Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطلقت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي كي أبقى في بريطانيا

رأيت كمواطنة أوروبية أن كل ما امتلكته وعملت بجهد من أجله في المملكة المتحدة، بات رهينة قرار من وزارة الداخلية

انهار كل عالمي من حولي حين رُفض طلبي للاستمرار في وضعية الإقامة الدائمة في بريطانيا (غيتي)

قصّتي مع الهجرة إلى المملكة المتّحدة ليست معقّدة، لكن معركتي مع وزارة الداخلية البريطانية كادت أن تكسرني وتحطّمني. فقد انتقلت أسرتي إلى لندن من هولندا حينما كنتُ في سنّ العاشرة، وبعد 17 عاماً، بدأ كابوس الهجرة يقضّ مضجعي.

في البداية رُفِضَ طلبي بموجب مخطّط "تسوية أوضاع مواطني الاتّحاد الأوروبي في بريطانيا" EU Settled Status (EUSS) . حصل ذلك للمرّة الأولى في مارس (آذار) 2021 بعد أن تقدّمت بمستنداتي في عام 2019. يمنح مخطّط وزارة الداخلية الآنِفْ الذكر وضعية الهجرة لمواطني دول الاتّحاد الأوروبي الذين يعيشون ويعملون في المملكة المتّحدة بعد اتفاق "بريكست" [خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية]. وفي حال رفض منح فردٍ وضع مقيم مستقرّ في البلاد، فلن يكون له الحقّ في العمل، ولا يمكنه تالياً الوصول إلى الخدمات العامّة مثل "خدمات الصحّة الوطنية" (أن أتش أس) NHS، ويصبح عرضةً لخطر الترحيل.

منذ ما قبل الانتخابات العامّة لعام 2019، كنتُ أكتبُ وأشارك في حملات تتعلّق بحقوق مواطني الاتّحاد الأوروبي داخل المملكة المتّحدة بعد بريكست. في بداية الأمر، ساورتني مخاوف في شأن والدتي، نظراً إلى كونها لاجئة سابقة في هولندا، ما من شأنه أن يشكّل تهديداً محتملاً على منحها وضعاً مستقراً في بريطانيا، على الرغم من أهليتها لذلك.

وفي الواقع، كنتُ شديدة القلق على طلبها إلى درجة أنني أكملته قبل أن أقدّم طلبي. كنتُ أكثر اطمئناناً على وضعي، فقد نشأتُ في المملكة المتّحدة، ودخلتُ المدرسة والجامعة فيها. وأعملُ الآن صحافيةً حائزة جوائز عدّة في لندن. إضافةً إلى ذلك، أنا هولندية الجنسية بالولادة. وببساطة، لا يمكن لأحد أن يكون مؤهّلاً أكثر منّي لحيازة وضعية الأوروبي المستقرّ بشكل دائم في بريطانيا.

في ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، تقدّمتُ بطلبي من دون أيّ تردّد أو إعادة تفكير، لكن سرعان ما انهار العالم من حولي حينما جرى رفض تسوية إقامتي ومنحي وضع مواطنة أوروبية مستقرّة في المملكة المتّحدة، في مارس (آذار) 2021.

وآنذاك، علّلت وزارة الداخلية قرارها بوجود "ثغرات" [نقص معلومات] في مكان إقامتي، ترجع واحدة منها إلى أيام دراستي في "جامعة كامبريدج". وبعد إثارتي عاصفةً إعلامية، اتّصلت بي الوزارة طالبةً منّي إعادة تقديم الطلب وإبلاغها بالأمر حينما أفعل ذلك، حتى يتمكّن المعنيّون من تسريع ملفّي. عاودتُ تقديم الطلب، لكني لم أسمع منهم شيئاً.

في شهر أبريل (نيسان) من السنة الجارية، رُفِضَ طلبي مرّةً ثانية بحجّة وجود ثغرات أخرى. وعلى الأثر، عمدتُ إلى تقديم طلبٍ ثالث. وفي الوقت الذي لجأتُ فيه إلى استشارة قانونية، أطلقتُ حملةً مثيرة في لندن، فيما طالب أرباب عملي بمنحي الحقّ في ممارسة مهنتي.

