شهد العراق خلال الألفية الثانية طفرة كبيرة في أعداد مراكز التجميل، التي انتشرت بشكل واسع في أجزاء بلاد الرافدين، حيث الإقبال الكثيف من قبل النساء والرجال والاهتمام بمظهرهم الخارجي، على الرغم من رصد نقابة الأطباء أكثر من 190 مركز تجميل "وهمي وغير مرخص" في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد.
مراكز وعيادات تجميل وهمية
وجاء في بيان نقابة الأطباء التالي، "تزايدت في الآونة الأخيرة أعداد مراكز وعيادات التجميل الطبية والعيادات الوهمية وغير المجازة، المخالفة للشروط والضوابط الصحية الصادرة من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، لناحية عدم وجود كوادر طبية متخصصة، واستخدام عمالة من غير ذوي المهن الصحية والطبية، وممارسة تداخلات طبية غير مرخصة وخارج السياقات الطبية المعتمدة، ما أدى إلى تضرر عدد من المواطنين والمواطنات وزيادة الشكاوى في هذا المجال".
وأضاف البيان "واستمراراً للدور الرقابي للنقابة في هذا الموضوع وبتوجيه مباشر من المركز العام، رصدت فرقنا التفتيشية وجود 192 مركزاً وعيادة وهمية مخالفة للشروط والضوابط الصحية في محافظة بغداد فقط، معظمها تدار من قبل كوادر غير متخصصة. وقد قامت النقابة بإحالة هذه المراكز والعيادات إلى الجهات المتخصصة لمتابعة الإجراءات اللازمة".
وأهابت نقابة أطباء العراق بالمواطنين لـ "الحذر من هذه المراكز المخالفة، ومراجعة العيادات والمراكز المتخصصة والمرخصة تفادياً لحصول المشكلات والمضاعفات والتشوهات".
وتابعت "كما نأمل من الجهات ذات العلاقة في التعامل مع الموضوع بجدية، وإيلائه الاهتمام اللائق كونه يمس حياة المواطنين، وأن يقوموا باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تمدد هذه الظاهرة المهددة للصحة والسلامة العامة".
بغداد في الصدارة
إلى ذلك، قال نقيب الأطباء جاسم العزاوي في تصريح له، إن "النقابة ستتخذ إجراءات قريبة تجاه مراكز التجميل غير المجازة في عموم البلاد لإنهاء الفوضى"، لافتاً إلى أن "مراكز التجميل غير المجازة تنتشر في عموم البلاد، إلا أن بغداد تتصدر المرتبة الأولى في مراكز التجميل غير المجازة".
وأضاف أن "الحملة ستبدأ من العاصمة بغداد لغلق تلك المراكز، وستشمل جميع المحافظات"، مبيناً أن "سبب تزايد هذه المراكز يعود للأطباء القادمين من خارج البلاد، الذين ليسوا أصحاب تخصصات في مجال التجميل".
وأشار إلى أن "أغلب المراكز يعمل بها أصحاب مهن أخرى ليس لهم أي ارتباط بالطب التجميلي".
وتابع أن "النقابة تلقت شكاوى عدة من مختلف الجهات حول عشوائية مراكز التجميل وسوء التنظيم والاستخدام".
وحول الأطباء الآتين من الخارج، أكد العزاوي أن "شروط مزاولة العمل داخل العراق للأطباء القادمين من الخارج، هي جلب شهادة معترف بها ووثائق تثبت علميته في تخصص التجميل، إضافة إلى استحصال الموافقات اللازمة، وأن يكون متمرساً في تخصصه".
تأثر وانفتاح
إلى ذلك، اعتبرت المتخصصة في طب التجميل هالة العراقية، أنه "نتيجة الانفتاح التكنولوجي وأيضاً تأثر النساء بغيرهن من الفنانات أو النجمات، ورغبتهن في أن يتمتعن بالجمال نفسه، اتجهن إلى التجميل. وأكثر الحجوزات التي نستقبلها في العيادة تتعلق بالفيلر الذي نضعه لملء الشفاه عن طريق الحقن، وكذلك مادة البوتكس، وهذه الأمور تحدث فرقاً بسيطاً أو كبيراً أحياناً، وهذا يعزز ثقة المرأة بنفسها ويزيد جمالها وسعادتها أمام عائلتها وصديقاتها أو في عملها، ويكون رد فعلها بعد ربع أو نصف ساعة في غاية الفرح".
وأكدت الطبيبة العراقية في تصريح لها أن "عمليات التجميل هذه تعد صغرى غير جراحية، وليس فيها أي خطورة على حياة الشخص، وكذلك لا يحدث تشويه إذا كان الطبيب ذا تخصص ومعرفة، ويستخدم مواد صالحة غير ضارة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويروج أصحاب مراكز التجميل في العراق منتجاتهم وخدماتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف جذب أكثر عدد من الزبائن، وتختلف أسعار العمليات الطبية بحسب نوعها والمركز واسم الطبيب. وتستعرض تلك المراكز نوعية العمليات التي تقوم بها، إلا أن ذلك لم يمنعها من الوقوع في الخطأ وتشوه بعض المراجعين.
مشكلة
بدوره، أقر هيثم العبيدي طبيب اختصاص في تصريح صحافي، بأن "هناك مشكلة كبيرة في عمليات التجميل سواء على مستوى العراق أوالعالم. فقد ازدادت مراكز التجميل في البلاد، كثير منها غير مرخص وغالبية الذين يعملون فيها لا يمتلكون المؤهلات العلمية والعملية للقيام بمثل هذه الأعمال، كما لا يملكون إجازات عمل رسمية".
وأضاف العبيدي "لاحظنا وجود دورات كثيرة لأشخاص لا يملكون شهادات طبية أو صحية بعمليات الحقن والشفط المختلفة"، مبيناً أن "ضوابط عمل المراكز المتخصصة في هذا المجال يجب أن تسند لمتخصصي الجراحة التجميلية".
ودعا الطبيب الاختصاصي في تصريحه، المواطنين، إلى أهمية "الوعي والتحري عن هذه المراكز، قبل إجراء أية عملية تجميلية عندها"، لافتاً إلى أن "هناك مشكلة في عمليات التجميل وهي إدمان الأشخاص وبالأخص النساء اللواتي يقمن بمثل هذه العمليات".
وخلص العبيدي إلى القول إن "هناك إجراءات توعية يتم المضي بها ضد هذه العمليات، التي ليس لها مبرر من الأساس في معظم الأحيان".
هوس كبير
وتشير المواطنة البغدادية، نجلاء علي، إلى أن "فكرة التجميل أصبحت هوساً كبيراً للمرأة، لا سيما البنات، نظراً للتطور الكبير الذي شهدته المراكز من دخول تقنيات حديثة، وأيضاً الاهتمام بالمرأة، كجزء من مظهرها الخارجي".
واعتبرت نجلاء أن "ذهاب بعض النساء إلى عمليات تجميل في مراكز غير مؤهلة ووهمية أثر في أشكال كثير منهن اللواتي تم خداعهن، بالتالي شوهت وجوههن".
ونوهت إلى أن "بعض النساء أصبحن متشابهات في أشكالهن بفضل مراكز التجميل"، مبينة أن "بعض العمليات قد تتخطى تكلفتها الـ2000 دولار".
وأضافت أن "مراكز التجميل أصبحت مصدر ربح لكثير من القائمين عليها، على الرغم من عدم تخصص العاملين فيها في المجال ذاته، إلا أنها تشكل مصدر ربح كبير لهم".