تسعى دول أوروبية مع الولايات المتحدة إلى توجيه اللوم لإيران، بينما بدأ اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الإثنين السادس من يونيو (حزيران)، في ظل تعثر المحادثات الرامية إلى إحياء اتفاق 2015 النووي.
ويعتبر مشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، مؤشراً إلى نفاد صبر هذه الدول، في وقت يحذر دبلوماسيون من أن فرص إنقاذ الاتفاق النووي تتضاءل.
ويجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الإثنين وحتى الجمعة في فيينا، حيث انطلقت المحادثات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق في أبريل (نيسان) 2021، بهدف إعادة الولايات المتحدة إليه ورفع العقوبات المفروضة على إيران مجدداً، وحضها على الحد من أنشطتها النووية.
وكان اتفاق 2015 أتاح رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران في مقابل تقييد برنامجها النووي، إذ إن مفاعيله باتت في حكم الملغاة منذ انسحاب واشنطن منه في عهد دونالد ترمب عام 2018 وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، مما دفع الأخيرة إلى التراجع عن التزامات بموجبه، وطرأ الجمود على محادثات إعادة إحيائه خلال الأشهر الأخيرة.
الفرص تتقلص
مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يتولى تنسيق المحادثات حذّر في تغريدة نهاية الأسبوع من أن فرص العودة للاتفاق "تتقلص". وأضاف، "لكن ما زال بإمكاننا تحقيق ذلك عبر بذل جهد إضافي".
وفي تقرير أواخر الشهر الماضي، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود أسئلة لم تحصل على "توضيحات" في شأنها، تتعلق بوجود آثار يورانيوم مخصب عثر عليها سابقاً في ثلاثة مواقع لم تعلن إيران أنها كانت تجري فيها أنشطة نووية.
وتوعدت إيران "برد فوري على أي خطوة سياسية" من جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث.
وحذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، الأحد، من أن "الأطراف التي تعرقل المسار الدبلوماسي ستتحمل مسؤولية تبعات اعتماد أي قرار ضد إيران" في مجلس المحافظين.
لا مبرر لفشل إيران
وقالت الخبيرة لدى "رابطة ضبط انتشار الأسلحة" كيلسي دافنبورت للصحافة الفرنسية، إنه "لا مبرر لفشل إيران المتواصل في التعاون على نحو ذي مغزى مع تحقيق الوكالة".
وأضافت دافنبورت، "يعد إصدار قرار يوبخ إيران ضرورياً لبعث رسالة مفادها بأن رفض التعاون مع الوكالة والإخفاق بالالتزامات المتعلقة بالضمانات سيواجه بعواقب".
بدورها، حذرت الصين وروسيا اللتان ما زالتا طرفاً في الاتفاق النووي إلى جانب بريطانيا وألمانيا وفرنسا، من أن أي قرار من هذا النوع سوف أن يعرقل المفاوضات.
ودعا السفير الروسي ميخائيل أوليانوف عبر "تويتر" الاتحاد الأوروبي إلى "مضاعفة الجهود الدبلوماسية"، محذراً من أن اجتماع مجلس محافظي الوكالة سيسوده "التوتر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل تنهار المحادثات؟
وحتى إن ساد التوتر فيستبعد بأن تنهار المفاوضات، بحسب الباحث في "المعهد الدولي للدراسات الإيرانية - رصانة" كليمان تيرم.
وقال، "نظراً إلى حرب أوكرانيا فإن الأوروبيين غير مستعدين لإشعال أزمة جديدة مع إيران في وقت يتعاملون بالفعل مع أزمة مرتبطة بروسيا" التي اجتاحت جارتها في فبراير (شباط).
وأشار تيرم إلى أن القرار سيصاغ "بطريقة لا تغلق الباب أمام إجراء مزيد من المفاوضات".
وكانت المحادثات علقت رسمياً في مارس (آذار) مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن بقيت نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية، وهو طلب امتنعت واشنطن من تلبيته، خصوصاً قبيل انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني).
الثمن السياسي
وقالت دافنبورت إن "الثمن السياسي الذي سيدفعه الرئيس الأميركي جو بايدن لقاء رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني باهظ، لكنه يبدو ضئيلاً لدى مقارنته بالتهديد الذي تمثله إيران المسلحة نووياً".
وأشارت إلى أن على إدارة بايدن أن تضاعف جهودها للتوصل إلى "مقترحات مبتكرة لإعادة المفاوضات إلى مسارها".
وبحسب آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تملك إيران حالياً 43.1 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وفي حال تخصيبه بنسبة 90 في المئة فسيصبح من الممكن استخدامه لصنع قنبلة ذرية في غضون أقل من 10 أيام، بحسب تقرير نشرته دافنبورت الأسبوع الماضي.
وقالت إن "التسلح سيستغرق من عام إلى عامين، لكن عملية الكشف والتعطيل ستكون أكثر صعوبة فور نقل إيران اليورانيوم المستخدم لصنع الأسلحة من منشآت التخصيب المعلنة التابعة لها"، فيما تنفي طهران مراراً وجود أي نيات لديها لتطوير سلاح نووي.