بدأ فلاديمير بوتين تقليص إمدادات الغاز إلى أوروبا، ما فاقم الضغط على إمدادات الطاقة في القارة العجوز. ويخشى الزعماء الأوروبيون والشركات الأوروبية أن تواصل روسيا فرض سلطتها على القارة مع اقتراب فصل الشتاء، بما يتسبب بتراجع المخزونات.
فهل نحن في انتظار شتاء من الانقطاعات الكهربائية وتقنين الطاقة؟
ماذا حدث؟
الأسبوع الماضي، خفضت روسيا إمدادات الغاز إلى خمسة بلدان في الاتحاد الأوروبي من بينها ألمانيا، فقد قلصت "غازبروم"، شركة الطاقة الروسية المملوكة للدولة، إمداداتها إلى ألمانيا بنسبة 60 في المئة وتراجعت إمدادات الغاز المتدفقة من روسيا إلى إيطاليا إلى النصف. كذلك شهدت جمهورية تشيكيا وسلوفاكيا والنمسا تخفيضات في الإمدادات.
وكانت الإمدادات إلى بولندا وبلغاريا والدنمارك وفنلندا وفرنسا قد توقفت بالفعل.
وتعتبر الجولة الأخيرة من التخفيضات أكثر أهمية لأن ألمانيا تعتمد في شكل خاص اعتماداً كبيراً على الغاز الروسي لمد المساكن والتصنيع بالطاقة.
هل ينفد الغاز في أوروبا؟
تزود روسيا أوروبا بـ40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، وعليه، يعني التوقف التام عن الضخ أن البلدان لن تتمكن من الوصول إلى الوقود الذي تحتاج إليه كله.
وتسعى أوروبا في شكل ملح إلى ملء منشآت تخزين الغاز فيها لضمان امتلاكها ما يكفي من هذه السلعة لتخطي الأشهر الباردة حين يرتفع الطلب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، "نواجه أزمة غاز. من الآن فصاعداً، يعتبر الغاز سلعة نادرة"، مضيفاً، "يجب تقليل استخدام الغاز إلى درجة أكبر حتى يمكن تخزين مزيد منه. وإلا سيحصل نقص خلال الشتاء".
حتى الآن، لا تعتقد برلين أنها ستضطر إلى تقنين الغاز، لكنها تستعد لـ"المرحلة الثالثة" من خطة الغاز التي وضعتها، بيد أن هابيك قال إن مرحلة الطوارئ هذه لا يمكن استبعادها.
وتمتلئ منشآت تخزين الغاز في ألمانيا الآن بنسبة 58 في المئة، وهو مستوى أعلى مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لكن إذا استمرت روسيا في الحد من الإمدادات، لن تصل ألمانيا إلى مستوى مستهدف يبلغ 90 في المئة بحلول ديسمبر (كانون الأول) ما لم يعثر على مصادر أخرى.
وحدد الاتحاد الأوروبي مستوى مستهدفاً يساوي 80 في المئة بحلول الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن بعض الخبراء لا يعتقدون أنه سيتحقق.
وحذرت مؤسسة "بروغل" البحثية في بروكسل في تقرير لها من أن "بلغاريا وهنغاريا ورومانيا لن تحقق المستوى الأوروبي المستهدف والبالغ 80 في المئة إذا واصلت [ملء منشآت التخزين] بالسرعة الحالية"، في حين أن "ألمانيا والنمسا وسلوفاكيا ستجد صعوبة بالغة في ملء منشآت التخزين إذا أوقفت تدفقات الغاز من روسيا".
ويشكل الغاز مصدراً رئيساً لعوائد الكرملين، لكن السيد بوتين يستطيع خفض الصادرات في شكل حاد لأنه ينعم حالياً بمليارات الدولارات نقداً بفضل أحد صادرات روسيا الرئيسة الأخرى، النفط.
وارتفعت الأسعار بشكل حاد منذ بدء غزو أوكرانيا، ما منح روسيا مكاسب غير متوقعة.
ما الذي يمكن فعله؟
يُعد الغاز الطبيعي المسال المشحون بحراً من بلدان مثل الولايات المتحدة وقطر خياراً، لكن المحطات في البلدان الرئيسة المصدرة للغاز الطبيعي المسال تعمل بالفعل بكامل طاقتها.
وتتنافس أوروبا مع مشترين في آسيا للحصول على إمدادات محدودة.
وهناك أيضاً جهود لضخ مزيد من الغاز عبر خطوط الأنابيب من النرويج وأذربيجان.
وتسعى ألمانيا وهولندا معاً إلى زيادة إنتاج محطات الطاقة العاملة بالفحم في محاولة لمواصلة تأمين الطاقة.
وإذا حدث تقنين، ستتأثر الصناعات أولاً، مع تجنيب البيوت السكنية التقنين إلى أن يصبح ضرورياً للغاية.
ومن المرجح في الوقت الحالي تجنب التقنين. وستعني الإمدادات الناقصة ارتفاعاً في الأسعار، ومزيداً من الإجهاد لميزانيات الأسر، فضلاً عن مراكمة مزيد من الضغوط المالية على الشركات في مختلف أنحاء أوروبا.
نُشر في "اندبندنت" بتاريخ 24 يونيو 2022
© The Independent