على وقع التوتر الشديد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وكما كان متوقعاً، هددت إيران ونفّذت وعيدها، وقال متحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي إن طهران ستتجاوز الحدود المتفق عليها دولياً لمخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب خلال 10 أيام، لكنه أضاف أنه لا يزال هناك وقت أمام الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي.
رفعنا وتيرة التخصيب
وقال كمالوندي للتلفزيون الرسمي "رفعنا وتيرة التخصيب إلى أربعة أمثالها، بل وزدنا على ذلك في الآونة الأخيرة حتى نتجاوز حدّ 300 كيلوغرام خلال 10 أيام". أضاف في الوقت ذاته "لا يزال هناك وقت... إذا ما تحركت الدول الأوروبية".
لا وقت أمام الأوروبيين
وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه "لم يعد هناك الكثير من الوقت أمام الأوروبيين للحفاظ على الاتفاق النووي"، مشدداً على أن "انهيار الاتفاق النووي ليس في صالح المنطقة".
بندان و130 طناً
وكانت إيران أعلنت في الثامن من مايو (أيار) أنها قررت وقف الالتزام باثنين من التعهدات التي قطعتها بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 بخصوص برنامجها النووي، وكان البندان يحددان احتياطي اليورانيوم المخصب بـ 300 كلغ واحتياطي المياه الثقيلة بـ 130 طناً.
60 يوماً
وأعطت إيران أيضاً الدول التي لا تزال موقعة على الاتفاق مهلة 60 يوماً للالتفاف على العقوبات الأميركية التي أعادت واشنطن فرضها عليها بعد قرار الرئيس دونالد ترمب الانسحاب من جانب واحد من الاتفاق في مايو 2018، وهددت أنه في حال عدم تلبية مطالبها خلال مهلة 60 يوماً، بتجاوز بندين آخرين من تعهداتها التي قطعتها بشأن برنامجها النووي.
ردود فعل دولية
في أول الردود الدولية، علقت الرئاسة الروسية "الكرملين" على تصريحات إيرانية بشأن تجاوز حدود التخصيب مؤكدة ان "ايران ملتزمة بالاتفاق النووي حتى الآن"، فيما طالب متحدث باسم الخارجية الألمانية إيران بالوفاء بالتزاماتها إزاء الاتفاق النووي.
أمّا البيت الأبيض، فاعتبر الخطة الإيرانية "ابتزازاً نووياً"، يجب مواجهتها بمزيد من الضغوط الدولية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جاريت ماركيز، إن "خطط التخصيب الإيرانية ممكنة فقط لأن الاتفاق النووي المروع لم يؤثر على قدراتها... لقد أوضح الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب أنه لن يسمح لإيران مطلقاً بتطوير أسلحة نووية. يجب أن يواجه الابتزاز النووي للنظام بضغوط دولية متزايدة".
ودعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، مورغان أورتاغوس، العالم إلى "عدم الخضوع للابتزاز النووي" الإيراني، داعيةً "النظام في طهران إلى الامتثال لالتزاماته تجاه المجتمع الدولي". ورأت أن تجاوز إيران حد التخصيب المسموح به في الاتفاق النووي "أمر مؤسف" لكنه "لا يفاجئ أياً كان. لهذا السبب، غالباً ما يقول الرئيس (دونالد ترمب) إنه يجب استبداله باتفاق جديد أفضل".
ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة تطلب من إيران احترام الاتفاق رغم انسحاب واشنطن منه، أجابت أورتاغوس "قلنا بوضوح شديد أننا لن نتسامح مع حصول إيران على سلاح نووي، نقطة على السطر... سنمارس أقصى ضغوط على أي خطوة تسمح لهم بامتلاك سلاح نووي".
دعوات للالتزام بالتعهدات
كذلك أكد متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن بريطانيا ستبحث كل الخيارات المتاحة إذا انتهكت إيران التزاماتها في ما يتعلق بأنشطتها النووية. وأضاف "كنا واضحين في ما يتعلق بمخاوفنا من الخطط الإيرانية بخفض التزامات طهران بالاتفاق النووي. إذا توقفت إيران عن تنفيذ التزاماتها النووية، سنبحث حينها كل الخيارات المتاحة أمامنا".
كما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إيران إلى التحلي بـ"الصبر والمسؤولية". وأعرب في مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني الجديد فولودومير زيلنسكي، عن أسفه للتصريحات الإيرانية".
وأشار ماكرون إلى أن طهران لا تزال حتى الآن "تحترم واجباتها ونشجعها بقوة على التحلي بالصبر والمسؤولية". وحذر من أن "أي تصعيد لن يدفع بالاتجاه الصحيح... سنبذل كل ما هو ممكن لإقناع إيران" بسلوك هذه الطريق.
جدلية سياسية
من جهتها، قالت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن "تقييمنا لن يكون قائماً أبداً على تصريحات، بل على حقائق، وعلى التقييم الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وأضافت "حتى الآن، وأنا أتحدث معكم، ما زالت إيران تحترم التزاماتها. وإذا غيّرت الوكالة تقييمها، سنقيّم موقفنا".
ورأت موغيريني في ختام اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، أن "التصريحات عبارة عن عناصر ذات صلة بالجدلية السياسية، لكن تقييمنا لتطبيق الاتفاق يستند إلى التقييم الواقعي والسليم تقنياً، الذي أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها". وحذّرت من أن النزاع سيكون "في غاية الخطورة"، مضيفةً "لن يستفيد أحد من ذلك".
تفادي تأجيج التوتر
ومع توالي الردود، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من إيران مواصلة تطبيق التزاماتها النووية، داعياً كل أطراف الاتفاق إلى احترام واجباتها. وحضّ المتحدث باسم غوتيريش، ستيفان دوجاريك، "كل الأطراف على تفادي أي اجراء قد يؤدي إلى تأجيج حدة التوتر في المنطقة"، واصفاً الاتفاق النووي بأنه "إنجاز كبير في الحد من الانتشار النووي والدبلوماسية".
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حثّ بدوره القوى العالمية على زيادة العقوبات على إيران فوراً، إذا مضت طهران قدماً في تجاوز حد تخصيب اليورانيوم المنصوص عليه في الاتفاق النووي.
وأبرم الاتفاق النووي في فيينا في 14 يوليو (تموز) 2015 بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) إلى جانب ألمانيا. وأتاح إنهاء سنوات من عزلة إيران ورفع قسم من العقوبات الاقتصادية الدولية التي كانت مفروضة عليها، مقابل التزام طهران الحد من أنشطتها النووية لضمان عدم سعيها إلى امتلاك سلاح ذري.
إغلاق مضيق هرمز
وفي السياق، نفى الجيش الإيراني اليوم الاثنين أنه يقف وراء هجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان الأسبوع الماضي وقال إنه إذا قرر إغلاق مضيق هرمز الحيوي فسيفعل ذلك على الملأ.
ونقلت وكالة فارس للأنباء عن رئيس الأركان الإيراني الميجر جنرال محمد باقري قوله "فيما يتعلق بالحوادث الجديدة في الخليج... إذا قررت جمهورية إيران الإسلامية تعطيل صادرات النفط عبر مضيق هرمز فجيشها قوي بما يكفي ليفعل ذلك بشكل كامل وعلى الملأ".