أدى رانيل ويكريميسينغ، الذي تولى رئاسة الوزراء في سريلانكا ست مرات، اليمين اليوم الخميس، كرئيس للبلاد الواقعة في جنوب آسيا وتشهد أزمة كبرى، كان أحد فصولها هروب رئيسها السابق غوتابايا راجابكسا، فيما قال مسؤولون إنه يتطلع إلى تشكيل حكومة وحدة لإدارة الاضطرابات.
وأدى ويكريميسينغ (73 سنة) الذي انتخبه البرلمان، الأربعاء، اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا جاياناثا جاياسوريا في مجمع البرلمان الخاضع لحراسة مشددة، كما أعلن مكتبه.
وكان من المقرر أن يبث الاحتفال القصير على التلفزيون مباشرة، لكن التغطية قطعت مع دخول ويكريميسينغ وزوجته مايثري المبنى بعد عرض عسكري.
وقال مسؤول دفاعي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "تحقيقاً فتح لمعرفة سبب انقطاع البث المفاجئ".
ووقف قائد الشرطة السريلانكية وكبار الضباط العسكريين خلف الرئيس الجديد خلال الاحتفال الذي جرى بحضور رئيس البرلمان ماهيندا أبيواردانا.
أزمة اقتصادية
وأشارت مصادر رسمية إلى أنه من المتوقع أن يشكل الرئيس الجديد حكومة لا يتجاوز عددها 30 وزيراً لإخراج البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ استقلالها عن بريطانيا.
ويعاني السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة نقصاً خطراً في المواد الأساسية منذ نهاية العام الماضي، إذ إن البلاد لم تعد تملك عملات أجنبية لتمويل وارداتها الأساسية، من غذاء وأدوية ووقود.
وتخلفت سريلانكا عن سداد دينها الخارجي البالغ 51 مليار دولار منتصف أبريل (نيسان) وتجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف إقرار خطة إنقاذ.
وتفاقم الغضب العام جراء الأزمة ما دفع بعشرات الآلاف من المتظاهرين إلى اقتحام منزل الرئيس السابق غوتابايا راجابكسا، الأمر الذي أجبره على التنحي وتمهيد الطريق لانتخاب ويكريميسينغ.
ويتوقع أن يدعو ويكريميسينغ زميله السابق في المدرسة ووزير الإدارة العامة السابق دينيش غوناواردينا لتولي رئاسة الوزراء في حكومة الوحدة.
لكن مصادر سياسية أفادت أن هناك مرشحين آخرين في الأقل يشاركان في السباق على منصب رئيس الوزراء.
ويعرف ويكريميسينغ غوناواردينا منذ سن الثالثة، ودرسا معاً في رويل كوليدج المرموقة في كولومبو.
وغوناواردينا هو زعيم نقابي ويمثل حزباً قومياً صغيراً متحالفاً مع حزب راجابكسا.
وقال مصدر مقرب من ويكريميسينغ "سينضم عدد قليل من نواب المعارضة الرئيسة إلى الحكومة"، مضيفاً أنه حريص على أن يضمن ائتلافاً يضم مجموعات سياسية مختلفة.
وبعد الصلاة في معبد بوذي الأربعاء عقب انتخابه، تعهد ويكريميسينغ باتخاذ موقف متشدد ضد مثيري الشغب الذين يحاولون تعطيل حكومته، لكنه أشار إلى أن هناك فرقاً بين المتظاهرين السلميين و"مثيري الشغب" الذين يلجأون إلى وسائل غير قانونية.
وقال "إذا حاولنا إطاحة الحكومة واحتلال مكتب الرئيس ومكتب رئيس الوزراء، فذلك ليس ديمقراطية وسنتعامل مع المشاركين بحزم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "سنتعامل معهم بحزم بموجب القانون. لن نسمح لأقلية من المحتجين بقمع تطلعات الغالبية الصامتة التي تطالب بتغيير في النظام السياسي".
واتهم المتظاهرون الذين اقتحموا قصر راجابكسا وأطاحوه في وقت سابق من هذا الشهر ويكريميسينغ بأنه حليف لعائلة راجابكسا وحامٍ لها.
لكن الرئيس الجديد قال للصحافيين من معبد غنغارامايا "أنا لست صديقاً لراجابكسا، أنا صديق للشعب".
وقال مسؤولون إن ويكريميسينغ سيعقد أول اجتماع رسمي له مع الضباط العسكريين الكبار وقائد الشرطة في وزارة الدفاع الخميس لمناقشة البيئة الأمنية.
وينص الدستور السريلانكي على أن الرئيس هو أيضاً وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة.
وكان ويكريميسينغ، بصفته رئيساً بالإنابة، أعلن حالة الطوارئ التي يمنح الجيش بموجبها سلطات واسعة لتوقيف مشتبه فيهم واحتجازهم.
رهانات غبية
من ناحية أخرى، قال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) الأربعاء إن سريلانكا قامت بـ"رهانات غبية" من خلال استدانتها من الصين، معتبراً حالها بمثابة تحذير للدول الأخرى التي يغريها مثل هذا التقارب مع بكين، على حد قوله.
وأوضح بيل بيرنز خلال منتدى الأمن في أسبن في ولاية كولورادو "للصينيين نفوذ كبير ويمكنهم أن يجعلوا استثماراتهم جذابة للغاية".
وأضاف أنه ينبغي على الدول الأخرى مراقبة الوضع "في بلد مثل سريلانكا اليوم، فهي مثقلة بالديون للصين وقامت ببعض الرهانات الغبية على مستقبلها الاقتصادي، بالتالي فهي تعاني تداعيات سياسية واقتصادية كارثية".
وتابع بيرنز أن الأزمة في سريلانكا يجب أن تكون بمثابة درس "ليس في الشرق الأوسط أو جنوب آسيا فحسب، بل أيضاً في كل أنحاء العالم، بالحفاظ على اليقظة في شأن هذا النوع من الصفقات".
واستثمرت الصين بكثافة في سريلانكا التي تحتل موقعاً استراتيجياً في المحيط الهندي قبالة الهند التي غالباً ما تعتبر منافسة لبكين، كما تعاونت البلاد بشكل وثيق مع الرئيس السابق غوتابايا راجابكسا.
واقترضت سريلانكا مبالغ كبيرة من الصين لمشاريع بنى تحتية اعتبرها البعض باهظة وليست ذات منفعة عامة فعلية.
في عام 2017، وجدت سريلانكا نفسها عاجزة عن سداد قرض يبلغ 1.4 مليار دولار لبناء ميناء في جنوبها وأجبرت على تسليم عقد إيجار الموقع لشركة صينية لمدة 99 عاماً.
وقرب الميناء أيضاً، يوجد مطار راجابكسا الذي أنشئ بقرض يبلغ 200 مليون دولار من الصين، لكن استخدامه المنخفض في وقت من الأوقات حال دون أن يكون مربحاً بما يكفي لتغطية فاتورة الكهرباء الخاصة به.