التوقيت جزء من موهبة المهاجم، ويمكن لروبرت ليفاندوفسكي ضبط توقيت وصوله إلى منطقة الجزاء بشكل أفضل من أي شخص آخر، ليكون أول من يتعامل مع الكرة في كثير من الأحيان، لكن وفقاً لما ورد أخيراً أنه كان آخر مرة وصل إلى تدريب بايرن ميونيخ لثلاثة أيام متتالية.
بذلك بدا وكأن المهاجم العابس يرسل رسالة إلى إدارة ناديه التي التفت إليه، وبعد يوم واحد أعلن النادي أنه تم الاتفاق على صفقة ينضم بموجبها ليفاندوفسكي إلى أحد أسوأ فرق برشلونة في العقود الأربعة الأخيرة.
وربما لن تتم صياغة الأمر بهذه الطريقة، ولكن قد يشهر وضع بايرن ميونيخ كنادي مقصد ببعض التهديد، إذ انتقل نجمه الأول إلى إحدى القوى العظمى في إسبانيا، سيراً على خطى ديفيد ألابا، الذي انضم إلى ريال مدريد العام الماضي، وهذا يشير إلى أنه يمكن أن يشعر بعض اللاعبين بالملل من خلال الفوز بالدوري الألماني.
وفي هذا الصدد، يفرض هذا الموقف أهمية أكبر على الصفقة الصيفية بانضمام ساديو ماني والانتقال المحتمل لماتيس دي ليخت، لتتجاوز مجرد إضافة مهاجم لتعزيز خط أمامي سيحرم قريباً من ليفاندوفسكي، والدفاع الذي رحل عنه ألابا أولاً ثم نيكلاس سولي، حيث ذهبا في صفقتين مجانيتين في صيفين متتاليين.
وكانت فكرة رئيس بايرن ميونيخ هربرت هاينر حول السنغالي صحيحة، حين قال، "ساديو ماني نجم عالمي يؤكد جاذبية بايرن ميونيخ وسيزيد من جاذبية البوندسليغا ككل، إذ يأتي المشجعون إلى الملاعب لمشاهدة مثل هؤلاء اللاعبين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمكن القول إن بايرن قد أضر بجاذبية الدوري الألماني مع توقع انتصاراته المتتالية باللقب المحلي، لكن كان من الملحوظ أن هاينر شعر بالحاجة إلى ذكر جاذبية بايرن ميونيخ، التي يبدو أنها باتت موضع شك، وسط شعور بالرفض من لاعب لم يتفوق عليه سوى غيرد مولر في تاريخ النادي، وفي وقت كان هناك شك في شأن مستقبل سيرج غنابري، لكن لاعب الجناح وقع عقداً جديداً الآن.
وتعد هذه أوقات غريبة في بايرن ميونيخ، إذ يخضع نادي الاستمرارية للتغيير، وقد يكون من المبالغة أن نطلق على الأمر أزمة هوية - بالتأكيد لم يكن الأمر كافياً للتعاقد مع كريستيانو رونالدو - ولكن سيكون هناك شعور مختلف تماماً من دون ليفاندوفسكي، خاصة إذا كان مهاجماً برصيد 153 هدفاً في أفضل حالاته، مع متوسط تهديفي يبلغ هدف في كل مباراة في المواسم الثلاثة الماضية، ولا يتم استبداله، في ظل استحواذ نموذج المهاجم الوهمي أو "التسعة الكاذبة"، وربما يكون بعض هذا التغيير نتيجة حتمية لتعيين المدير الفني الشاب جوليان ناغلسمان.
ومع ذلك، بعد عامين فقط من ظهور فريق بايرن ميونيخ كفريق عصري، يبدو أنه الآن في مرحلة انتقالية، وذلك بعد أن رفعوا لقب دوري أبطال أوروبا في عام 2020 كأول فريق يفعل ذلك بالفوز في كل مباراة بتلك النسخة، وتضمنت مسيرته الفوز التاريخي بنتيجة 8-2 على رفاق عمل ليفاندوفسكي المستقبليين فريق برشلونة، والفوز 7-1 في مجموع المباراتين على تشيلسي والفوز 7-2 خارج الأرض على توتنهام، وخوض 30 مباراة من دون هزيمة وتسجيل 100 هدف في البوندسليغا.