في المقابل، جرى التشكيك بحقّي في العمل، الأمر الذي سبّب عدم قدرتي على ممارسة وظيفتي أو تحقيق دخلٍ أثناء أزمة غلاء المعيشة. وبعد سيلٍ من التغريدات التي لقيت صدى واسعاً، اتّصلت بي وزارة الداخلية مرّة أخرى وأبلغتني بأنه ما زالت هناك "ثغرة" واحدة تتعلق بمكان إقامتي الآن، في عام 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي عام 2020، غرّدتُ ممازحة على "تويتر"، إنه كان يتعيّن عليّ أن أطلب لقطات "كاميرات المراقبة ذات الدائرة التلفزيونية المغلقة"  CCTV لمشاركتي في حملة "كاوتش تو 5 كيه ران" couch to 5k run  [مخطّط تشجيع على المبتدئين على الركض، طوّره العدّاء جوش كلارك لمساعدة والدته البالغة من العمر 50 سنة على النهوض من أريكتها والشروع في الجري]، كي تكون دليلاً على مقرّ إقامتي. لقد شهد عام 2020 عدداً من عمليات الإغلاق بسبب وباء كورونا. أين كان بإمكاني الذهاب خلال تلك الفترة؟

قدّمتُ أدلّتي الإضافية خلال يومٍ واحد، وعانيتُ ربّما من أسوأ عطلة نهاية أسبوع في حياتي. لكن بعد خمسة أيام، بمساعدة محامين وناشطين وأحد أعضاء البرلمان وزملائي الصحافيّين، مُنِحْتُ الحقّ بالبقاء في المملكة المتّحدة إلى أجلٍ غير مسمّى (الإقامة الدائمة) Indefinite Leave to Remain in the UK.

وعلى الرغم من شعوري بسعادةٍ غامرة، إلا أنه ينتابني في المقابل إحساسٌ بالانزعاج من هذا المسار، إذ إن تجربةً كهذه ليست أمراً سهلاً يمكن التعافي منه بسرعة. فخلال المحنة، كان كلّ ما أملكه، وكلّ ما عملتُ بجهد لتحقيقه في المملكة المتّحدة، رهن قرارٍ واحدٍ من وزارة الداخلية.

شعرتُ بأننا كمَن يتجادل حول إذا كانت السماء زرقاء أم لا. وإذا كان لديّ الحقّ في البقاء والعمل في المملكة المتّحدة، فلماذا كان علي خوض غمار معركةٍ شرسة اتّسمت بتعقيدات كثيرة؟

رّبما لم أختر المجيء إلى المملكة المتّحدة حينما كنتُ طفلة، لكنني اخترتُ البقاء هنا وبناء حياةٍ ومهنة. وقد أحسستُ بأن التعذيب كان ثمن اتّخاذي هذا القرار.

والأسوأ من ذلك أنني لست وحدي في هذه التجربة. أنا  فقط أحد الأفراد المحظوظين، فيما يُمضي بعض الأشخاص أعواماً قيد حالٍ من التجاهل والنسيان، وهم غير قادرين على مواصلة حياتهم بسبب هذه المشكلة.

جديرٌ بالذكر أن هناك في الوقت الراهن حوالى 280 ألف مواطن من دول الاتّحاد الأوروبي ينتظرون اتّخاذ قرارٍ في شأن طلبهم المقدّم على تطبيق "تسوية أوضاع مواطني الاتّحاد الأوروبي في المملكة المتّحدة"، والرقم لا يشمل الأفراد الضعفاء الذين لم يتقدّموا بطلباتهم بعد.

وخلال فترة عملي على زيادة الوعي بالبرنامج، لم أفكّر مطلقاً في أنني سأكون في موقع الاضطرار إلى الدفاع عن نفسي. وفيما أدرك أنني كنتُ محظوظة للغاية، إلا أنني لا أستطيع التوقّف عن التفكير في وضع الأشخاص الذين لا يعرفون حتى حقوقهم [غير ملمين بها]، وهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم كما فعلت.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 30 مايو 2022.

© The Independent

المزيد من آراء