قالت ليز تراس جملتين خلال اللقاء الانتخابي الإلكتروني على موقع حزب المحافظين، تعهدت فيهما إنفاق 54 مليار جنيه استرليني (نحو 64 مليار دولار) سنوياً، ورسخت بالتالي دورها كأكثر المرشحين تهوراً من الناحية المالية. في إحدى الجملتين، عددت التخفيضات الضريبية التي تتعهد بفرضها: عكس الزيادة في اشتراكات التأمين الوطني، وتعليق الضرائب الخضراء على فواتير الطاقة وعدم رفع ضرائب الشركات العام المقبل.
هذا يعادل تخفيض الإيرادات بقيمة 27 مليار جنيه استرليني (نحو 32 مليار دولار) خلال سنة واحدة في ظل حكومة تترأسها تراس. وفي وقت لاحق خلال اللقاء الانتخابي، أكدت أنها سترفع الإنفاق على الدفاع إلى 3 في المئة من الدخل القومي. وهو ما يعني زيادة في الإنفاق بمعدل 27 مليار جنيه، مع أنها قالت خلال إطلاقها حملتها الانتخابية يوم الخميس إن ذلك سيحصل "بحلول نهاية العقد"، أي بعد ثمانية أعوام.
بعض هذه التكاليف غير واضحة بسبب عادة ريشي سوناك زيادة الضرائب وتخفيضها في الوقت نفسه، ولذلك من المهم تسليط الضوء على مدى الإسراف في مخططات تراس. رفع سوناك التأمين الوطني بـ17 مليار جنيه استرليني (نحو 20 مليار دولار) سنوياً في أبريل (نيسان) هذا العام، ثم خفض الاشتراكات بمعدل 6 مليارات جنيه استرليني (نحو 7 مليارات دولار) في السنة في يوليو (تموز)، وقال برفع الحد الأدنى الذي يبدأ الموظفون عنده بالدفع. تريد تراس عكس [ العودة عن] الزيادة كلياً، بما فيها الزيادة في مساهمات أرباب العمل، مما سيكلف 11 مليار جنيه استرليني (نحو 13 مليار دولار) في السنة.
كما أعلن سوناك عن زيادة كبيرة في ضرائب الشركات السنة المقبلة، من 19 إلى 25 في المئة، ستدر 12 مليار جنيه استرليني (نحو 14.2 مليار دولار) في السنة الأولى، بحسب تقديرات وزارة المالية. وما تريده تراس هو إلغاء تلك "الزيادة". وبعدها تريد كذلك أن تعلق الضرائب الخضراء في فواتير الطاقة. بالتالي بإضافة 11 ملياراً إلى 12 ملياراً و4 مليارات يصبح المجموع 27 مليار جنيه استرليني في سنة واحدة. وكون تعليق الضرائب الخضراء أمر مؤقت لا يجعل من الموقف الإجمالي أكثر حذراً لأن إيرادات زيادة الضرائب على الشركات من المتوقع أن ترتفع إلى حد 17 ملياراً خلال سنتين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحتى لو فرضت زيادة الإنفاق على الدفاع بعد ثمانية أعوام، فإن الوعود بشأن الضرائب والإنفاق التي تقدمت بها تراس توازي تلك التي قطعها [الزعيم العمالي السابق] جيريمي كوربين و[وزير الخزانة في حكومة الظل سابقاً (العمالي)] جون ماكدونيل. وتزعم تراس بأنها ستتمكن من تحمل هذه الكلفة لاعتقادها بأن إيرادات الضرائب ستكون أعلى مما توقعه مكتب مسؤولية الموازنة، ولأنها ستتعامل مع الدين المترتب على [مكافحة جائحة] "كوفيد" الذي يبلغ 360 ملياراً (نحو 426.7 دولار)، باعتباره دين حرب يُسدد على فترة أطول.
يسمي سوناك هذه الوعود "ضروباً من الخيال". صحيح أن الإيرادات انتعشت في الآونة الأخيرة، ولكن ما الذي يجعل من شخصية سياسية تستميت في إطلاق وعود بإنفاق أكبر من وعود منافسيها، أفضل في شؤون التنبؤ بحصيلة الضرائب للأعوام القليلة المقبلة؟ أما بالنسبة إلى تسديد ديون "كوفيد" بوتيرة أبطأ، كيف يكون ذلك ممكناً في الوقت الذي خطط سوناك أساساً لعدم تسديدها على الإطلاق؟ (ارتأى وزير المالية السابق أنه لا بد من أن يستمر الدين بالانخفاض باعتباره نسبة من الدخل القومي، ولكن هذا يتحقق عن طريق النمو الاقتصادي- أو التضخم الذي يضعف القيمة النقدية للدين المستحق).
الملفت في الحملة هو أن الموقف الذي اتخذه كل من سوناك وتراس سمح لبيني موردونت أن تكون في موقع وسطي. فهي تطرح بدورها تخفيضات ضريبية غير ممولة، ولكنها أكثر تواضعاً من تلك التي تطرحها تراس. تتعهد موردونت بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة للوقود مؤقتاً، "تمولها" الإيرادات فوق المتوقعة للضريبة على القيمة المضافة (وهي مناورة استعارتها من رايتشل ريفز، وزيرة المالية في حكومة الظل)، ووعدت برفع الحد الأدنى للضريبة الأساسية وضريبة الدخل تماشياً مع التضخم، مما يرتب تكلفة 8 مليارات جنيه استرليني (نحو 9.5 مليار دولار) في سنة واحدة.
وأتاح لها تناقضها مع تراس أن تظهر كنموذج للحصافة المالية، مع أن مبدأ الاقتراض الإضافي لم يتغير.
قد يكون لزيادة الاقتراض تبريرات اقتصادية جيدة. فالميزانية القومية ليست كميزانية الأُسر، ونحن نواجه خطر الركود. ولكننا لجأنا بالفعل إلى اقتراض حكومي ضخم مرتين في الفترة الأخيرة بهدف حماية الوظائف من الصدمات الاقتصادية، فيما معدلات الفائدة في ارتفاع.
لو أرادت تراس وموردونت الدفاع عن مسألة زيادة الإنفاق العام، كما طرحها كوربين-ماكدونيل، عليهما طرحها بدورهما في كل لقاء انتخابي وكل مقابلة انتخابية طيلة الفترة المتبقية من الحملة. وإلا، فهناك خطر بأن من سيربح هذا السباق هو المرشح الذي يقص قصصاً خيالية لكنها أكثر قابلية للتصديق.
نُشر في اندبندنت بتاريخ 16 يوليو 2022
© The Independent