قال دومينيك راب، نائب رئيس الوزراء، قبل عشرة أيام إن "قلبك ينفطر" عندما تسمع عن أم تحرم نفسها من وجبات الطعام لكي تطعم ابنها، لكنه ألغى في الوقت نفسه الوجبات المدرسية المجانية خلال العطلة الصيفية. إذا كان يتساءل لماذا تتفاقم النظرة السلبية إلى حزب المحافظين إذ يعتبر أنه عديم الرحمة، فعليه وبوريس جونسون التريث قليلاً للتفكير في السبب.
في الواقع، هناك خطب ما في هذا البلد، والحكومة ملزمة أخلاقياً بتصحيحه. لم تكن بنوك الطعام سمة مألوفة في حياتنا اليومية في هذه الأمة الغنية إلى أن تشكلت الحكومة الائتلافية. والجدير بالذكر أن مسألة ما إذا كان الأطفال الذين يتناولون وجبات مدرسية مجانية سيحصلون على ما يكفيهم من الطعام في أيام العطل المدرسية لم تتحول إلى مسألة شائكة إلى أن لفتت حملة ماركوس راشفورد، لاعب كرة القدم، الانتباه إلى هذه القضية قبل عامين.
والآن، رفعت أزمة تكلفة المعيشة مستوى البؤس، ودفعت مزيداً من العائلات إلى الصراع المهين من أجل ضمان إطعام أطفالهم بشكل كاف. وفي ذلك الإطار، قدرت مؤسسة الغذاء أن 2.6 مليون طفل في المملكة المتحدة يعيشون في عائلات تفوت وجبات أو تجد صعوبة في توفير الطعام لأفرادها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق تقريرنا اليوم، فالحملة الرامية إلى توسيع أهلية حصول أطفال جميع الأسر على وجبات مدرسية مجانية على حساب الائتمان الشامل (universal credit)، وتوسيع نطاق توفير برامج الطعام خلال العطلات، تكثف جهودها الهادفة إلى إقناع الوزراء. وفي سياق متصل، قال الموقر الدكتور آلان ويلسون، أسقف باكنغهام، لصحيفة "اندبندنت" إنه يعتقد أن المملكة المتحدة "تتراجع" في ما يتعلق بهذه القضية. أما روبرت هالفون، رئيس لجنة التعليم التابعة لمجلس العموم عن حزب المحافظين، فقد حث الحكومة على التأكد من أن الأطفال لا يقعون ضحية الثغرات الموجودة في النظام هذا الصيف.
وتجدر الإشارة إلى أن الحملة مدعومة من نقابات التدريس والجمعيات الخيرية ووزيري التعليم السابقين جوستين غريننغ وآلان جونسون، وصادق خان، رئيس بلدية لندن.
في الحقيقة، تدرك صحيفة "اندبندنت"، شأنها شأن كل أولئك النشطاء، أن الأموال العامة ليست بلا حدود. وخلافاً لبعض الصور التي تصف الحكومة بأنها تضم مجموعة من الأعضاء الأيديولوجيين المنتمين إلى دول الكومنولث الصغيرة والمصممين بشدة على "التقشف"، فنحن نعرف أن إدارة جونسون قد تعلمت من بعض الأخطاء التي ارتكبت خلال سنوات الحكم الائتلافي.
واستطراداً، تبين أن دعم فواتير الطاقة الذي يركز بشكل خاص على ذوي الدخل المنخفض والذي أعلن عنه وزير المالية ريشي سوناك الشهر الماضي، كان مكلفاً. وعلى الرغم من ذلك، هذه هي الخطوة الصحيحة التي كان ينبغي القيام بها، ليس لأسباب تتعلق بالعدالة الاجتماعية فحسب، بل لتجنب مخاطر الركود الذي من شأنه أن يضر بالناس بغض النظر عن مستويات دخلهم.
في المقابل، لا تزال هناك ثغرات في الدعم الذي توفره الدولة، ستؤثر سلباً في الأطفال، إذ إن مساعدة ذوي الدخل المنخفض على تلبية معدل الزيادة في فواتير الطاقة لا تمنع تعرض عائلات كثيرة لارتفاع أسعار المواد الغذائية والضروريات الأخرى. وتتمثل إحدى الطرق التي تضمن ألا يؤدي ذلك إلى تجويع الأطفال، في توسيع نطاق توفير الوجبات المدرسية المجانية، سواء ضمن فترة الفصل الدراسي أو خارجه. بالمقارنة مع حزمة دعم فاتورة الطاقة التي تبلغ تكلفتها 15 مليار جنيه استرليني، فإن توفير الوجبات المدرسية المجانية "المراعية للثغرات" سيتطلب مبالغ متواضعة من المال العام.
لسوء الحظ، يبدو أن الحكومة قد فشلت بالفعل في اغتنام فرصة متاحة لاتخاذ إجراءات مناسبة، من خلال السماح للتقرير الخاص باستراتيجية الغذاء يوم الاثنين بإظهار نهج عدم التدخل الذي تعتمده، ليس تجاه الغذاء الصحي للأطفال فحسب، بل أيضاً تجاه تشجيع الأكل الصحي للجميع.
إذا أراد الوزراء ألا يعتبروا بلا قلب، فما عليهم إلا اتخاذ إجراءات لمنع تجويع الأطفال تظهر أن في قلوبهم رحمة.
© The Independent