عبر القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر عن رفضه مبادرة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج لحل الأزمة الليبية، واصفاً إياها بغير المجدية. وطرح حفتر رؤية مختلفة تشمل مرحلة انتقالية لما بعد معركة طرابلس تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية بديلة من حكومة الوفاق التي تدعمها الأمم المتحدة. وجاء هذا الموقف متناغماً مع موقف كتلة نواب برقة في مجلس النواب الليبي بطبرق، التي رفضت مبادرة السراج أيضاً، وإن اختلفت مع طرح ورؤية الجيش لطبيعة الحل ومرحلة ما بعد معركة العاصمة طرابلس.
وقال حفتر، في تصريحات أدلى بها إلى صحف ليبية، إن الجيش الليبي عندما أطلق عملياته في طرابلس لم يكن يسعى إلى القفز على المسار السياسي، بل إلى تصحيح أوضاع أمنية هشة تعرقله، موضحاً أن "الحل لا بد أن يكون عبر المسار السياسي وبمشاركة كل الليبيين. العملية العسكرية تستهدف تصحيح أوضاع أمنية مستعصية عجزت كل السبل السياسية عن معالجتها، من وجود القيادات الإرهابية ونشاطها في تجنيد خلايا داخل طرابلس إلى وجود وانتشار الميليشيات وسيطرتها على أموال الشعب الليبي في مصرف ليبيا المركزي، وممارستها الخطف والابتزاز إلى تنامي نشاط الجماعات الإجرامية وعصابات الجريمة المنظمة والمتاجرة بالبشر وتهريب النفط والمحروقات، إضافة إلى جماعات الإسلام السياسي التي عطلت الحياة السياسية وأفسدت مناخها، بل وصلت بها الأمور إلى تنفيذ أجندات خارجية تتعارض مع مصالح الشعب الليبي تماماً".
وأضاف "هذا الجزء باختصار هو المستهدف من العملية العسكرية، وما عدا ذلك سيجد له الشعب الليبي الحلول عبر الحوار والنقاش بوسائل سلمية وسياسية وديمقراطية".
وحول ملامح مرحلة ما بعد تحرير طرابلس وانتهاء المهمة العسكرية، أوضح أن عملية سياسية انتقالية ستبدأ مباشرة بعد توقف المعارك. وأضاف "بشكل سلس وطبيعي أيضاً، سندخل في مرحلة انتقالية واضحة ومنضبطة هذه المرة، من حيث المدة والصلاحيات. ومن المهم أن تُنجز في هذه المرحلة مهام أساسية عدة، كحل الميليشيات ونزع سلاحها ومنح الضمانات لكل من يتعاون في هذا المجال، وحل كافة الأجسام المنبثقة من اتفاق الصخيرات الذي انتهت مدته وفشل في إيجاد أي مخرج للأزمة بل خلق أزمات، وطبعاً تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مهمتها التجهيز لهذه المرحلة الدائمة التي نتحدث عنها".
وأوضح "سيكون من مهام حكومة الوحدة الوطنية التجهيز للانتخابات وعودة المسار الديمقراطي والعمل على مشروع قانون انتخابات جديد خالٍ من العيوب السابقة"، إضافة إلى "تشكيل لجنة صياغة دستور جديد ووضع مشروع قانون الاستفتاء عليه، وكذلك إعادة التوازن لقطاع النفط وعوائده، وحل مشاكل الناس العالقة وتسهيل شؤون حياتهم المعيشية، خصوصاً إنهاء أزمة السيولة، وكذلك الشروع في توحيد مؤسسات الدولة وإداراتها بعد سنوات الانقسام والعبث الذي تسببت فيه الأجسام السابقة خلال صراعها غير القانوني على السلطة وانقلابها على تعهداتها وارتهانها للميليشيات".
مبادرة السراج بلا جدوى
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعند سؤاله عن رأيه بمبادرة السراج، قال "لا أعتقد أن لديه ما يقوله. فهذا الرجل مرتبك وقراره ليس في يده، لقد خَبِرته وعرفته جيداً منذ سنوات عدة وتحدثت معه بشكل مباشر كما تعلمون. إنه حقاً لا يدري ماذا يريد، ولا يستطيع أن يوقع أي اتفاق، ودائماً ما يُشعرك من دون أن يدري بأن هناك جهة ما هو مرعوب منها بشدة وبدرجة لا توصف".
وأضاف "المبادرة بالإضافة إلى إنها تفتقد الجدية وخالية من بنود معالجة أسباب الأزمة، فهي أيضاً ليست للسراج بل هي عبارة عن صدى لكلام غسان سلامة المكرر. فالمبادرات لا معنى لها ما لم تكن شجاعة وتحمل بنوداً صريحة تمس صلب الأزمة وتعالجها جذرياً، ولذا فهي غير ذات قيمة وردنا عليها هو ذات ردنا على ما قاله سلامة سابقاً".
مبادرة "نواب برقة"
أصدرت كتلة نواب برقة (إقليم جغرافي يمثل شرق ليبيا) بياناً رفضت فيه المبادرة التي أطلقها السراج، معتبرة أنها "تناصر المجموعات المتطرفة والإرهابية في ليبيا".
وطرحت الكتلة مبادرة بديلة، قالت إنها تهدف إلى حقن الدماء يتم فيها الاتفاق "على اتخاذ مدينة سرت مقراً للمؤسسات التشريعية والتنفيذية وتشكيل سلطة جديدة يشارك فيها الجميع باستثناء الجماعات الإرهابية"، معتبرة أن جذور الأزمة ترجع إلى المركزية الإدارية والسياسية وتمركز المؤسسات في العاصمة، ما يزيد من حدة الصراع للسيطرة عليها.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة تسبق الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في مدينة طرابلس، ثم إجراء انتخابات على قاعدة دستور الاستقلال واللامركزية الدستورية والسياسية، تنهي الأزمة السياسية وتحقق التنمية المكانية وعدالة التوزيع وتكافؤ الفرص.