من حبل المشنقة إلى المؤبد، بدت فصول أكثر القضايا في الكويت جدلاً وإثارة تمرّ بفصولها الأخيرة بعد أن ألغت محكمة الاستئناف الكويتية عقوبة الإعدام بحق مختطف فتاة كويتية تعرف بفرح أكبر، وقتلها عمداً، وقضت المحكمة بدلاً من ذلك بالحبس المؤبد، وهو الحكم الذي لا تزال أصداؤه تواجه ردود فعل غاضبة من مناصري الفتاة.
وبحسب صحف كويتية أوردت الخبر، ومنها صحيفة "القبس" المحلية، فإن المحكمة الكويتية العليا أكدت أن المتهم "يستحق هذه العقوبة".
ويأتي نقض الحكم بعد أن قضت محاكم الدرجة الأولى في السادس من يوليو (تموز) الماضي، بإعدام القاتل الذي واجه أثناء جلسات المحاكمة سبع تهم هي "الخطف عن طريق القوة، القتل عمداً مع سبق الإصرار، خطف قاصر بالقوة، تهديد بإلحاق الضرر، إتلاف مركبة عمداً، السير على رصيف المشاة، والدخول عكس السير".
وفي أول حديث لمحامي فرح أكبر عقب إصدار الحكم الأخير، قال عبد المحسن القطان لـ "القبس" إنهم سيتقدمون بطلب أمام محكمة التمييز لإعادة عقوبة الإعدام مجدداً، وأضاف، "بصفتي وكيل ورثة المغدورة فرح أكبر، سنتقدم بطلب للنيابة العامة لتمييز الحكم وكذلك بالطعن أمام محكمة التمييز على الحكم الصادر باستبدال عقوبة حكم الإعدام لقاتلها إلى عقوبة الحبس المؤبد وسنطالب بالإعدام مجدداً".
الحكومة بيدي
ونشرت دانة أكبر، وهي محامية وشقيقة الضحية، مقطع فيديو وهي تتحدث بلهجة شعبية عن القاتل، "كان يقولها بكل مخفر، اصحي الحكومة بيدي (في يدي) ما تقدرون علي"، قبل أن تضيف الفتاة، "أول درجة أنصفنا القضاء" وتعني بحكم الإعدام.
وتواصل متعجبة في حديثها، "لكن بالاستئناف يعطى مؤبداً، كيف يتم ذلك، وهناك ثلاثة أطباء شهود وآخرون شهود، طعنة 21 سنتيمتراً، وحرقة اليتامى والأم"، وختمت حديثها الغاضب ساخرة، "شكراً يا قضاءنا شكراً".
يذكر أن قضية فرح أكبر التي هزت وجدان كثيرين ليس في الكويت وحسب، بل في العالم العربي، تعود تفاصيلها لشهر أبريل (نيسان) العام الماضي 2021، حين قام مواطن باختطاف فرح أكبر (32 سنة) في شهر رمضان، بعد اصطدام مركبتها، وطعنها أمام طفلتيها في منطقة "صباح السالم"، قبل أن يقوم بإلقائها في مستشفى "العدّان"، وهي تنزف لتفارق الحياة قبل أن يتمكن الأطباء من إسعافها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومرت القضية، التي رافقتها دعوة النساء في الدولة الخليجية للخروج في تظاهرات أكثر من مرة من أجل فرح، بسلسلة جلسات ومحاكمات تدخّل فيها أطباء من الطب الشرعي وشهود عين ومحامون. وقالت المحكمة في أحد فصول المحاكمة للمتهم إن "من يقوم بهذه الأفعال لا يستحق الرأفة، ومن لم تردعه الأخلاق، لا يردعه إلا سيف القانون".
اعترافات الجاني
كما مرت المحاكمات بتناقضات عديدة من المتهم، أولها حين حاول إنكار الاتهامات الموجهة إليه، زاعماً أن المجني عليها أخرجت سكيناً من الدرج وطعنت نفسها به، إلا أنه بمواصلة التحقيق معه، اعترف بطعنها بسكين نتيجة غضبه لإصرارها على رفض الارتباط به، والتواصل معه، إضافة إلى رفضها التنازل عن قضاياها ضده.
ومن ضمن الاعترافات التي دعت لتغليظ العقوبة عليه، اعترف الجاني أنه قام، "بوضع جهاز تتبع عبر الأقمار الاصطناعية في مركبتها حتى رصدها يوم الواقعة في ضاحية صباح السالم، مع طفلتها، وطفل شقيقها، إذ كانوا متوجهين إلى صالون نسائي، وكانت تتبعها شقيقتها بمركبة أخرى". وفي تفاصيل تكشفت لاحقاً، حين حاول الجاني اعتراض سبيلها "قامت شقيقتها بمحاولة حمايتها بمركبتها إلا أن الجاني قام بصدم مركبتها وخطف المجني عليها بمركبتها".
وفي اعترافاته أيضاً، يقول الجاني إنه "ترك مركبته في الطريق، وصعد مركبة المجني عليها، وقام بقيادتها، وفي الطريق، وتحديداً في منطقة العدان، طعنها طعنة نافذة في الصدر أمام الطفلين، وحاول بعدها إسعافها إلى مستشفى العدان حيث كانت على قيد الحياة، لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة في المستشفى".
وعقب الطعنة النافذة التي أودت بحياة الفتاة الكويتية، وحين تركها على أبواب الإسعافات الطارئة، قال القاتل إنه ذهب بمركبة أجرة إلى منزل ذويه في منطقة الرقة، وهي منطقة غير بعيدة من مكان الجريمة، وغيّر ملابسه، قبل أن يسارع الخطى نحو الاحتماء في أحد فنادق منطقة حولي، لكنه لم يلبث طويلاً حتى تم تحديد موقعه وضبطه وتحريز ملابسه من منزله في منطقة الرقة، والتي كانت ملطخة بالدماء، وكانت رابع الشهود عليه مع ثلاثة أطباء.
تظاهرات ضد العنف على النساء
وبعد ارتكاب الجريمة، خرجت منظمات مجتمع مدني نسائية في تظاهرات وطالبت بالإعدام للمتهم في القضية التي عُرفت باسم "جريمة صباح السالم"، رافعة لافتات منددة به كُتب عليها "دم فرح لن يضيع"، و"لن نقبل بغير القصاص" و"الإعدام للقاتل". وقالت رئيسة الجمعية الثقافية النسائية في الكويت لولوة الملا لوسائل إعلام عالمية بعد الحادثة، "النساء في الكويت يطالبن بالحماية من التحرش والإيذاء والقتل من خلال توفير مراكز إيواء لهنّ وقوانين تحميهنّ من التحرش، وجهة بديلة عن مراكز الشرطة لاستقبال شكاويهنّ". وبحسب الملا، "تعرّضت فتيات كثيرات للتحرش وحتى القتل، وفرح أكبر هي القشة التي قصمت ظهر البعير. لقد طفح الكيل".