يستعرض كتاب "النمر العربي"، الصادر عن دار "أسولين" في لندن، رحلة هذا الحيوان في شبه الجزيرة العربية منذ 500 ألف عام، ويوثق تفاصيل فريدة عن وجوده في هذه المنطقة وما حمله من تأثير على الموروث الثقافي للسكان العرب عبر التاريخ.
ويروي الكتاب قصة النمر العربي، ومعاناته بسبب الصيد الجائر، وتراجع أعداد الفرائس في موائله الطبيعية، ويستهدف زيادة الوعي بالمخاطر التي تحيط به، بخاصة أنه مُصنّف ضمن الحيوانات المعرضة للانقراض.
وأشرف على المشروع عدد من المتخصصين في مجالَي البيئة والطبيعة، وضم صوراً فريدة ونقوشاً لهذا الحيوان في الأماكن الأثرية وتفاصيل بإخراج دمج بين الصور والرسوم الفنية والحديث المعبر عن النمر العربي في الموروث الثقافي للإنسان.
وقالت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية والرئيس المؤسس لمنظمة "كاتموسفير" في حفل التدشين، إن "جهود السعودية في سبيل حماية النمر العربي تُعد من أبرز النماذج العالمية، وتهدف إلى الحفاظ على هذه الحيوانات وإعادتها لموائلها الطبيعية".
وذكرت أن السعودية خصصت دعماً مالياً بقيمة 25 مليون دولار لصندوق النمر العربي، مؤكدة أن "السعي إلى النجاح يتمثل في مشاهدة النمر العربي مرة أخرى في بيئته الطبيعية".
ويقدر عدد النمور العربية المهددة بالانقراض، وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة ومواردها، بما يقل عن 200 نمر موجودة حالياً في الطبيعة. وأطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العلا في السعودية "برنامج حماية النمر العربي"، و"الصندوق العالمي لحماية النمر العربي"، وهما مبادرتان رئيستان تهدفان إلى تمكين إعادة هذا النوع إلى موائله الطبيعية ضمن المحافظة التي تشهد حراكاً ثقافياً واسعاً بهدف استثمار ما تضمه من موروث إنساني وسياحي.
وأكد السفير السعودي في لندن الأمير خالد بن بندر بن سلطان:" للمملكة مبادرات كثيرة للمحافظة على العديد من الحيوانات المهددة بالانقراض وإعادة توطينها مثل المها العربي وظباء الريم وطيور الحبارى وطيور النعام، وفيما يتعلق بالنمر العربي فإن رحلة المحافظة علية ستكون رحلة طويلة حيث ينصب التركيز حالياً على محاولة زيادة أعداد النمور العربية من خلال برنامج التربية في الأسر والمشاركة المجتمعية، وحماية ورعاية النمور الموجودة حاليا".
وأوضح:" في الماضي كان النمر العربي منتشر في العديد من المناطق في شبه الجزيرة العربية وتم ذكره في العديد من القصص والقصائد بالموروث الثقافي العربي كرمز للقوة والشجاعة والقدرة على التكيف مع الطبيعة الصعبة".
وذكر الأمير خالد بن بندر بن سلطان أن بلاده "تتعاون مع باحثين ومختصين من جميع دول العالم وإقامة فعالية إطلاق مشروع كتاب النمر العربي في لندن تأتي ضمن هذا التواصل مع المهتمين من العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر المدير العام لـ"صندوق النمر العربي" هاني تطواني أن بلاده تطلق برامج "إكثار" للنمر العربي تمهيداً لإعادته إلى الطبيعة من خلال منظومة متكاملة لضمان ما يحتاج إليه للبقاء في موطنه الأصلي.
وعن النمر العربي في الموروث الثقافي للإنسان العربي ذكر أن هذا الحيوان ورد في الشعر العربي القديم وفي النقوش الصخرية كأحد رموز المكون البيئي في الطبيعة، وله أثر في المورث الثقافي كرمز للصلابة والقوة والإقدام والشجاعة.
وتضم محافظة العلا خمس محميات طبيعية تمتد على مساحة 12500 كيلومتر مربع. وتُعد محميات "وادي نخلة"، و"حرة الزبن"، و"حرة عويرض"، موائل مستقبلية مناسبة للنمور العربية. وكان قد تمت إعادة 162 حيواناً، بما فيها المها العربي، وغزال الرمل، والوعل النوبي، إلى محميات طبيعية في محافظة العلا في مطلع هذا العام.
ووصف المتحدث الرسمي للهيئة الملكية لمحافظة العلا عبد الرحمن الطريري، مشروع الحفاظ على النمر العربي، بأنه جوهرة التاج في مساعي إعادة النظم البيئية، موضحاً أن "80 في المئة من مساحة العلا خصصت للمحميات".
وذكر أن القائمين على المشروع يعملون على البحث عن هذا الحيوان من خلال عمليات رصد بالكاميرات في المحميات المتوقع وجوده فيها بهدف ضمان بقائه، ومنع الصيد الجائر وتسميمه في البرية.
وظهر النمر العربي في أفريقيا منذ 500 ألف عام تقريباً، وهو أحد أهم أنواع الثدييات الأصلية الموجودة في شبه الجزيرة العربية. وامتدت موائله الطبيعية من البحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى الخليج العربي، أي من جبل سيناء وصحراء النقب في الشمال إلى جبال حراز وظفار والحجر في الجنوب. أما أُولى صُوره المكتشفة، فقد وُجدت في رسم داخل كهف بمنطقة الشويمس، جنوب شرقي محافظة العلا. وكان من السهل التعرف عليه من خلال ذيله الطويل، ووجهه المسطح، ووضعية المطاردة التي يُعرف بها.