يعاني حزب المحافظين نوبة أخرى من التوتر بعد تكبّده هزيمتين ساحقتين في الانتخابات الفرعية في تيفرتون أند هونيتون وفي وايكفيليد. والسبب الرئيس الذي يجعل النواب المحافظين يشعرون بالقلق هو أن التصويت التكتيكي [تصويت احتجاجي يقدم فيه الناخب صوته لمرشح من غير حزبه المُعتاد لضمان سقوط مرشح الحزب الحاكم] من قبل أنصار أحزاب العمال والليبراليين الديمقراطيين والخضر في هاتين الدائرتين الانتخابيتين يجعل من الصعب تجاهل النتائج واعتبارها فورة نموذجية للناخبين في منتصف ولاية الحكومة.
صحيح أن الأحزاب غالباً ما تتعافى وتفوز بانتخابات عامة في أعقاب انتكاسات تعرضت لها في الانتخابات الفرعية، حين يكون بوسع الناخبين توجيه ضربة حرة، فهم يعرفون أنهم لا يختارون حكومة [خلال الانتخابات الفرعية]، غير أن نتائج الخميس قد ركزت أذهان المحافظين على الانتخابات العامة في 1997 حين أسهم التصويت التكتيكي المضاد للمحافظين في انتصار توني بلير الساحق. كان بلير وبادي أشداون، زعيم الليبراليين الديمقراطيين في ذلك الوقت، قد أصبحا مقتنعين بحاجة حزبيهما إلى التعاون من أجل وضع حد لما أطلق عليه روي جينكنز [سياسي بريطاني تبوّأ رئاسة المفوضية الأوروبية بين 1977 و1981] قرناً من هيمنة المحافظين.
وتوصل الزعيمان حينها إلى اتفاق عدم اعتداء أُبقي بعيداً من العيون، وقلل بموجبه كل من الحزبين من نشاطه في الدوائر الانتخابية التي كان هناك حظٌّ أكبر للطرف الآخر بانتزاعها من المحافظين. ويحسب الأكاديميون أن ذلك أدى إلى الحصول على ثلاثين مقعداً [إضافياً]. وعلى الرغم من أن بلير كان من شأنه أن يفوز من دون هذا [التصويت التكتيكي]، فإنه لم يكن لينتصر بأغلبية 179 مقعداً استغرق المحافظون 13 عاماً من العمل لتذويبها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولسوء حظ المحافظين فقد أبرم كير ستارمر وإد دايفي صفقة مماثلة تحت الطاولة. ومع أنهما غير مقربين على نحو ما كان بلير وأشداون، فإن هزيمة حزب العمال الكارثية في عام 2019، جعلتهما يدركان الحاجة إلى التعاون لكي تكون هناك فرصة لإنهاء هيمنة المحافظين في عام 2024. وهما ينفيان حتى وجود اتفاق غير رسمي، لأن الاعتراف بوجود اتفاق مماثل من شأنه أن يبعد ناخبي حزب المحافظين المعتدلين ممن لا يريدون حكومة عمالية وتضخيم تحذير المحافظين حول "تحالف الفوضى" في مرحلة ما بعد الانتخابات.
هناك عدد محدود من المقاعد البرلمانية التي يمكن أن يتنافس فيها حزبا العمال والليبراليين الديمقراطيين وجهاً لوجه، ولذا فإن من المنطقي أن يُوجّها مواردهما من أجل تعظيم الفرص لإلحاق هزيمة بالمحافظين. والخبر السار بالنسبة لهما هو أن الناخبين يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم، يقدر السير كير والسير إد أن تصويتاً تكتيكياً من هذا النوع التلقائي هو سلاح أمضى من تحالف تقدمي رسمي سيتنازل فيه كل منهما للآخر عن بعض الدوائر الانتخابية (وهو أمر سيكون من الصعب فرضه على حزبيهما)، لكن تجادل جماعة الضغط "كومباس" بأن التحدي الانتخابي بات أكبر مما كان عليه في عام 1997 ولذلك فإن هناك حاجة إلى مزيد من التعاون الرسمي. وقال لي نيل لاوسون، وهو مدير "كومباس"، "الناس متقدمون بأشواط على زعيمي الحزبين، يصوتون وينشطون على نطاق واسع. لقد نجح ذلك في هذه الانتخابات الفرعية، لكنّ ثمّة حاجة إلى قيادة من أجل تكراره في انتخابات عامة".
والآن، وباعتبار أن التصويت التكتيكي آخذ في الرسوخ من جديد، فإن عديداً من النواب المحافظين يخشون على مقاعدهم، الأمر الذي يزيد من احتمال قيام هؤلاء النواب، أو مجلس الوزراء، بعزل بوريس جونسون. ومن شأن زعيم جديد أن يعزز بصورة شبه أكيدة فرصهم للاحتفاظ بالسلطة. فبعد أن أسقط المحافظون مارغريت تاتشر في عام 1990، ونصّبوا جون ميجور [رئيساً للوزراء بدلاً منها]، رأى الناخبون أنهم قد غيروا الحكومة سلفاً، وأعطوا المحافظين ولاية رابعة. وهذا سيقلق حزب العمال اليوم.
مع ذلك، بحلول 2024 سيكون المحافظون قد أكملوا 14 سنة في الحكم. وفي هذا السياق، فإن الشعار السياسي القوي "حان وقت التغيير"، كثيراً ما يتنافس [على جذب الانتباه والإقناع] مع "لا تدع الفئة الأخرى تخرب الوضع". ستكون هناك حاجة إلى تصويت تكتيكي على نطاق واسع من أجل تحقيق تغيير من هذا النوع. ومن المقلق بالنسبة إلى المحافظين أن هناك إشارات متزايدة إلى أن ذلك سيحصل.
نُشر في "اندبندنت" بتاريخ 25 يونيو 2022
© The Independent