أعلنت السفارة الأميركية في أديس أبابا عن وصول المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر، إلى إثيوبيا، الجمعة 29 يوليو (تموز)، لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلام بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي.
وفي أول تفاعل على معطيات زيارة المبعوث الأميركي، قال رضوان حسين، مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي للأمن القومي، الخميس، إن "الحكومة مستعدة للنقاش (مع قادة متمردي جبهة تحرير تيغراي) في أي وقت وفي أي مكان"، لكنه أضاف "المحادثات يجب أن تبدأ من دون شروط مسبقة".
دعم جهود السلام
تأتي تصريحات حسين كرد فعل على ما نقله التلفزيون المحلي في إقليم تيغراي، الأربعاء 27 يوليو، عن رئيس الإقليم ورئيس "الجبهة الشعبية" ديبريتسيون جبريمايكل بأن "أي نقاش لن يبدأ قبل استعادة الخدمات الأساسية (الكهرباء، والاتصالات، والبنوك، والوقود) التي حرم منها الإقليم منذ أكثر من عام".
والزيارة الحالية للمبعوث الأميركي هي الثانية له إلى المنطقة لدعم الجهود الرامية لتحقيق السلام بين حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد و"جبهة تحرير تيغراي"، بعد فشل كل من المبعوثين السابقين للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان والسفير ساترفيلد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتخوض الجبهة حرباً ضد الحكومة الإثيوبية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، حينما أعلنت الحكومة عن عملية (إنفاذ القانون) بالإقليم المتمرد، وأدت العملية إلى احتلاله بواسطة القوات الحكومية والإريترية المتحالفة.
في يونيو (حزيران) 2021، استطاعت الجبهة استعادة الإقليم، وفي وقت لاحق استولت على عدد من المدن بإقليمي أمهرا وعفر، وأعلنت تقدمها نحو العاصمة أديس أبابا، مما تسبب في خلق جو من الترقب والحذر دفع الحكومة الإثيوبية إلى إعلان قانون الطوارئ، وتبع ذلك خروج عدد من البعثات الدبلوماسية من إثيوبيا.
وأدت الحرب بين جبهة تيغراي والفصائل المتحالفة معها من جانب، وقوات الحكومة من جانب آخر، إلى التسبب في أزمات إنسانية ونزوح الملايين من مناطق أمهرا وعفر تاركين قراهم.
ضغوط أممية
في وقت لاحق، ونتيجة لضغوط أميركية وأممية وغربية، أعلن الطرفان استجابتهما لوقف الحرب، والدخول في مفاوضات سياسية للتوصل إلى سلام دائم. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إطلاق دعوة للسلام في 7 يناير (كانون الثاني) 2022. وقال في بيان إن "نهاية الصراع في ثقافتنا هي المصالحة والتسامح". وأعلنت الحكومة الإثيوبية عن هدنة إنسانية مفتوحة استجابت لها "جبهة تيغراي" لتبدأ مسيرة السلام الفعلية بين الجانبين.
وفي إشارتها لمهام الزيارة، قالت السفارة الأميركية على حسابها بموقع "تويتر"، "سيلتقي هامر مسؤولين من الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني".
وينظر المراقبون إلى زيارة المبعوث الأميركي من زاوية تتبعها مسيرة السلام الإثيوبية، إلى جانب الاهتمام بتدفق المعونات الإغاثية، والتأكد من مسار وصول المساعدات إلى إقليم تيغراي.
وعلى الرغم من عدم تطرق بيان السفارة الأميركية إلى أي إشارة في شأن عقد المبعوث الأميركي لقاءات أو اجتماعات مع قادة المتمردين في إقليم تيغراي، فإن من المقرر أن يطلع على آخر المستجدات في شأن الوضع الإنساني، كما يتوقع المراقبون زيارته تيغراي ولقاءه قادة الإقليم.
ماذا عن السد؟
تجدر الإشارة إلى أن وصول المبعوث الأميركي إلى أديس أبابا تأخر عن الموعد الذي كان معلناً عنه للزيارة (الثلاثاء)، إذ عدل تاريخ وصوله إلى الجمعة، في ظل ظروف زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إثيوبيا، الثلاثاء 26 يوليو، ما دفع هامر للتأخر في دولة الإمارات العربية ريثما يغادر الوزير الروسي.
وتشير أوساط سياسية إلى أن المسؤول الأميركي التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، دمقي مكنن، من دون الإعلان عن أي تفاصيل، لكن في الوقت الذي لم يتطرق برنامج المبعوث الأميركي في إثيوبيا لأي إشارة في شأن مشروع "سد النهضة"، يرى مراقبون أن تجاهله يأتي دلالة على فشل محادثاته السابقة مع الجانب المصري، لتنحصر مهامه الحالية بإثيوبيا في مشروع السلام بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي.
وكانت مصر تقدمت بشكوى رسمية للأمم المتحدة، الجمعة، ضد إثيوبيا، بسبب استمرار أديس أبابا في عملية الملء الثالث لسد النهضة. ووجه وزير الخارجية المصري سامح شكري خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن لتسجيل رفض مصر استمرار إثيوبيا في الملء بشكل أحادي من دون تنسيق مع طرفي المصب مصر والسودان.
ويعطي تزامن وصول المبعوث الأميركي إلى أديس أبابا، وبيان الخارجية المصرية، والشكوى المرفوعة إلى مجلس الأمن الدولي، دلالة إضافية على فشل محادثات هامر في القاهرة والإمارات قبل وصوله أديس أبابا في شأن الوساطة بقضية السد، والتي أعلنت عنها الإدارة الأميركية ضمن أهداف زيارة مبعوثها للمنطقة. لتنحصر مهام زيارته إثيوبيا في قضية السلام الإثيوبي.
مردود زيارة هامر
يقول الصحافي الإثيوبي سمراي كحساي، إن "مهمة هامر معقدة نتيجة ظروف الساحة الإثيوبية، فعلى الرغم من الحرص الحكومي على تحقيق السلام فإن ذلك يتطلب صدق نوايا الأطراف، وخلق أجواء من الثقة بينها، كما أن هناك عدداً من نقاط الخلاف بين الحكومة والجبهة كمسألة الشروط المسبقة، ومحاولات الطرفين تحقيق مكاسب ما في ظل الوساطة الأميركية، وأخيراً فإن هناك جهات معارضة أخرى تسعى لأن يكون لها نصيب من وراء زيارة المسؤول الأميركي، والمطلوب في هذه الحال التوازن بين جميع الأطراف، وخلق معادلة سياسية تحقق سلاماً وطنياً يرضي الجميع".
ويضيف كحساي، "للحكومة الإثيوبية مواقفها الثابتة في رفض أي وصاية خارجية تفرض عليها، وفي رأيي أنه لن يكون للزيارة ثمرات واضحة، لكن ربما تكون بداية لجولات أخرى في مسار السلام".