الأول من مايو (أيار) الماضي هو الموعد الذي حددته وزارة المالية المصرية لبدء تطبيق منظومة تحصيل المستحقات المالية الحكومية إلكترونياً تفعيلاً لقرار وزير المالية رقم 269 لسنة 2018، والمعدل برقم 760 لسنة 2018، الذي يتيح للمواطنين سداد المستحقات المالية الحكومية بما فيها الضرائب والرسوم الجمركية فيما يزيد على 500 جنيه (29 دولاراً أميركياً) بإحدى الوسائل الإلكترونية، مع إتاحة سداد ما دون هذا المبلغ بوسائل الدفع الأخرى، وفيما يزيد على 10 آلاف جنيه (595 دولاراً أميركياً) يُسدد من خلال فروع البنوك العاملة بالسوق المصرفية المصرية.
نحو 50 يوماً مرَّت على تاريخ بدء تفعيل المنظومة الإلكترونية، ورغم توقّع وزارة المالية المصرية في أكثر مناسبة على لسان وزيرها محمد معيط أن "كل منظومة يجرى تطبيقها لا بد أن يظهر بعض الثغرات عند التنفيذ"، فإن الأزمات والعقبات التي واجهت المنظومة فاقت حد توقعات المسؤولين المصريين.
أزمات الأسبوع الأول
قبل أن يمر الأسبوع الأول على بدء تطبيق المنظومة الإلكترونية أصدر الدكتور محمد معيط وزير المالية، قراراً وزارياً رقم 305 لسنة 2019، في 6 مايو (أيار) قضى باستثناء بعض الجهات والمستحقات الحكومية من تطبيق قرار وزير المالية رقم 269 لسنة 2018، معدل برقم 760 لسنة 2018، الخاص بتحصيل المستحقات الحكومية والضريبية والجمركية من خلال منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني.
الجهات الست المستثناة من تطبيق منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني شملت: الهيئات الاقتصادية، وصندوق الإسكان الاجتماعي، ودعم التمويل العقاري، ومكتب ضرائب الذهب التابع لمنطقة ضرائب وسط القاهرة ومناطق شمال سيناء، والمستشفيات العامة والتعليمية والجامعية والمراكز الطبية والمشروعات الإنتاجية، ومنافذ التوزيع بالمحافظات.
كما استثنى القرار أيضاً تسعة أنواع من المستحقات الحكومية، هي: المبالغ التي يجب أداؤها فوراً في المزادات ومرتجع المستحقات لدى الصرافين، ومرتجع المهايا "المرتبات"، وبواقي السلف والكفالات، التي يتم أداؤها تنفيذاً لأحكام المحاكم وقرارات النيابة العامة والغرامات المرورية الفورية على الطريق، والمبالغ التي تُحصّل بمعرفة المحصلين من أصحاب الأراضي الزراعية، ومضبوطات وزارة الداخلية، التي تستلزم الدفع الفوري ورسوم الطرق، ورسم الموازين على سيارات النقل والتبرعات المقدمة من الأشخاص الطبيعيين والمتحصلات بالعملة الأجنبية.
الدعم الفني
ومع بداية الأسبوع الثاني توالت مشكلات التطبيق، وهو ما دفع وزارة المالية إلى تشكيل فرق عمل للدعم الفني لحل وإزالة أي معوقات تواجه الوحدات المحاسبية والموازنية المنتشرة بالجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية، خلال تطبيقها منظومة المدفوعات المالية الحكومية الإلكترونية.
وشددت الوزارة، في بيان صحافي، على ضرورة وجود هذه الفرق المتخصصة في آليات التحصيل والدفع الإلكتروني لمتابعة سير العمل.
الأعطال تتفاقم
وبعد مرور 20 يوماً على بدء التطبيق، أعلنت الوزارة خطة طوارئ لجميع الجهات أُعدت من قبل وزارة المالية لمواجهة الأعطال، التي لا يمكن حلها بشكل فوري لضمان استمرار جميع أعمال التحصيل.
وأقرت أن "أي منظومة جديدة تواجه معوقات أو مشكلات مختلفة، وتظهر أثناء التطبيق مثل أعطال تقنية أو تكنولوجية أو بسبب انخفاض توعية المواطنين، ونقص تدريب العنصر البشري القائم على التنفيذ".
وأكدت أن "فرق الدعم الفني تلقت بلاغات عن مشكلات تقنية مثل عدم ظهور تقارير العمليات المنفذة إلكترونياً بالوحدات الحسابية أو ضعف في عملية الاتصال"، لافتة إلى "أن مركز الدفع والتحصيل الإلكتروني بالاشتراك مع مركز الدعم الفني بوزارة المالية ومركز الاتصال بالمنظومة يتدخل لتوفير الدعم الفني المباشر للجهات المعنية لحل هذه المشكلات من خلال جميع أطراف المنظومة مع المتابعة المستمرة لمواجهة أي أعطال تقنية أو تكنولوجية بالمنظومة".
