بعد تقييم الوضع الأمني بين غزة وإسرائيل بأنه هادئ ومستقر، وفي إطار التفاهمات التي توصلت إليها إسرائيل وحركة "حماس" بوساطة مباشرة من الاستخبارات المصرية وبرعاية الأمم المتحدة، عقب وقف قتال 2021، وافقت قيادة الجيش الإسرائيلي على إدخال تسهيلات إنسانية نوعية وجديدة للفلسطينيين.
وتشمل تسهيلات إسرائيل النوعية، السماح لسكان غزة بزيارة القدس الشرقية، والصلاة في المسجد الأقصى، وزيارة أقاربهم داخل الأراضي الإسرائيلية والسياحة فيها، فضلاً عن السفر للخارج عبر مطار بن غوريون الدولي والسياحة في مدينة إيلات (خاص لسكان الضفة الغربية).
توسيع التسهيلات
وعلى الرغم من أن المستوى الأمني في إسرائيل مكلف بدراسة التسهيلات والعمل على تقديمها للحكومة من أجل تنفيذها، إلا أن الإجراءات الجديدة تعد الأولى في عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية يائير لابيد، ما يشير إلى أنه سوف يسير على نهج سابقه نفتالي بينيت في التعامل مع قضايا قطاع غزة الساخنة دائماً.
وبحسب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، فإن الحكومة الانتقالية تعتزم توسيع التسهيلات بخاصة لسكان غزة، لكن ذلك مرتبط في استمرار الاستقرار الأمني، لذلك، على المسؤولين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة العمل بمسؤولية لضمان تطبيق ذلك، محذراً حركة "حماس" بأنه سوف يقوّض جميع التسهيلات في حال جرى أي توتر أمني.
وقال منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان إن الإجراءات النوعية الجديدة مؤقتة وليست دائمة وتأتي بمناسبة عيد الأضحى، وتعد جزءاً من التسهيلات الأخيرة التي نعمل على تطبيقها لسكان غزة، مشيراً إلى أنه تمت المصادقة عليها من المستويين السياسي والأمني وستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، لكن تطبيقها مرهون بالحالة الأمنية.
زيارة القدس الشرقية
وفي التفاصيل، أوضح عليان أن التسهيلات تشمل السماح لنحو 400 فرد من سكان غزة، من الرجال الذين تزيد أعمارهم على 55 سنة، والنساء اللواتي تزيد أعمارهنّ على 50 سنة، بزيارة القدس الشرقية من أجل الصلاة في المسجد الأقصى، وهذه الخطوة تم اتخاذها للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.
وهذه المرة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل لسكان غزة بزيارة القدس الشرقية منذ عام 2017 بعد أن منعتهم من الزيارات السنوية حينها بسبب إطلاق الفصائل الفلسطينية رشقات صاروخية على مدن مجاورة للقطاع آنذاك.
وتابع عليان، "هذه الفئة غير مسموح لها زيارة أي مكان في إسرائيل سوى المسجد الأقصى، لذلك سنعمل على نقلها من خلال خدمات السفريات الخاضعة للمراقبة من معبر إيرز إلى القدس ذهاباً وإياباً".
وبالعادة، تخص إسرائيل الكبار في السن من سكان غزة، والسماح لهم بالدخول إلى القدس الشرقية، إذ تعتقد أن هذه الفئة العمرية تكون غير قادرة على تنفيذ أي هجمات ضد المستوطنين الذين غالباً يتواجدون في تلك المنطقة، وعلى الرغم من ذلك، تخضعهم لفحص أمني مشدد حتى تتأكد من عدم انتماء أي منهم لفصيل سياسي أو عسكري.
