نجح أطباء سوريون في مواجهة التحديات والصعوبات والاندماج في القطاع الصحي الألماني، وأن يشكلوا بذلك أقوى مجموعة طبية بين حاملي الجنسية الأجنبية في ألمانيا، بمجموع 5000 طبيب يزاولون المهنة في المستشفيات الألمانية، بحسب التقرير السنوي للمجلس الاستشاري لتقويم تطورات نظام الرعاية الصحية الألماني.
وبحسب رئيسة المجلس بيترا بندل، "تعد الهجرة وسيلة حاسمة للتخفيف من النقص المتزايد في القطاع الطبي الألماني".
وأشارت إلى "أنهم سجلوا زيادة مهمة في عدد إجراءات الاعتراف السنوي بالمؤهلات الأجنبية، أي من 6000 في عام 2015 إلى 15000 في 2019".
هجرة الأطباء الألمان إلى الخارج
كما حدد التقرير التحديات التي تواجه الأطباء القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي والمطالبين بالمعادلة، أي الاعتراف بشهادتهم وإثبات مؤهلاتهم من طريق اختبار وتدريب مهني يؤكد قدراتهم اللغوية والمهنية للعمل في القطاع الصحي بألمانيا.
وكشفت أزمة كورونا في ألمانيا عن حاجة القطاع الصحي الألماني إلى العاملين سواء أطباء أم ممرضين لأسباب عدة، بينها هجرة الأطباء الألمان والممرضين إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والسويد، كما تعد سويسرا من الوجهات المفضلة بالنسبة إليهم.
وفي العام 2017 سافر 1965 طبيباً ألمانياً إلى الخارج، بحسب جمعية الأطباء الألمان، وفي مقابل العجز الذي تسببه هجرة الأطباء الألمان تستقبل البلاد نظراءهم الأجانب.
الشروط التعجيزية
وعلى الرغم من نجاح عدد من السوريين في تجاوز الاختبار ودخول القطاع الصحي الألماني، بيد أن بعضهم يعتبر أنه من الصعب عليهم كأطباء عملوا لسنوات في سوريا أن يجتازوا اختبار المعادلة باللغة الألمانية، مشيرين إلى أن عملهم لا يحتاج إلى قدرات لغوية كبيرة، بل إلى الخبرة المهنية.
أحمد يبلغ من العمر 56عاماً، وعمل في سوريا طبيباً للأسنان لفترة طويلة، وفي العام 2015 قدم إلى ألمانيا ويعيش حاليا في برلين، لكنه يجد صعوبة في اجتياز اختبار المعادلة ويقول، "أجيد مهنتي وأتقنها ولدي خبرة طويلة، وحاولت ثلاث مرات اجتياز الامتحان ولم أنجح. كنت أتمنى أن أزاول مهنتي في هذا البلد الذي استضافنا ومنحنا الدعم والمساعدة لكن الشروط تعجيزية، وأتمنى أن تأخذ الخبرة والتجربة بعين الاعتبار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من العالم الافتراضي إلى الواقع
من جهته، يقول الأخصائي في أمراض الباطنية والصدرية وطب الطوارئ بالمستشفى الجامعي بماربورغ ألمانيا عماد السباعي، "بالنسبة إليّ كان التعديل سهلاً لأني أجريته قبل سبع سنوات وكانت الأمور سهلة مقارنة بالوضع الحالي، إذ يطالبون الأطباء بفحوص اللغة واختبار ينقسم إلى مراحل عدة يجعل الأمور صعبة".
ويضيف، "لكن مواقع التواصل الاجتماعي سهلت على الأطباء الحصول على معلومات حول كيفية التحضير للاختبار والتنسيق مع أطباء من التخصص نفسه، وشكلوا مجموعات على (واتساب) لأطباء لديهم التخصص نفسه أو سيجتازون الامتحان في ولاية معينة، لمساعدة بعضهم وتبادل الخبرات".
يتابع، "هناك مشكلة في ألمانيا تكمن في اختلاف القوانين من ولاية إلى أخرى واختلاف شروط تعديل الشهادة، وهذا ما يجعل مهمة التعديل صعبة، لكن كما ذكرت فمجموعات التواصل الاجتماعي ساعدت الأطباء في مواجهة هذه التحديات".
ويشير المتحدث ذاته إلى أن "الأطباء السوريين استطاعوا نقل هذه التجمعات من العالم الافتراضي إلى الواقع عبر تشكيل جمعية الأطباء والصيادلة السوريين، لأجل توحيد الجهود ومحاولة منع الظلم في بعض القرارات، فالطبيب عادة يحصل على شهادة الترخيص بمزاولة المهنة قبل حصوله على شهادة الطب الألمانية، وشهادة الترخيص تتطلب العمل مدة عامين، لكن ثمة قراراً جديداً لا يأخذ بعين الاعتبار سنوات التدريب قبل الحصول على شهادة الطب الألمانية".
تبادل الخبرات
ويعتبر أخصائي الأمراض الباطنية "أن هذا قرار جائر لأن جهد الطبيب يضيع"، مضيفاً "لأنه لا يوجد فرق ما بين العمل قبل الشهادة أو بعدها، ومن هدف الجمعية الاعتراض على مثل هذه القرارات وتوحيد القوانين في جميع الولايات ودعم الأطباء لتجاوز مثل هذه التحديات".
وتدعم جمعية للأطباء والصيادلة سوريين أطباء للاندماج في القطاع الصحي بألمانيا، وتشير إلى "أنها تسعى إلى تشكيل صلة بين جميع الأكاديميين السوريين العاملين في المجال الطبي بألمانيا".
كما تهدف إلى تعزيز تبادل الخبرات بين الأطباء في شتى المجالات، ليس فقط الطبية والمهنية منها، بل أيضاً الخبرات الحياتية وكل ما يتعلق بجوانب المعيشة المختلفة، وأيضاً تقديم الدعم المباشر لمن يحتاج إليه، خصوصاً الأطباء الجدد في ألمانيا الذين يسعون إلى الحصول على فرص للتدريب والعمل.