تعديلات جديدة
وفي الثالث من يونيو (حزيران) الحالي وبعد مرور نحو 30 يوماً على تطبيق منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني للمستحقات الحكومية، أصدر وزير المالية قراراً بتعديل المادة 104 من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، في إطار خطة الحكومة للتحول الرقمي، بما يُسهم في التيسير على الممولين، وتقديم خدمة متميزة لهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضمنت التعديلات إلزام "شركات الأشخاص" بإرسال الإقرار الضريبي من خلال بوابة الحكومة الإلكترونية "خدمة ممولي ضريبة الدخل"، أو أي قناة إلكترونية أخرى تحددها وزارة المالية، اعتباراً من أول يناير(كانون الثاني) 2020، إذ يقوم الممول بتسجيل نفسه، والحصول على كلمة المرور السرية، ويعتبر مسؤولاً عما يُقدمه مسؤولية كاملة من خلال توقيع إقرار بذلك عند طلبه الاستفادة من هذه الخدمة، أو أن يُقدم توقيعاً إلكترونياً مُجازاً من المصلحة.
وأكدت الوزارة، أن التعديلات تُلزم الممول "الشخص الاعتباري" بإرسال الإقرار الضريبي إلكترونياً، على النحو المشار إليه، وأجازت للممول "الشخص الطبيعي" الاستفادة من هذه الخدمة، وإرسال الإقرار الضريبي بهذه الطريقة.
تيسيرات جديدة
في 13 يونيو (حزيران) الحالي، أصدرت وزارة المالية كتاباً دورياً، تضمن تيسيرات جديدة تُسهم في تعزيز منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني للمستحقات الحكومية والجمركية والضريبية، إذ سُمح للمواطنين بسداد المستحقات الحكومية بأكثر من بطاقة بنكية، دون حد أقصى لماكينات التحصيل الحكومية، وهذا يعد تراجعاً عما كان مقرراً عند بداية تفعيل المنظومة.
وشملت التيسيرات أيضاً عدم إصدار أي أوامر توريد بأقل من 4 آلاف جنيه (238 دولاراً أميركياً) للمواطنين على البنوك المشاركة بمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني "مدفوعة المواطن" على أن تسدد المبالغ التي تقل عن 4 آلاف جنيه (238 دولار أميركيا) عبر ماكينات التحصيل الحكومية مما يعد حظراً لتجزئة المتحصلات الحكومية إلى مبالغ أقل من 500 جنيه (29 دولاراً أميركياً) منعاً للتحايل على منظومة "التحصيل الإلكتروني".
إعفاء الضرائب العقارية
أمّا آخر المفاجآت في تطبيق المنظومة هو طلب مصلحة الضرائب العقارية، إحدى الجهات التابعة مباشرة لوزارة المالية، استبعادها مؤقتاً حتى تنتهي من الإعدادات والتجهيزات اللازمة لاستخدام المنظومة.
وكشف مصدر مسؤول بوزارة المالية المصرية، أن "رئيس المصلحة سامية حسين أرسلت خطاباً رسمياً إلى وزير المالية تطلب فيه الاستثناء من تطبيق المنظومة بشكل مؤقت".
وقال المصدر لـ"اندبندنت عربية"، "طلب مصلحة الضرائب كان غريباً جداً نظرا لكونها إحدى الجهات التابعة بشكل مباشر لوزارة المالية، وهي المنوط بها تطبيق منظومة الدفع الإلكتروني".
وأضاف، "لكن الأغرب هو موافقة وزير المالية على التأجيل، فإذا كان هذا حال الجهات المنوط بها التطبيق فما بالنا بالجهات الأخرى الرسمية وغير الرسمية أو المواطنين".
وضع صحي
وعلق إبراهيم سرحان رئيس مجلس إدارة شركة "إي فاينانس" التابعة للدولة والمنوط بها تنفيذ ومتابعة المنظومة الإلكترونية قائلاً "نعي جيداً أن هناك مشكلات وعقبات بدأت تطفو على السطح مع بدء تنفيذ التحول الإلكتروني".
وأضاف، "مستعدون للتعامل مع العقبات، وطبيعي في أي دولة بالعالم عندما تشرع في تطبيق نظام جديد تواجه أزمات. الأمر صحي، ونعالج التشوهات التي تظهر أولاً بأول".