ومنذ عام 1987، عقب اندلاع الانتفاضة الأولى، منعت إسرائيل سكان غزة من الوصول إلى القدس الشرقية إلا بعد الحصول على إذن دخول مسبق (تصريح)، وشددت المنع عام 2000، إلا أنها ألغت ذلك عقب سيطرة حركة "حماس" على سدة الحكم في القطاع عام 2007، ومنذ وقتها، لم تسيّر أي رحلة إلى المسجد الأقصى إلا مرتين، الأولى كانت عام 2015، والثانية عام 2017.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد أسرعت هويدا حجاج (58 سنة) إلى التسجيل في برنامج زيارة القدس الشرقية، وتقول إنها زارت المسجد الأقصى مرة واحدة عام 1999 في رحلة جماعية كانت تنظم في رمضان، ومنذ وقتها لم تتمكن من دخوله، راجية أن يسمح لها هذه المرة في الوصول إليه.
ووفقاً للتقديرات الأولية، فإن نحو أربعة آلاف فرد من غزة سجلوا أسماءهم لزيارة القدس الشرقية، في وقت ستمنح إسرائيل إذن الزيارة لقرابة 400 شخص فقط.
تسهيلات أخرى تشمل السياحة
وليس ذلك الإجراء الوحيد الذي أقدمت عليه إسرائيل، إذ أشار عليان إلى أنهم قرروا أيضاً الموافقة لأكثر من 500 شخص في غزة، على إجراء زيارات عائلية لأقربائهم الذين يسكنون إسرائيل أو الضفة الغربية، ويمكن لهؤلاء التنقل في البلاد من أجل السياحة خلال المدة المسموح بها.
ومن بين التسهيلات الأخرى، وافقت تل أبيب على سفر 500 فلسطيني عبر مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، ولنحو 200 آخرين لزيارة مدينة إيلات السياحية، التي يمنع على الفلسطينيين دخولها إلا بإذن خاص، وغالباً ما تكون الموافقة نادرة.
وأكد عليان أن إعطاء إذن الدخول إلى إسرائيل (تصاريح) سيكون رهناً بالخضوع إلى الفحص والتشخيص الأمني، لافتاً إلى أنه أطلع السلطة الفلسطينية والجهات المعنية في المجتمع الدولي على الخطوات وعلى بوادر حسن النية التي تقدمها إسرائيل، والتي يجب أن تقابل بالمثل من الفلسطينيين.
تقديم التسهيلات
في الواقع، يعدّ هذا الإجراء الثالث الذي تقدمه إسرائيل ضمن التسهيلات الخاصة لسكان غزة خلال شهر فقط، إذ سبق ذلك بأيام إعلانها أنها تعمل على إقامة منطقة صناعية في منطقة غلاف غزة تستوعب 10 آلاف عامل من القطاع، إضافة إلى تطوير معبر "إيرز" لتسهيل سفر العمال إلى أراضيها.
كما زادت عدد العمال المسموح لهم بالدخول إلى أراضيها لنحو 20 ألفاً، بدلاً من 12 ألفاً، وقال وزير الدفاع بيني غانتس، "نحن عازمون على توسيع السياسة الإنسانية المدنية بقطاع غزة كلما زاد الهدوء، وإذا أحرزنا تقدماً في مسار إعادة الأسرى والمفقودين، حينها نكون قادرين على توسيع هذه السياسة وتطوير قطاع غزة".
إلا أن رئيس نقابة عمال غزة سامي العمصي، قال إن إجراءات إسرائيل غير حقيقية، وهي تتلاعب في الرأي العام العالمي، إذ، بحسب التفاهمات، فإنه تم الاتفاق على خروج 30 ألف عامل، لكن العدد الحقيقي اليوم لا يصل إلى 12 ألفاً، وتسير الإجراءات بوتيرة بطيئة جداً.
في أي حال، قال الباحث السياسي أحمد العجلة إن خطوة إسرائيل تأتي بأهداف سياسية ومن أجل الضغط على "حماس" لتوفير المزيد من الهدوء، فضلاً عن إظهار نفسها أمام العالم بصورة إنسانية، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات تلعب دوراً مهماً قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المنطقة ولها حسابات خاصة في الملفات السياسية التي تشهدها المنطقة.