تسجل الشواطئ التونسية، سنوياً، عشرات الوفيات نتيجة الغرق، وتختلف الأسباب من منطقة إلى أخرى، إلا أن المجازفة من قبل المصطافين، وعدم توفر العدد الكافي من السباحين المنقذين، علاوة على عدم احترام علامات منع السباحة في عدد من الشواطئ، تسهم كلها في ارتفاع حصيلة الضحايا.
38 حالة وفاة
وأحصت وحدات الحماية المدنية 38 حالة وفاة، و72 إصابة بالشواطئ التونسية، منذ انطلاق الموسم الصيفي، لهذا العام، وفق بيانات نشرها المتحدث باسم الحماية المدنية، مضيفاً أن وحدات الحماية المدنية قامت منذ الأول من يونيو (حزيران) الماضي، بـ93 تدخلاً للنجدة بالشواطئ، وبسبب عدم صلاحية عدد من الشواطئ في ضواحي العاصمة، للسباحة، بسبب التلوث، يضطر عدد من التونسيين إلى البحث عن شواطئ نظيفة خارج العاصمة.
عشرات الشواطئ غير صالحة للسباحة
ويصطحب ناجي المحفوظي (56 عاماً)، صاحب مقهى، عائلته، يومياً، خلال فترة إجازته، إلى شواطئ نابل (الساحل الشرقي)، بعد أن يقطع نحو 70 كيلومتراً، من أجل بحر نظيف وبه سباحون منقذون. ويشير المحفوظي إلى أن عدد الشواطئ القريبة من العاصمة غير صالحة للسباحة، لأنها باتت مصبات لقنوات تصريف المياه، محملاً المسؤولية لوزارة البيئة، وواصفاً ما يحدث بالجريمة في حق الأجيال المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة نشرت بلاغاً، في بداية موسم الاصطياف، أكدت فيه أن "21 شاطئاً موزعة على خمس جهات غير قابلة للسباحة، بسبب تلوث عدد من الأودية التي تصب في البحر".
ويأتي تحديد هذه القائمة في إطار الوقاية من المخاطر الصحية، المرتبطة بالسباحة في البحر، من قبل الشبكة الوطنية لمراقبة مياه الشواطئ، التابعة لوزارة الصحة، والتي تشمل 539 نقطة مراقبة، موزعة على كامل الشريط الساحلي.
وأكدت وزارة الصحة أنها أعلمت السلطات المعنية لاتخاذ الإجراءات المستوجبة لمنع السباحة في الشواطئ المذكورة والحد من تلوث مياه البحر، داعية مرتادي الشواطئ إلى "ضرورة الامتناع عن السباحة في الشواطئ الملوثة، وتجنب السلوكيات التي يمكن أن ينجم عنها تلوث مياه الشواطئ وتردي نوعية مياهها".
الطفلة مرام ضحية إهمال
من جهتها. تقول أسماء الماجري، طالبة (23 عاماً)، أنها فقدت ابنة شقيقها، مرام (ست سنوات) منذ ثلاث سنوات، على أحد شواطئ بنزرت (شمال)، ومن وقتها انقطعت علاقتها بالبحر، وتستحضر لحظة غرق مرام والدموع تملأ عينيها، "في لحظة فقدنا ابتسامتها، وعلى الرغم من محاولتنا إسعافها، إلا أنها كانت منهكة، ثم فجأة تغير لون وجهها، وانتظرنا وصول الحماية المدنية، التي نقلتها سريعاً إلى المستشفى، إلا أنها فارقت الحياة". وتضيف أسماء، "ربما لو وجد سباح منقذ يومها، لكانت مرام بيننا اليوم، محملة المسؤولية إلى البلديات، التي لا توفر خدمات للمصطافين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صورة مرام لا تفارق وجدان أسماء، وبعد تلك الحادثة الأليمة لا تفكر عائلتها مجدداً في الذهاب إلى البحر، وتتكرر هذه الصورة لدى عشرات العائلات التونسية.
التقيد بتوصيات الحماية المدنية
ويؤكد المدير الجهوي للحماية المدنية بتونس العميد منير الريابي، أن "ظاهرة غرق المصطافين تنامت بشكل كبير، خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من الاستعدادات التي تبدأ منذ شهر أبريل (نيسان) من كل سنة". ويضيف، "تم تكوين السباحين المنقذين على مستوى ولاية تونس، وعددهم 122 سباحاً منقذاً، في الإسعافات الأولية والإنقاذ البحري، وسينتشرون على امتداد 25 كيلومتراً من السواحل، و22 نقطة حراسة ومراقبة للشواطئ، في العاصمة وضواحيها"، لافتاً إلى أنه "قد تم تحديد أماكن الاصطياف، ووضع علامات منع السباحة في الشواطئ غير المهيأة، أو الصخرية، أو ذات خطورة كوجود حفر، أو تيارات مائية قوية"، ويستدرك الريابي قائلاً، "على الرغم من الاستعدادات، ووضع كل التجهيزات، فإن بعض المصطافين يتعمدون السباحة في الشواطئ الممنوعة وغير المحروسة، ولا يتقيدون بالإشارات الموضوعة الدالة على إمكانية السباحة من عدمها".
صعوبات في التعامل مع المصطافين
ويؤكد العميد الريابي أيضاً أن السباحين المنقذين يواجهون صعوبات في التعامل مع المصطافين، الذين يرفضون الامتثال إلى أوامر وتعليمات الحماية المدنية، لذلك يحبذون العمل في الفنادق والقطاع الخاص، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى "الصعوبات المالية التي تعانيها البلديات، والتي حالت دون انتداب العدد الكافي من السباحين المنقذين، لذلك، توجد عشرات الشواطئ من دون سباحين منقذين، علماً بأن السباح المنقذ يتقاضى أجراً زهيداً، لا يتجاوز 400 دينار (130 دولاراً) شهرياً".
ودعا المدير الجهوي للحماية المدنية في تونس، المصطافين إلى "ضرورة التقيد بتوصيات الحماية المدنية، وارتياد الشواطئ المحروسة، والمسموح فيها بالسباحة، مشدداً على دور المجتمع المدني والمواطن في التقليص من الأرقام العالية لضحايا الشواطئ".