دخل "بريكست" حيز التنفيذ تماماً عند الساعة الحادية عشرة بتوقيت بريطانيا يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ما السبب إذن في أن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أصبح فجأة يمثل معاناة للمسافرين الراغبين بالعودة إلى الاتحاد الأوروبي ولو لفترة قصيرة من أجل قضاء العطلة؟
السبب هو أنها أول عطلة نهاية أسبوع حقيقية في فترة الذروة لعابري القنال الإنجليزي من دوفر منذ انتهاء الفترة الانتقالية في [اتفاق] "بريكست".
كانت حالة الاختناق على عبور القنال لتحدث منذ سنة، لو لم يتخذ قرار "القائمة الصفراء- بلس" الغريب [المستهجن]. في هذا الوقت من يوليو (تموز) الماضي، شح الحشد الاعتيادي للمسافرين البريطانيين المتوجهين لقضاء العطلة في فرنسا نتيجة اختراع الحكومة البريطانية خانة جديدة خصصتها للأشخاص العائدين من الجهة المقابلة من القنال، وفرضت عليهم بموجبها الحجر الصحي الإلزامي.
كان من المفترض بالمسافرين القادمين من دول القائمة "الصفراء" قياساً على "إشارة المرور"، ومنهم فرنسا وإسبانيا ومعظم الدول التي نفضل زيارتها في أوروبا، أن يتنقلوا من دون أن يكونوا مرغمين على قضاء فترة حجر صحي مع بدء العطلة المدرسية الرئيسة بالنسبة للعائلات في إنجلترا وويلز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إنما في تمام الساعة الرابعة صباحاً في 19 يوليو 2021، صنفت فرنسا في خانة لم تعمر طويلاً فرض بموجبها العزل الذاتي لمدة 10 أيام. وقبل أيام معدودة من عطلة نهاية الأسبوع التي كان من المفترض أن تكون الذروة للمسافرين المغادرين، ألغى مئات آلاف الأشخاص الذاهبين لقضاء عطلتهم مخططات عبور القنال.
وبحلول الوقت الذي تبين فيه أنه لا فائدة طبية من الفئة الصفراء بلس، وأن الموضوع برمته كان سوء تقدير جيوسياسي بائس، كان الوقت قد فات بالنسبة للعائلات لكي تعيد التخطيط لقضاء العطلة في فرنسا.
واستكمل هذا الفشل الذريع خلال عطلة عيد الميلاد التالي عن طريق "المبالغة في رد الفعل على أوميكرون"، من قبيل القرار الغريب الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بالقضاء على الموجة الاعتيادية من المتزلجين البريطانيين الذين يقصدون جبال الألب، عبر فرض حظر لا طائل منه علمياً على الزوار البريطانيين.
ولهذا السبب، يمكننا الآن فقط أن نرى بوضوح نتائج القرار الذي اتخذناه في استفتاء 2016 في شأن الاتحاد الأوروبي.
عندما كنا أعضاء في الاتحاد الأوروبي، أسهمنا في سن القوانين التي تحكم "رعايا البلدان الثالثة". وفي اتفاق الانسحاب، طلب الوزراء أن نخضع نحن لهذه القوانين.
ولهذا السبب، سيضطر مئات آلاف المسافرين إلى اليونان وإسبانيا وإيطاليا اليوم قضاء بعض الوقت في طوابير انتظار من أجل ختم جوازات سفرهم.
لكن في المرفأ الرئيس على القنال، وضعت نقاط ضبط الهجرة "جنباً إلى جنب"- بحيث يمر المسافرون عبرها قبل مغادرة المملكة المتحدة، إذ نشرت شرطة الحدود الفرنسية في دوفر لفحص جوازات سفر المسافرين البريطانيين قبل صعودهم على متن العبارات التي تقلهم إلى كاليه ودنكيرك.
يعلم أي شخص غادر البلاد عبر هذه الطريقة قبل 1 يناير (كانون الثاني) 2021 بأن فحص الجوازات كان غالباً سريعاً جداً: يبرز أحد ركاب السيارة جوازات السفر ويلوح المسؤول غير المهتم بيده للسيارة سامحاً لها بالمرور.
إنما عليهم أن يكونوا مهتمين الآن. باعتبارهم حراس حدود الاتحاد الأوروبي، هم مرغمون على فحص كل جواز سفر على حدة، وختمه بتاريخ المغادرة إلى فرنسا، وهذا الأمر ضروري لكي يحرص المسؤولون على عدم تخطي المسافرين مدة الإقامة المسموحة لهم في البلاد، والحد الأقصى لهذه المدة هو 90 يوماً خلال فترة 180 يوماً- وهذا قانون آخر اخترنا أن نطبقه على أنفسنا.
ازداد الوقت الذي تستغرقه كل سيارة في العبور من عدة ثوان إلى دقيقتين تقريباً- ما أدى إلى تشكيل طوابير تنمو بسرعة مخيفة.
كان من المتوقع أن تكون هذه هي عطلة نهاية الأسبوع الأولى الحقيقية التي نصبح فيها في تماس مباشر مع الواقع الجديد، ومن المتوقع كذلك أن تكون صعبة، لكن المفاجأة الوحيدة كانت القلة الكارثية في عدد الموظفين في المنطقة الحدودية الفرنسية التي توسعت حديثاً لدرجة حتمت الإعلان عن "حالة حرجة"، وإصدار مسؤولي المعبر بياناً قاسياً جداً يلومون فيه الجانب الفرنسي على تخريب فترة العطلة البريطانية.
سوف تصلح العلاقات. وسيعين المزيد من الموظفين. وبحلول بداية الأسبوع المقبل، سيخف حجم الطوابير.
لكن عندها ستكون ثقة المسافرين قد تلقت ضربة أخرى- شأنها شأن قطاع السياحة الوافدة.
إذ ستلفت الفوضى في دوفر التي تعم الشاشات، نظر المسافرين من فرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا، وربما سيعيدون التفكير في قرارهم باصطحاب العائلة بالسيارة إلى المملكة المتحدة. فمع أنهم يدخلون دول الاتحاد الأوروبي فوراً وبلا انتظار، سيتعين عليهم الاصطفاف في طوابير على الطريق السريع أي 2 وأي 20 طيلة ساعات شأننا.
لكن على الأقل، فيما يختمر المسافرون البريطانيون داخل سياراتهم، ربما يتسنى لهم أن يتأملوا جوازات سفرهم "الزرقاء" التي قدمت لنا باعتبارها ميزة لـ"بريكست"- مع أنه لا شيء يمنع أعضاء الاتحاد الأوروبي من مخالفة عرف اللون الأحمر الخمري لجوازات السفر الأوروبية حينما يشاؤون. وربما تكسب منتجعات شرق كنت ربحاً قصير الأمد من "بريكست" من مسافرين قرروا تغيير وجهتهم.
© The Independent