اختتمت فعاليات تجمع نظمته حركة "طالبان"، وضم الآلاف من الزعماء الدينيين والقبليين، السبت 2 يوليو (تموز)، بحث الحكومات الأجنبية على الاعتراف رسمياً بحكومتهم، لكن من دون تقديم أي إشارات عن تغيير في المواقف إزاء المطالب الدولية، مثل إعادة فتح المدارس الثانوية للفتيات.
وسقط الاقتصاد الأفغاني في براثن أزمة عميقة بعد أن سحبت الحكومات الغربية تمويلها للحكومة وفرضت عقوبات صارمة عليها، قائلة إن على حكومة "طالبان" تغيير موقفها في شأن حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق المرأة.
وقال المشاركون في التجمع، في بيان، "نطالب دول المنطقة والعالم، ولا سيما الدول الإسلامية، الاعتراف بإمارة أفغانستان الإسلامية، ورفع جميع العقوبات، وإلغاء تجميد أموال (البنك المركزي)، ودعم التنمية في أفغانستان".
ظهور نادر
وانضم زعيم الجماعة، نادر الظهور علناً، إلى التجمع الذي استمر ثلاثة أيام، وشارك فيه أكثر من أربعة آلاف من الرجال يوم الجمعة، وألقى كلمة هنأ فيها المشاركين بانتصار "طالبان"، وأكد استقلال البلاد.
وكانت حركة "طالبان" قد تراجعت عن إعلان سابق بأن جميع المدارس ستفتح في مارس (آذار)، مما تسبب في بكاء العديد من الفتيات اللاتي حضرن إلى مدارسهن الثانوية وأثار انتقادات من الحكومات الغربية.
وبث التلفزيون الرسمي الكلمات التي ألقاها المشاركون في التجمع، ومن بينهم عدد قليل أثار قضية تعليم الفتيات والنساء. وقال نائب زعيم "طالبان" والقائم بأعمال وزير الداخلية سراج الدين حقاني، إن العالم يطالب بحكومة شاملة وتعليم شامل، وإن هاتين القضيتين تحتاجان إلى وقت، لكن الزعيم الأعلى للجماعة، هبة الله أخوند، الذي يتخذ من مدينة قندهار الجنوبية مقراً له، قال إنه لا يحق للأجانب إملاء أوامر.
تنظيم "داعش" غير مشروع
وقال البيان الختامي للتجمع، إن الدفاع عن إمارة أفغانستان واجب، وإن تنظيم "داعش"، الذي أعلن مسؤوليته عن العديد من الهجمات في البلاد، تنظيم غير مشروع.
وجاء في البيان أن أفغانستان لن تتدخل في شؤون دول الجوار وعليها ألا تتدخل هي كذلك في شؤون أفغانستان.
وكان هبة الله أخوند زادة دعا، أمس الجمعة، العالم إلى التوقف عن "التدخل" في الشؤون الأفغانية.
وقال في خطاب استمر ساعةً، ونقلته الإذاعة الرسمية، "يقولون لنا: لماذا لا تفعلون هذا، لماذا لا تفعلون ذاك؟ لماذا يتدخل العالم في شؤوننا؟ لن نقبل تعليمات من أحد في العالم".
وفي الأيام الأخيرة، زخرت الصحف الأفغانية، التي لم يسمح لممثلين عنها بحضور الاجتماع، بتكهنات حول احتمال مشاركة أخوند زادة الذي نشرت تسجيلات صوتية له منذ أغسطس (آب) الماضي، وإن تعذر التحقق من صحتها من مصدر مستقل. وعلى الرغم من تكتمه، يقول محللون، إن أخوند زادة الذي يقال إنه سبعيني، يقود بقبضة من حديد حركة "طالبان".
القطيعة مع الفساد
واعتبر أخوند زادة أن نجاح النظام يعتمد على قدرته على القطيعة مع "الفساد والأنانية والاستبداد والقومية والمحسوبية"، وهي خصائص الحكومات المتعاقبة وفق قوله، في العقدين الماضيين بعد فترة الحكم السابقة لـ"طالبان" بين عامي 1996 و2001.
