قفز الروبل الروسي في بورصة موسكو إلى أعلى مستوياته منذ يوليو (تموز) 2015 أمام الدولار الأميركي، متجاهلاً بذلك العقوبات الغربية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بسبب الحرب الأوكرانية، وكان السعر الحقيقي الحالي للروبل قد زاد بأكثر من 40 في المئة عن مستواه خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يمثل تحدياً خطراً للمنتجين المحليين الذين سيفقدون قدرتهم على المنافسة بعد استعادة قنوات الاستيراد.
وخلال تعاملاته الأخيرة وسع الروبل الروسي مكاسبه في بورصة موسكو بعد أن صعد إلى أعلى مستوياته منذ يوليو 2015 أمام الدولار، واستقر الروبل الروسي بالقرب من أعلى مستوياته في سنوات عدة بدعم من ضوابط رأس المال، وقد يستمر في الارتفاع في وقت لاحق هذا الشهر بسبب مدفوعات الضرائب في نهاية الشهر.
العملة الروسية
وقفزت العملة الروسية 1.7 في المئة لينخفض سعر صرف الدولار إلى نحو 55.44 روبل، مما يشير إلى تحقيق العملة الروسية مكاسب تتجاوز 34 في المئة مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام الحالي، والمستوى الحالي للعملة الروسية هو أعلى مستوى خلال سبع سنوات وتحديداً منذ يوليو من العام 2015.
وتشير البيانات إلى أن سعر صرف الدولار الأميركي انخفض من مستوى 74.13 روبل في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى نحو 55.44 روبل في الوقت الحالي، مما يعني خسارة العملة الأميركية لنحو 18.69 روبل خلال ستة أشهر.
وباتت العملة الروسية الأفضل أداء في العالم هذا العام مدفوعة بعائدات روسيا المرتفعة من صادرات السلع والانخفاض الحاد في الواردات إلى جانب فرض حظر على سحب المدخرات من العملات الأجنبية.
البنك المركزي يرفض استيراد التضخم
وفي تصريحات شديدة اللهجة، حذر نائب رئيس البنك المركزي الروسي ألكسي تسابوتكين من أخطار محاولة التحكم في سعر الروبل أمام العملات الأجنبية بعيداً من آليات السوق، وقال أمام لجنة الشؤون المالية في مجلس النواب الروسي إن أي أفكار تتعلق باستهداف سعر صرف معين للروبل ستؤدي إلى "تراجع الفاعلية ويقلص سيادة" السياسة النقدية التي يتم تبنيها، وأوضح أن "أي سعر صرف ثابت يعني أننا نتنازل بالفعل عن السياسة النقدية المستقلة لمصلحة الدول التي نريد تثبيت سعر الصرف أمام عملتها"، وقال إن ربط الروبل بعملات الدول الأخرى التي تعاني ارتفاع أسعار المستهلك فيها بمعدلات تتراوح بين ثمانية و10 في المئة يعني استيراد روسيا هذا التضخم من الخارج، وهو "أمر غير مقبول".
في المقابل، استغل كبار صانعي السياسة المنتدى الاقتصادي الروسي السنوي في سان بطرسبورغ الأسبوع الماضي لتسليط الضوء على قوة الروبل الأخيرة، وتشير التوقعات إلى أن العملة الروسية ستواصل مكاسبها مقابل نظيرتها الأميركية خلال التعاملات المقبلة، إذ ستحتاج الشركات إلى دفع الضرائب، وعادة ما تحول الشركات التي تركز على التصدير عائداتها من الدولار واليورو إلى العملة المحلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصدر قراراً بإعفاء المصدرين من قانون يلزمهم بتحويل نصف أرباحهم الخارجية إلى الروبل بعد تعافى العملة الروسية، ووفقاً لمرسوم رئاسي صدر قبل أيام، ستحدد لجنة حكومية مقدار ما سيتعين عليهم تحويله من إيراداتهم، وتأتي هذه الخطوة بعدما تم فرض عقوبات غربية رداً على حرب موسكو على جارتها أوكرانيا.
وعندما تراجعت قيمة الروبل مقابل الدولار بعد بدء العملية العسكرية التي تنفذها روسيا في أوكرانيا، طبقت موسكو مجموعة من التدابير لإحداث استقرار للعملة بما في ذلك فرض حظر مؤقت على تحويل المواطنين أموالهم إلى الخارج، ومنع البنوك من دفع عملات أجنبية للمواطنين، كما ألزم قانون آخر الشركات التي تحقق دخلاً من الصادرات بالعملات الأجنبية أن تحوله للروبل، غير أن الروبل ارتفع حينئذ في وقت أدت العقوبات إلى تراجع الواردات أيضاً، ومن ثم الطلب على الدولار واليورو.
تجميد أصول بقيمة 13 مليار دولار
في المقابل، كشف المتحدث باسم المفوضية الأوروبية كريستيان ويجاند أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد أفراد الأوليغارشية الروسية جمدت أصول بقيمة نحو 12.5 مليار يورو (13 مليار دولار)، وأضاف ويجاند مؤكداً تقريراً صادراً عن صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن الرقم المحدث تضاعف تقريباً من 6.7 مليار يورو (6.698 مليار دولار) في أبريل (نيسان) الماضي، وتشمل الأرقام يخوتاً فخمة وعقارات ومروحيات وتحفاً فنية، غير أن الرقم الإجمالي لا يشمل الأصول المجمدة من البنك المركزي الروسي، وقالت مصادر من المفوضية الأوروبية إن الزيادة ترجع في الأساس لارتفاع طفيف في الأصول التي تم رصدها وتجميدها في الأسابيع الأخيرة، لا سيما في ألمانيا.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا تبنى الاتحاد الأوروبي جولات عدة من العقوبات التي استهدفت الاقتصاد والنظام المالي والبنك المركزي وكبار المسؤولين الحكوميين في روسيا، وكذلك الرئيس فلاديمير بوتين ودائرته الداخلية.
العقوبات
وقبل أيام قال بوتين إن هدف العقوبات المفروضة على روسيا كان إسقاط الاقتصاد الروسي، ولم ينجحوا لأن قطاع الاقتصاد الروسي عمل بكفاءة وكرس الشعب الروسي وحدة الصف، ولقد اعتقدوا أن الدولار سيصبح 200 روبل، واليوم اتضحت الحملة الدعائية.
وأوضح خلال كلمته في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي أن خسائر الاتحاد الأوروبي المباشرة من فرض العقوبات ضد روسيا بلغت إلى الآن 400 مليار دولار، وأكد أن الموازنة الروسية في 2022 ستسجل فائضاً بقيمة ثلاثة تريليونات روبل (51.7 مليار دولار)، مشيراً إلى أن المعروض النقدي نما في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين بنسبة 38 في المئة، وفي الاتحاد الأوروبي فقد زاد بنسبة 20 في المئة فقط.
وأشار إلى أن العقوبات الغربية كانت مصممة على أن الاقتصاد الروسي هش وتابع وغير مستقل، متهماً دول الغرب بأنها تعتبر كل الدول الأخرى مجرد مستعمرات من الدرجة الثانية، مؤكداً أن لدى روسيا شعباً قوياً وسنتعامل مع أي مشكلة، وهذا يتضح من تاريخ بلادنا الممتد على مدى 1000 عام.