اتجه عدد كبير من النجوم في الفترة الأخيرة إلى تقديم الثنائيات الغنائية أو ما يعرف بـ"الدويتو" وهي تحظى بترحيب كبير من الجمهور الذي يرى فيها اجتماعاً لفنانين يحبهما في عمل واحد، بينما يخوضها الفنان بحثاً عن التنويع من خلال تقديم تجربة غنائية جديدة، تضيف إلى رصيده الفني والجماهيري من خلال انضمام جمهور الفنان الآخر الذي شاركه الغناء إلى جمهوره.
"من أول دقيقة"
الدويتو الذي كان له دور كبير في ثراء فن الغناء العربي ما لبث أن تحول إلى عمل دعائي أكثر مما هو فني، فأصبح الهدف الأول منه الجمع بين اسمي فنانين مشهورين في عمل واحد، حتى لو تم تسجيل العمل وتصويره في مكانين مختلفين، كما حصل في تجربة وائل كفوري وأنغام في "برضه بتوحشني"، التي خاضت أنغام عبرها لأول مرة تجربة الغناء مع فنان لبناني، بينما غنى كفوري من خلالها لأول مرة باللهجة المصرية.
زخر فن الغناء العربي بكثير من الثنائيات الناجحة مقابل ثنائيات أخرى لم تحظَ بالنجاح المتوقع منها، على الرغم من الرهان الكبير عليها، مع أنها جمعت بين أسماء كبيرة تعتبر من أهم نجوم الغناء العربي.
وآخر الثنائيات الغنائية التي حققت نجاحاً لافتاً كانت "من أول دقيقة" التي جمعت بين إليسا وسعد لمجرد في فيديو كليب تم تصويره بطريقة عفوية. وشكل النجاح الكبير الذي حصده هذا العمل دعماً فنياً وجماهيرياً كبيراً لهما، بحيث تشاركا أخيراً في حفل مشترك في "موسم جدة" في السعودية، كما أن نجاح هذه التجربة المغربية - اللبنانية باللهجة المصرية، دفعت بالفنانين جوزف عطية وفضيل إلى السير على خطى لمجرد وإليسا، فطرح المغنيان اللبناني والجزائري دويتو بعنوان "تلاقينا تاني" باللهجة المغربية.
الثنائيات الغنائية السينمائية
مع انطلاقة الثنائيات الغنائية في السينما المصرية، حقق منتجو الأفلام من خلالها هدفين رئيسين، الأول الربح المادي والثاني نشر الأغنية المصرية خارج مصر بحيث يتعرف الجمهور العربي من خلال الأفلام على المطربات والمطربين المصريين بالصوت والصورة، بعد أن كانت تقتصر معرفتهم بهم بالصوت من خلال الأسطوانات والإذاعات. ولقد عرفت ظاهرة الثنائيات الغنائية رواجاً كبيراً في السينما العربية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حين عمد المنتجون إلى إسناد أدوار البطولة في أفلامهم إلى مطربين ومطربات معروفين. وتم في زمن سينما الأسود والأبيض إنتاج عدد كبير من الأفلام لأهم المطربين والمطربات الذين يتمتعون بقاعدة جماهيرية عريضة، وحققت هذه التجارب نجاحاً كبيراً مما دفع بالمنتجين إلى تكرارها في كثير من الأفلام.
أم كلثوم خاضت تجربة "الدويتو" في فيلم "عايدة" وقدمت ثنائية غنائية مع إبراهيم حمودة بعنوان "أراك يا نور عيني" للملحن رياض السنباطي. بدوره قدم الموسيقار محمد عبد الوهاب ثنائيات غنائية ناجحة مع المطربات اللاتي شاركنه أفلامه من بينها "حكيم عيون" مع راقية إبراهيم في فيلم "رصاصة في القلب"، كما غنى "طال انتظاري لوحدي" و"يا دي النعيم اللي إنت فيه يا قلبي" مع ليلى مراد في فيلم "يحيا الحب"، كما تشارك مع نجاة علي في دويتو "محلا الحب" في فيلم "دموع الحب" دويتو". وفي فيلم "لست ملاكاً" قدم مع نور الهدى عدة ثنائيات غنائية كـ"القمح"، "إضحكي وغني" و"شبكوني ونسيوني".
شادية من أكثر المطربات اللاتي قدمن ثنائيات غنائية في أفلامها بمشاركة عدد كبير من الممثلين، من بينهم إسماعيل ياسين ومنير مراد ومحمود شكوكو، كما اجتمعت في فيلم "لحن الوفاء" مع عبد الحليم حافظ وغنت معه "احتار خيالي"، و"تعالى أقولك" وأوبريت "لحن الوفاء". وفي فيلم "دليلة" غنيا معاً "إحنا كنا فين" و"حاجة غريبة"، وفي فيلم "معبودة الجماهير" قدماً معاً أغنية "حاجة غريبة"، بينما غنت مع فريد الأطرش في فيلم "إنت حبيبي" دويتو "زينة زينة" و"يا سلام على حبي وحبك". وأيضاً غنى محمد فوزي مع معظم المطربات اللاتي مثلن أمامه كليلى مراد وصباح ونور الهدى ونازك.
