توصلت دراسة جديدة، إلى أن مرضى قصور القلب الذين يعانون الحزن بعد فقدان أحد أفراد الأسرة المقربين إليهم، هم أكثر عرضة للموت.
الدراسة التي نشرت في مجلة "الكلية الأميركية لأمراض القلب: قصور القلب" JACC: Heart Failure، استنتجت أن المرضى الذين هم في وضع حداد، خصوصاً خلال الأسبوع الأول الذي يلي وفاة أحد أفراد الأسرة، يكونون أكثر عرضة للموت.
ويوضح معدو البحث، بمن فيهم أفراد يعملون في "معهد كارولينسكا" Karolinska Institutet في السويد، أن الحزن على فقدان أحد أفراد الأسرة المقربين، من شأنه أن يزيد من مستويات التوتر التي قد تؤدي إلى سوء تشخيص حالات الفشل القلبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت أبحاث سابقة قد أثبتت أن الاكتئاب والقلق والافتقار للدعم الاجتماعي، كلها عوامل مرتبطة بسوء التشخيص لدى مرضى قصور القلب. وأكدت دراسات سابقة عدة أيضاً وجود علاقة بين الإجهاد العاطفي الشديد، والاعتلال الإجهادي لعضلة القلب - المعروف بـ"اعتلال تاكوتسوبو القلبي" Takotsubo Cardiomyopathy - أو ما يسمى أيضاً بـ"متلازمة القلب المنكسر".
العلماء راجعوا في دراستهم الجديدة، بيانات طبية لنحو 500 ألف مريض، كانت مودعة لدى "السجل السويدي لمرضى قصور القلب" Swedish Heart Failure Registry، خلال المرحلة الممتدة ما بين عامي 2000 و2018، واطلعوا على بيانات المرضى الذين لديهم تشخيص أولي بالمرض لدى "السجل السويدي للمرضى" Swedish Patient Register، خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1987 و2018.
إلى ذلك، تمكن الباحثون من الحصول أيضاً على بيانات عن تاريخ وأسباب وفيات أفراد الأسرة، من "سجل أسباب الوفيات" Cause of Death Register.
ولدى تقييم مجمل هذه البيانات، تبين للباحثين أن 58,949 مشاركاً في الدراسة، قد عانوا من تبعات فاجعة الموت، في متوسط زمني مدته 3 سنوات و7 أشهر من المتابعة الطبية.
إضافة إلى ما تقدم، عملت الدراسة على تقييم مدى تأثير مجموعة من العوامل، كالعلاقة بالشخص المتوفى، أو سبب الوفاة، أو الوقت المنقضي على تاريخ موت الفرد، وتبعات ذلك لجهة إمكان حدوث وفاة، نتيجة فشل قلبي.
وتوصل الباحثون إلى وجود ارتباط بين الفجيعة وزيادة مخاطر الوفاة من قصور القلب، عقب وفاة طفل (زيادة بنسبة 10 في المئة)، زوج أو شريك (زيادة بنسبة 20 في المئة)، أحفاد (زيادة بنسبة 5 في المئة)، أشقاء (زيادة بنسبة 13 في المئة)، ولكن ليس على أثر وفاة أحد الوالدين.
ولفت معدو الدراسة إلى أن خطر الوفاة من الفشل القلبي بعد فقدان أي فرد من أفراد الأسرة، سجل أعلى مستوى له خلال الأسبوع الأول من الفجيعة، مع زيادة بنسبة 78 في المئة في خطر الوفاة. ولاحظت الدراسة أيضاً زيادة واضحة في حال خسارة طفل أو شريك.
في المقابل، تبين أن نسبة الخطر تكون أعلى عند خسارة شخصين (35 في المئة) في مقابل خسارة واحدة (28 في المئة).
ويقول هوا تشين، المؤلف المشارك في الدراسة، إن "اكتشاف وجود رابط بين الحزن على فقدان شخص عزيز ووفاة الأفراد المصابين بقصور القلب، إنما يسهم في تعزيز الحقائق المتعارف عليها، والمتعلقة بالتأثير السلبي للإجهاد لدى تشخيص المصابين بالمرض، ويلتقي مع الدراسات التي تشير إلى وجود ارتباطات بين الحزن المتأتي من الحداد، وتزايد خطر الإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية".
ويشتبه الباحثون في أن الفجيعة تنشط محور التفاعل بين الغدتين النخامية والكظرية HPA، وهو نظام مهم في الغدد الصماء العصبية لأنه ينظم مستوى الإجهاد والاستجابة العاطفية، كما أنها- بحسب الباحثين- تثير رد فعل من "نظام رينين- أنجيوتنسين- ألدوستيرون" الذي يعرف اختصاراً بـRAAS (منظم مهم لحجم الدم ومقاومة الأوعية الدموية الجهازية)، وهما السمتان الرئيستان لاستجابة الغدد الصماء العصبية في حالات قصور القلب.
كريستينا لاسلو المؤلفة الأخرى للدراسة، رأت أن "نتائج البحث من شأنها أن تزيد الوعي لدى أفراد الأسرة والأصدقاء والمهنيين المعنيين بمرضى قصور القلب المفجوعين، خصوصاً في الفترة التي تلي الخسارة بفترة وجيزة".
وفي سياق التحدث عن بعض أوجه القصور في الدراسة، قال العلماء، إنه لا يمكنهم تجاهل الآثار المربكة للعوامل الوراثية، أو إزالة تأثير العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي يصعب قياسها، وكذلك نمط الحياة المعتمد من جانب الأفراد، أو العوامل الصحية المشتركة بين أفراد الأسرة.
وأشار الباحثون إلى أنه سيصار إلى تعميم نتائج الدراسة فقط على البلدان التي تتبع أنماطاً اجتماعية وثقافية ولديها عوامل صحية، تشبه تلك القائمة في السويد. ويأملون أن يعملوا في دراسات مقبلة، على تقييم ما إذا كانت مصادر الإجهاد الأقل حدة تضطلع هي الأخرى بدور في سوء تشخيص مرض قصور القلب.
© The Independent