وبعد موسمين، خرجوا من دوري أبطال أوروبا على يد باريس سان جيرمان، ثم كان الخروج الأكثر درامية على يد فياريال الإسباني، وبعيداً من مانويل نوير وتوماس مولر، اللذين عاصرا التتويج بلقب 2013، يظل التتويج الوحيد بلقب دوري أبطال أوروبا وكأنه إنجاز ضعيف في سنوات ليفاندوفسكي الثمانية، وبالتأكيد الظهور مرة واحدة في نصف النهائي خلال آخر أربع سنوات، أكثر ضعفاً.
وبدا أن بايرن في وضع أفضل للاستفادة من تراجع ريال وبرشلونة، لكن بدلاً من ذلك عاد ريال مدريد المصاب بالشيخوخة إلى الظهور بشكل مدهش بينما تفوق ليفربول على بايرن.
وربما لم يكن ضمان المجد المحلي كافياً لبعض لاعبي بايرن، إذ شعر النادي بأنه عالق وسط المشكلة الحديثة التي تواجهها الأندية الناجحة، بأنه غير قادر على تجديد عقود جميع لاعبيه الرئيسين بالمستويات المطلوبة، بل إن جاذبية الاحتكار الإسباني امتدت حتى إلى جماهير النادي.
وتسبب ذلك في مضاعفة صفقات النادي كدليل على الهيمنة، وإثباتاً على قوتهم الجاذبة، وأصبح من المعتاد بالنسبة لهم أن يسحقوا المنافسين المحليين بوروسيا دورتموند ولايبزيغ، من خلال الإغارة عليهما للحصول على لاعبيهم، لكن كان من النادر نسبياً بالنسبة لهم التعاقد مع لاعبي فرق الدرجة الأولى في أوروبا، حيث لم يكن كينغسلي كومان لاعباً أساسياً في يوفنتوس، وربما كان لوكاس هيرنانديز المنضم من أتلتيكو مدريد وليروي ساني من مانشستر سيتي، من انطبق عليهما هذا التعريف منذ انضمام أرتورو فيدال في عام 2015، لكن على عكس عديد من صفقاتهم القادمة من فريق ألمانيا، لم يحقق ساني ولا هيرنانديز نجاحاً واضحاً.
في الواقع، لو كان أداء الفرنسي أفضل، فربما لم يتطلب سجله الدفاعي معالجة، ومع ذلك كان هناك تغيير في المسار من بايرن ميونيخ، بصفقة غير معهودة بضم ماني، الذي هو في الـ30 من عمره، أصغر من ليفاندوفسكي بأربع سنوات، وينضم إلى خط أمامي مع مجموعة من الأجنحة، إضافة إلى مولر المستمر منذ فترة طويلة.
ويأتي ماني بصفته الهداف الأفضل الذي قضى على بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا عام 2019، وربما يكون الأمر الأكثر صلة هو المهاجم الحفاز لليفربول في عام 2022.
ويمكن أن يكون ماني توقيعاً استراتيجياً، أو هو ذلك النوع من النجوم الذي لا يستطيع بايرن التغاضي عنه وسط احتمالية رحيل ليفاندوفسكي، ما يجعل الفريق مرشحاً للفوز بدوري أبطال أوروبا.
لكن صيف التغيير هذا سيخلق أزمة هوية لدى بايرن، الذي إذا كان هناك أي شك حول إمكانية فوزه بلقب الدوري الألماني الـ11 على التوالي، فربما اختفى عندما باع دورتموند إيرلينغ هالاند، لكن بدلاً من ذلك، تبدو المشكلة مختلفة، حيث تتعلق بمن يكون بايرن الآن.
© The Independent