بملامح مألوفة للغاية، استقبلت منصة البحث "غوغل" جمهورها في صباح الرابع من يونيو (حزيران) 2022، إنه "الشيخ حسني" بشحمه ولحمه وبصيرته، يرفع عينيه غير المبصرتين إلى السماء كما يليق بشخصية حرة تعرف كيف تستمتع بالحياة، يتوسط الشارع وحوله أهل "الكيت كات"... احتفاء خاص بذكرى ميلاد الفنان المصري محمود عبد العزيز، الذي فارق الحياة في شتاء 2016، بينما لا يزال أثره محفوراً في الذاكرة.
جاء عيد الميلاد الـ76 للممثل، شديد الموهبة عذب الحضور محمود عبد العزيز، ليجده حاضراً كما لو كان حيّاً، بمشواره الراسخ في الوجدان العربي وبشخصياته التي قدمها ببراعة نادرة.
العائلة ترسل السلام
يحظى محمود عبد العزيز "مواليد منطقة الورديان بالإسكندرية عام 1946" بشعبية كبيرة بين فئات عدة، فيتسابق نجوم جيله وكذلك الشباب في كل عام على الاحتفاء بذكراه، بينما تحرص أسرته على الاحتفاء به بشكل خاص، بينهم أرملته المذيعة بوسي شلبي التي تسعى إلى زيارة مقبرته في مدينة الإسكندرية خلال مناسبات مختلفة، بينها ذكرى ميلاده، فنشرت صورها أخيراً بجوار المدفن وطلبت من المتابعين الدعاء للراحل، كما نشر نجله الفنان كريم محمود عبد العزيز صوراً عدة له محتفياً بذكرى ميلاده، واختار ابنه الفنان محمد محمود عبد العزيز التعبير عما يمثله له يوم ميلاد أبيه، ووصفه بأنه أحب تاريخ إلى قلبه، وتابع، "تاريخ البداية التي لم أكُن أتمنى لها نهاية، ولكنها الحياة. يوم ميلاد أبويا، الحاج محمود عبد العزيز، قدوتي وسندي وضهري وأماني، كنت وما زلت وستظل أغلى إنسان في حياتي". هذه المرة، شاركهم "غوغل" إرسال السلام والتحيات باحتفالية خاصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جيل استثنائي
ظهر محمود عبد العزيز الذي تخرج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية عام 1966 في توقيت صعب، فقد كان يتنافس مع فناني جيله الصاعدين في ذلك الحين لإيجاد مكان على خريطة الأوائل في عالم السينما، بينهم أحمد زكي وعادل إمام ويحيى الفخراني، بينما كان قد سبقهم بأعوام عدة محمود ياسين وحسين فهمي، وبعدهم جاء فاروق الفيشاوي ومحمود حميدة، فشكلت فترة الثمانينيات والتسعينيات الحقبة الأكثر ثراء بنجوم هذا الجيل، وبعضهم كان قد سبق وحقق وجوداً قوياً ومؤثراً في فترة السبعينيات بالفعل، وحينها ظهر أغلبهم في بطولات أمام السندريلا الراحلة سعاد حسني. ومن جهته، قدم محمود عبد العزيز معها "شفيقة ومتولي" 1978، و"المتوحشة" 1979، في حين يزيد رصيده بشكل عام على 115 عملاً على مدى تاريخه الذي امتد منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي بأعمال مثل فيلم "حتى آخر العمر" ومسلسل "الدوامة" ومسرحية "لوليتا" و"شلبي فوق السحاب" العمل الإذاعي، وصولاً إلى مسلسله الإذاعي "العملية صهللة" الذي انتهى منه قبيل وفاته بأشهر قليلة. إنه الكوميديان الرائق والعاشق الحزين والبطل الوطني الشجاع والأب المضحي المغلوب على أمره ورجل الأعمال الطموح، إذ كان الراحل لامعاً في السينما بأعمال مهمة فنياً وجماهيرياً، وكذلك نجماً تلفزيونياً صعب المجاراة، فالأعمال التي قدمها في الأعوام التي سبقت رحيله كانت تحجز مكانها في أفضل مواعيد الخريطة الرمضانية نظراً إلى تشوق الجمهور لموهبته. فقدّم في سنواته الأخيرة، مسلسلات حققت شهرة كبيرة وهي "باب الخلق" و"جبل الحلال" و"راس الغول"، وكان ظهوره السينمائي الأخير عام 2009 بفيلم "إبراهيم الأبيض" مع أحمد السقا وهند صبري وإخراج مراوان حامد، يمثل وداعاً يليق به لشاشة الفن السابع التي لطالما عشقه جمهورها، فتميّز للغاية في تجسيد دور عبد الملك زرزور، وباتت الشخصية من العلامات في مسيرته.
أفلام مهمة ومغنٍّ خفيف الظل
يتداخل حضور محمود عبد العزيز في الذاكرة الشعبية بمشوار حافل من الصعب حصره في أسطر، فأبرز ما يلفت النظر إليه أنه شديد التنوع، فكانت لديه ميزة أنه ومنذ وقت مبكر، أدرك قيمة الوجود التلفزيوني. وعلى الرغم من أن أعماله السينمائية أكثر غزارة، لكنه في عز نجوميته حرص على تقديم مسلسلات ناجحة ولم يلجأ إليها فقط بعدما وجد السينما تعاني مثلما فعل زملاء جيله بغالبيتهم، ومن أشهر مسلسلاته "البشاير" و"ثلاثية رأفت الهجان" و"الإنسان والمجهول" و"عاشت مرتين" و"محمود المصري"، وبالطبع يحفل مشواره بأفلام كثيرة ذات شعبية بينها "الحفيد" و"الساحر" و"الشقة من حق الزوجة" و"سوق المتعة" و"زيارة السيد الرئيس" و"سيداتي آنساتي" و"الدنيا على جناح يمامة" و"إعدام ميت" و"الكيف" و"عفواً أيها القانون" و"العار" و"العذراء والشعر الأبيض" و"البنات عايزة إيه"، وبالطبع "الكيت كات" 1992 الذي أخرجه داوود عبد السيد عن قصة لإبراهيم أصلان وهو الفيلم ذائع الصيت الذي زيّن به "غوغل" أيقونته، احتفاء بالممثل الذي يلقب بـ"الساحر".
محمود عبد العزيز نجح في أن يضحك الجمهور بكوميديا غير تقليدية بالمرة، فلم يسجن نفسه في أدوار الرومانسية التي كان يستهل بها أي نجم يتمتع بوسامته مسيرته، بل على العكس تمرد وانتصر لموهبته الشاسعة، تلك الموهبة التي جعلته إلى جانب كونه ممثلاً مهماً في تاريخ السينما العربية، أيضاً مغنياً خفيف الظل بأداء لا يُنسى في أفلام مثل "الكيف" و"الكيت كات" و"الجينتل" و"القبطان".