فيما تهدف مدينة شنغهاي إلى العمل كالمعتاد، ولكن لا تزال هناك عقبات، حيث تحاول أغنى مدن الصين وأكثرها دولية العودة إلى العمل بعد إغلاق دام شهرين، لكن بعض القيود ستظل سارية.
وخلال الساعات الماضية، تعهدت سلطات شنغهاي بالسماح لجميع الشركات بإعادة الفتح اعتباراً من اليوم الأربعاء. وأعلن نائب عمدة المدينة، وو تشينغ، عن تخفيف القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا، إلى جانب مجموعة من 50 إجراء جديداً يتم اتخاذها لإنعاش اقتصاد المدينة المنهك.
واعتباراً من الأول من يونيو (حزيران)، لن تحتاج الشركات بعد الآن إلى ما يسمى بموافقة "القائمة البيضاء"، حتى يعمل الموظفون في الموقع. ومع ذلك، سيظل مطلوباً من الراغبين في الوصول إلى العمل تقديم اختبار كورونا تكون نتيجته سلبية قبل 72 ساعة من استخدام وسائل النقل العام.
الشركات العملاقة توقف إنتاجها
ومنذ أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، تخضع شنغهاي لشكل من أشكال الإغلاق، مما ترك عشرات الملايين من الأشخاص محاصرين في منازلهم، وهو ما أدى إلى مستويات عالية من التوتر العام. لقد قلبت القيود الأعمال في كل قطاع تقريباً وأدت إلى طريق مسدود في المدينة.
وأُجبرت شركات صناعة السيارات الكبرى، بما في ذلك "تيسلا"، و"فولكس فاغن"، على تعليق الإنتاج مؤقتاً، بينما أبلغ صانعو الإلكترونيات مثل "أبل" أيضاً عن اضطرابات شديدة في سلاسل التوريد في جميع أنحاء المدينة. فيما تعمل بعض الشركات أيضاً في ظل ما يسمى بأنظمة "الحلقة المغلقة"، التي تسمح للموظفين الأساسيين بمواصلة العمل بشرط أن يظلوا ضمن معايير معينة.
وقالت السلطات في بيان حديث، إنها ستعمل على تخفيف قواعد كورونا "غير المعقولة". وتخطط الحكومة أيضاً لتقديم إعفاءات ضريبية ومساعدة في الإيجار للشركات ودعم بعض مشاريع البناء. كما ستخفض ضريبة المبيعات على بعض سيارات الركاب، وستقدم إعانات لأولئك الذين يستبدلون سياراتهم بسيارات كهربائية بحتة، وفقاً لوكالة الأنباء الحكومية "شينخوا". وسجلت شنغهاي مبيعات سيارات صفرية طوال شهر أبريل (نيسان) بأكمله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المخاوف لا تزال قائمة
وتشير البيانات، إلى تضرر الاقتصاد الصيني بشدة من الوباء ونهج الحكومة "صفر كوفيد"، مما أجبر المحللين على خفض توقعات النمو لهذا العام. وخلال الأسبوع الماضي، خفض بنك "يو بي أس"، تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 إلى مستوى 3 في المئة، وهو أقل بكثير من الهدف الرسمي للصين البالغ نحو 5.5 في المئة.
وكتب الاقتصاديون في البنك في تقرير، أن "القيود المستمرة وعدم الوضوح بشأن استراتيجية الخروج من سياسة كوفيد الحالية من المرجح أن يضعف ثقة الشركات والمستهلكين ويعيق إطلاق الطلب المكبوت".
ودفعت شدة وصعوبة الأوضاع كبار المسؤولين الصينيين إلى عقد اجتماع طارئ خلال الأسبوع الماضي، تعهدوا فيه باتخاذ إجراءات إغاثة جديدة للمساعدة في استقرار الاقتصاد. وتشمل قروضاً للشركات الصغيرة، واسترداد ضرائب أعلى، ودعماً مالياً لصناعة الطيران.
وقال إريك زينغ، رئيس غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي، إنه بينما رحب بالإجراءات الجديدة للمدينة، فإنها لم تخفف من كل مخاوفه. وأضاف، "بالنسبة للشركات الأميركية، فإن الأولوية الأولى هي استئناف العمليات العادية في أسرع وقت ممكن... لكن في كثير من الأحيان، منع مسؤولو المقاطعة ومسؤولو الحي، أو أبطأوا استئناف العمليات التجارية من خلال فرض الروتين المفرط".
الأسواق ترحب بالإجراءات الجديدة
ويبدو أن المستثمرين في جميع أنحاء المنطقة يرحبون بالإجراءات التي تم الإعلان عنها حديثاً. فقد ارتفعت الأسواق الآسيوية، مع ارتفاع مؤشر "نيكاي" الياباني ومؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ بأكثر من 2 في المئة. وقفز مؤشر "كوسبي" في كوريا الجنوبية بنسبة 1.2 في المئة.
وقبل أيام، وفي عرض علني نادر لدعم القطاع الخاص، قال نائب رئيس مجلس الدولة ليو هي، إن الحكومة "ستدير بشكل صحيح" العلاقة بين الحكومة والسوق، وستعود شركات التكنولوجيا إلى الإدراج في الأسواق المحلية والأجنبية. جاء ذلك خلال اجتماع لنائب رئيس مجلس الدولة الذي يشغل منصب أكبر مستشار اقتصادي للرئيس الصيني، مع مسؤولين ومديري شركات عدة تعمل في قطاع التكنولوجيا.
وتباطأ النشاط الاقتصادي بشكل حاد خلال شهر أبريل الماضي، بعد أن أدى توسيع عمليات الإغلاق للتصدي لفيروس كورونا إلى خسائر فادحة في الاستهلاك والإنتاج الصناعي والتوظيف، مما زاد المخاوف من انكماش الاقتصاد في الربع الثاني. وكان الاقتصاد الصيني في حالة بداية جيدة في عام 2022، مسجلاً نمواً بنسبة 4.8 في المئة خلال الربع الأول. لكن جهود السلطات الصينية للحد من أسوأ انتشار جديد لفيروس كورونا في عامين، وجهت ضربة قوية للنشاط منذ مارس الماضي.
وتركت حملة بكين التنظيمية التي استمرت لمدة عام ندوباً عميقة على قطاع التكنولوجيا الضخم. وإلى جانب ضعف الاقتصاد، قضت الحملة على أكثر من تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات الصينية. حيث أبلغت العديد من شركات التكنولوجيا عن أرباح سيئة، أو ألغت عشرات الآلاف من الوظائف لتقليل تكاليف التشغيل.
ومن المرجح أن ينكمش الاقتصاد الصيني في الربع الثاني، حيث تسببت عمليات الإغلاق المتعلقة بعودة انتشار فيروس كورونا، في إحداث فوضى في النشاط. وتقلص الإنفاق الاستهلاكي وإنتاج المصانع على حد سواء بشكل حاد الشهر الماضي، في حين قفز معدل البطالة إلى أعلى مستوى منذ تفشي فيروس كورونا الأولي في أوائل عام 2020.