وتأتي هذه الاجتماعات، وهي الأوسع منذ تولي "طالبان" السلطة، بعد أكثر من أسبوع على زلزال ضرب جنوب شرقي البلاد، وأسفر عن سقوط أكثر من ألف قتيل وتشريد عشرات آلاف الأشخاص.
حقوق المرأة
ولم يسمح لأي امرأة بالمشاركة في هذه الاجتماعات، إذ اعتبرت الحركة أن الأمر غير ضروري لأنهن ممثلات بأقارب ذكور. وطالب واحد على الأقل من المشاركين بفتح المدارس الثانوية للبنات، لكن لم يتضح مدى الدعم الذي يناله هذا الاقتراح.
وقال المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد، إنهم سيحترمون قرارات أولئك الذين حضروا الاجتماع، لكن الكلمة الأخيرة في تعليم الفتيات تعود إلى المرشد الأعلى.
وعادت "طالبان" لتطبيق الشريعة وفق تفسيرها المتشدد لها، كما فعلت خلال فترة حكمها الأولى بين عامي 1996 و2001، حارمةً النساء من كل حقوقهن تقريباً، ولا سيما من العمل في الدوائر الرسمية بشكل شبه كامل، كما فرضت عليهن ارتداء البرقع ووضعت قيوداً على حقهن في التنقل.
ومنعت الحركة الموسيقى غير الدينية وإظهار وجوه أشخاص في الإعلانات وعرض الأفلام أو المسلسلات التي تشارك فيها نساء غير محجبات على التلفزيون، وطلبت من الرجال ارتداء الملابس التقليدية وإرخاء اللحى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تعهدات بالولاء
وبعد تلقيه تعهدات بالولاء من المشاركين الذين رفعوا أيديهم، هنأ أخوند زادة الحاضرين على انتصار الحركة في أفغانستان عندما قفزت "طالبان" إلى السلطة في أغسطس بعد قتالها القوات الأجنبية والقوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة لمدة 20 عاماً.
وعندما كشفت الحركة عن حكومتها المؤقتة في سبتمبر (أيلول) بعد انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة، احتفظ أخوند زادة الغامض بدور المرشد الأعلى الذي شغله منذ عام 2016، وهو أعلى سلطة في الحركة، لكنه نادراً ما يظهر علناً.
واتخذت الحركة إجراءات أمنية مشددة في إطار الاجتماع، لكن على الرغم من ذلك، تمكن رجلان مسلحان، الخميس، من الاقتراب من مكان الاجتماع في كلية البوليتيكنيك في كابول قبل أن ترديهما القوى الأمنية.
وسمع دوي إطلاق نار متواصل بالقرب من موقع التجمع. وقال متحدثون باسم "طالبان"، إنه نتج عن إطلاق رجال الأمن النار على "موقع مريب". أضافوا أن الوضع تحت السيطرة.
وقضى أخوند زادة، رجل الدين المتشدد الذي كان ابنه انتحارياً، معظم فترة زعامته في الظل، ما سمح لآخرين بأخذ زمام المبادرة في المفاوضات التي شهدت في نهاية المطاف رحيل الولايات المتحدة وحلفائها عن أفغانستان في أغسطس الماضي بعد حرب طاحنة على التشدد استمرت 20 عاماً.
قطع رأس المتمردين
وقال حبيب الله حقاني، الذي يترأس التجمع الذي نظم في حرم جامعة الـ"بوليتكنيك" في كابول خلال خطابه الافتتاحي، إن "الطاعة هي المبدأ الأهم في النظام". وأضاف، "يجب أن نطيع قادتنا في كل القضايا بصدق وإخلاص، يجب أن نطيع بالطريقة الصحيحة".
ومن على منصة المجلس، أعلن أمام يحظى بنفوذ، أن أي شخص يحاول إطاحة النظام يجب أن يقطع رأسه.
وقال أمام مسجد غازارغاه في هرات، مجيب الرحمن أنصاري، "لم يرفع علم طالبان هذا بسهولة ولن ينزل بسهولة". وأضاف، "يجب أن يوافق جميع علماء الدين في أفغانستان على قطع رأس أي شخص يرتكب أي عمل ضد حكومتنا الإسلامية والقضاء عليه".