"قوة البشير قوة فاسدة، حركات حركات قوة فاسدة، عذبوا البنات قوة فاسدة، جننوا البنات قوة فاسدة". كلمات لأغنية اشتهرت خلال الثورة السودانية بأصوات أطفال ولحن متزن ورقصات متناسقة. عمل فني بمثابة رسالة إلى الحكومة السابقة من أطفال يريدون مستقبلاً أفضل.
برزت العديد من الأغاني الثورية خلال الأحداث الأخيرة في السودان، منها ما هو قديم، ومنها ما ولد في ساحة الاعتصام وتردد بكثرة، وانتشر بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو استعمل لحث الناس على المشاركة في الثورة أو العصيان المدني. وأسهم شعراء معروفون منذ زمن بعيد في إثراء الساحة الغنائية السودانية بكلمات ما زالت ذات تأثير كبير على الرغم من مرور عشرات السنين على إطلاقها، وهذا دليل على أن الفنون قادرة على إحداث الفرق وتخليد الذكرى. وكما يقول الشاعر محمد الفيتوري "أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقٍ".
حركة نضال مستمرة
ويعود سبب اكتظاظ الساحة السودانية بالأغاني الثورية المختلفة إلى حركة النضال والمقاومة المستمرة، وإسقاط أنظمة عسكرية عدة جعلت الشعراء ينشطون في كتابة الأغاني. قدم الشاعر محمود الجيلي كلمات خدمت الثورة السودانية، وغناها فنانون معروفون، منهم هدى عربي التي غنت أغنية "بمبان برجعوا ليك" التي تفاعلت مع الشابة التي أرجعت ثلاث عبوات (بمبان) للأجهزة الأمنية بعد أن رموها على المتظاهرين أثناء الاحتجاجات الشعبية.
يقول الجيلي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "الأغاني مهمة في دفع العملية الثورية ودائماً ما تعبر عن روح الثورة، وتوثيقها للأجيال القادمة، أما ما يخص الأغاني التي خصت النساء فالثورة أنثى، والنساء لهن بصمة واضحة فيها ولا أحد يستطيع إنكار ذلك".
نانسي عجاج
منذ ثورة ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نشطت الفنانة السودانية نانسي عجاج في خدمة الثورة بعبارات تحفيزية وأغانٍ، وشاركت في ميدان الاعتصام الذي فض بكثير من الأغنيات التي ألهبت نفوس الناس، ولها كلمات أغنية باتت أيقونة تقول فيها "لو خوفنا راح، وطريقنا مرصوف بالثبات ومشينا للحرية صاح... لا بد أكيد. مهما طال الليل ضناهو الفجر جاي وضناهو عيد ونعود عزاز زي مامضى. ونفوسنا يرويها الرضى".
إنتاج نانسي الغزير، جعل منها فنانة الثورة الأولى ووجودها في ساحة الاعتصام وساحات النضال هي وغيرها من الفنانين جعل الترويج للثورة أكبر، والدليل على تأثير الفن والغناء الثوري في الشعب السوداني، إبعاد عدد من الفنانين من ساحة الاعتصام وساحات التظاهرات تعبيراً عن حزن الجمهور لعدم مشاركتهم بأغانٍ مخصصة للثورة.
شادن حسين
فضلت الفنانة الشعبية شادن حسين العمل الميداني وشاركت الثوار في ترديد الأغنيات ذات الإيقاع البسيط، معتبرة أن مشاركة الثوار تفاصيلهم يترك أثراً أعمق ويدفع بالثورة إلى الأمام.
"الميرم والكنداكة" إحدى الأغنيات التي أطلقتها شادن في ساحة الاعتصام، وتتحدث عن تأثير المرأة في الحراك. كما حاز الفنان محمد ماو، على أعلى نسب مشاهدة بعد مشاركته بأغاني راب داعمة للثورة، وأقام حفلاً حضره الملايين في اعتصام القيادة العامة للجيش السوداني.
ولا تقتصر الأغاني الثورية على الفنانين المخضرمين فحسب، بل ينعكس ذلك على الجيل الجديد أيضاً. إذ يعمل الفنان الشاب محمد براون على تسجيل أغانٍ جديدة، تعبر عن ضرورة المقاومة وتخدم الفترة المقبلة بعد حالة الركود السياسي.