المسلسلات كما غيري من الممثلين الذين كانوا حديث الناس في مختلف الإنتاجات التي قُدِّمت في الموسم الرمضاني".
نادين لبكي وزياد الدويري
قصار لا تنفي بأن الانتشار الذي تحقّقه في التلفزيون أكبر بكثير من الانتشار الذي تحققه في السينما والمسرح "بالفعل، الانتشار الذي نحقّقه من خلال التلفزيون مختلف، لسبب بسيط وهو أنه يصل إلى ملايين الناس، بينما عدد الذين يشاهدون أفلاماً سينمائية لا يتجاوز الـ 200 ألف أو 300 ألف مشاهد، إلا في حال تم توزيعها عربياً وعالمياً، كما أفلام المخرجيْن نادين لبكي وزياد الدويري.
الربح في السينما يتحقّق مع مرور الوقت، لأن الناس يمكن أن تتابع تلك الأفلام من خلال الأقراص المدمجة "DVD". لأني ابتعدت عن التلفزيون، ظن البعض أنني تركت التمثيل، فقلت لهم "أنا موجودة ولكني بعيدة من التلفزيون"، فأجابوا "صحيح أنك غبت وبعودتك كأنك لم تغيبي"، وهذا الكلام أفرحني كثيراً".
النص أولاً
عن إمكان مشاركتها في الدراما المشتركة، خصوصاً أنها تحقّق انتشاراً أكبر للفنان، أكدت جوليا قصار "يهمّني النص أولاً، وهو السبب الذي جعلني أبتعد لـ 8 سنوات عن التلفزيون. وأكثر ما لفتني في نص كارين رزق الله أنه حقيقي وقريب من الناس ويحكي قصصهم. وأنا مع الاستعانة بالروايات اللبنانية".
قصار التي أكدت أنها تحضّر لفيلمين جديدين ستتحدث عنهما في الوقت المناسب، أشارت إلى أنها تحب العمل في السينما لأنها تتناول قصصاً حقيقية تشبه الناس، أما مسرحياً فأكدت أنها جاهزة وبانتظار النص الجيد.