فيروز وثنائياتها
إلى ذلك، برزت في لبنان ثنائيات غنائية مهمة أثرت مسيرة الطرب الثنائي، من خلال أعمال جمعت بين فيروز ونصري شمس الدين، وبينها وبين وديع الصافي في مسرحيات وأفلام كثيرة. كذلك غنت صباح برفقة وديع الصافي عدداً كبيراً من المواويل والأغاني الشعبية.
من ناحية أخرى سادت في الستينيات والسبعينيات ثنائيات غنائية قدمها فنانون مع زوجاتهم، وكان الثنائي محمد جمال وطروب هما أبرز من قدم هذا النوع من الأعمال الناجحة، قبل انفصالهما عبر مجموعة من الأغنيات من بينها "مليت... مليت"، "من فضلك يا ست البيت"، "سامع قلبي إزاي يدق" و"قول سمعني كمان"، كما قدم محمد ضياء الدين عدة دويتوهات مع أحلام ومواهب ولبلبة، قبل أن يحصر هذه التجربة مع زوجته ندى، واشتهرا يومها بالثنائي "ضيا وندى"، كما جمعت بعض الثنائيات الغنائية بين المطربات وأزواجهم غير المطربين، كما في تجربة الشاعر والملحن عاصي الرحباني وفيروز، والملحن محمد سلطان وفايزة أحمد، والملحن حلمي بكر وعليا التونسية، والملحن محمد الموجي وأميرة سالم، والملحن بليغ حمدي ووردة الجزائرية، والمنتج والمخرج محمد سلمان ونجاح سلام التي قدمت أيضاً مع فهد بلان في فيلمهما "يا سلام ع الحب" أغنيتهما الشهيرة "أنا النحلة وأنا الدبور".
انحسار... وعودة
وبعد انحسار موجة الثنائيات الغنائية، ما لبثت أن انطلقت مجدداً في التسعينيات مع "مين حبيبي أنا" التي جمعت نوال الزغبي ووائل كفوري. نجاح هذا العمل دفع عدداً كبيراً من الفنانين والفنانات إلى خوض تجارب مماثلة، سواء بدافع الغيرة أو بحثاً عن التنويع كما فعل راغب علامة وإليسا من خلال "بتغيب بتروح" وسميرة سعيد والشاب مامي في "يوم ورا يوم"، وفضيل وأمل حجازي في "عينك عينك"، وكارول سماحة ومروان خوري في "يا رب" وهي من كلماته وألحانه. فضل شاكر نوَّع في الثنائيات التي قدمها مع فنانات من جنسيات مختلفة، فغنى مع نوال الكويتية "أحاول"، ومع يارا "خدني معك" ومع شيرين عبد الوهاب "العام الجديد". أما محمد عبده وأصالة فقدما "على البال"، وديانا حداد والشاب خالد "ماس ولولي"، ويارا وراشد الماجد "الموعد الضائع". وشهدت هذه الثنائيات ترحيباً كبيراً من الجمهور وحققت نجاحاً كبيراً كما أسهمت بانتشار وشهرة بعض الفنانين كما في تجربة أسماء لمنور التي غنت "المحكمة" و"أشكو أياماً" مع كاظم الساهر، كما تقف الدويتوهات التي قدمتها شيرين عبد الوهاب مع تامر حسني في بدايتهما الفنية وراء شهرتها وأبرزها "قلبي غالي"، و"قللي بحبك" و"لو خايفة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الفنانة نجوى كرم اختارت أن تكون ثنائيتها استثنائية فاختارت الغناء مع وديع الصافي في "وكبرنا" من كلمات الشاعر عصام زغيب وألحان أنطوان الشعك، وهي ثنائية حوارية بين أب وابنته قدماها بمرافقة أوركسترا شرقية وغربية وجوقة ضخمة أضفت بعداً أوبرالياً على العمل.
خليجياً، قدم فنان العرب محمد عبده دويتوهات رومانسية مع عشرات المطربين والمطربات، سواء من قبيل الدعم لبعض المواهب الشابة أو بسبب إعجابه بتلك الأصوات. وهو كان أول فنان يغني دويتو مع الراحلة ذكرى حيث تشاركا في غناء "حلمنا الوردي"، كما قدم مع يارا "ضي الوجود"، ومع كارمن سليمان "وليلة كانت الفرقة"، ومع أصالة "تفرقنا السنين".