اقترح السير كير ستارمر حزمة ضخمة تبلغ قيمتها 29 مليار جنيه إسترليني (35 مليار دولار) لضبط فواتير الطاقة عند المستويات الحالية، ويقول إن الحزمة كفيلة بالمساعدة في معالجة أزمة تكاليف المعيشة المتفاقمة في بريطانيا وخفض معدلات التضخم.
ويزعم زعيم حزب العمال أن خطته "المؤمنة التكاليف بالكامل" من شأنها أن تخفض معدل ارتفاع الأسعار الخاصة بالمستهلكين بأربع نقاط مئوية، في خطوة ستعود بمنفعة إضافية تتمثل في خفض الفائدة التي تدفعها الحكومة على مليارات الجنيهات من الديون المرتبطة بالتضخم.
لكن هل أرقام حزب العمال منطقية وهل تعد هذه الخطة الوسيلة المثلى للتخفيف من التحديات المترتبة على الفواتير المتزايدة؟
ماذا يقترح حزب العمال؟
يرغب حزب العمال في تجميد سقف الأسعار الخاص بفواتير الغاز والكهرباء السنوية التي تترتب على الأسر عند المستوى الحالي، الذي يعادل 1000 و971 جنيهاً للأسرة ذات الاستخدام المتوسط.
وسيستمر التجميد ستة أشهر على مدار الشتاء حتى الـ31 من مارس (آذار) العام المقبل، حين يؤمل بأن يؤدي الطقس الدافئ إلى تخفيف الضغط على فواتير الأسر.
وفي غياب أي إجراء في هذا الصدد، من المتوقع أن يزيد مكتب أسواق الغاز والكهرباء، الجهة المنظمة لقطاع الطاقة، السقف إلى حوالى ثلاثة آلاف و600 جنيه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وأربعة آلاف و200 جنيه في الأول من يناير (كانون الثاني).
هل خطة حزب العمال "مؤمنة التكاليف بالكامل"؟
من الواضح أن ستارمر يشعر بقلق إزاء سمعة حزبه المستمرة بأنه ميال إلى الإسراف، لذلك جهد ليقول إن خطة حزب العمال "مؤمنة التكاليف بالكامل"، وهو يزعم أن ثمانية مليارات جنيه ستتحقق من سد الثغرات "السخيفة" في ضريبة غير متوقعة على الشركات المنتجة للنفط والغاز أعلنت الربيع الماضي وأجلت الاستيفاء إلى يناير.
وستأتي 14 مليار جنيه من أموال خصصتها الحكومة بالفعل لدعم تغطية فواتير الطاقة، في حين ستوفر سبعة مليارات جنيه إضافية من خلال انخفاض مدفوعات الفائدة على الديون بفضل تراجع معدل التضخم.
لكن بول جونسون مدير معهد دراسات المالية العامة، وهو مؤسسة بحثية، شكك في أرقام حزب العمال.
وقال لبرنامج "توداي" الذي يبثه "راديو 4" التابع لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) إن خفض الخطة لمعدل التضخم ومعدل الفائدة على مدفوعات الديون الحكومية سوف "يصح هذا العام"، لكنه حذر من أن متوسط معدل التضخم لن يتغير بمرور الوقت على افتراض أن الخطة مجرد إعانة موقتة، "لذلك فالخطة ليست توفيراً حقيقياً... في الأجل البعيد".
ورداً على ذلك، قال السير كير لبرنامج "بريكفاست" الذي تبثه "بي بي سي": "إن ما فشل بول جونسون في تفنيده هو أن خطتنا ستقلص معدل التضخم".
"ولا شك في أن ما يقوله عن حق هو أن ما سيحدث بعد أبريل (نيسان) سيكون مهماً، لأن التدابير اللازمة لتقليص معدل التضخم يجب أن تتواصل".
ماذا سيحدث بعد ستة أشهر؟
من الممكن بكل تأكيد أن يحتاج الناس إلى المساعدة في التعامل مع فواتيرهم في مجال الطاقة بعد الأشهر الستة المقبلة.
ورداً على سؤال عن طول التجميد المحتمل للسقف السعري، حض السير كير على تقييم الوضع خلال أبريل في ضوء التوقعات التي ستصدر وقتذاك حول اتجاهات الأسعار.
ورغم أن لا أحد يستطيع الجزم على وجه اليقين بمستويات أسعار الطاقة في أبريل المقبل، فثمة إجماع على أنها ستظل على الأرجح مرتفعة لبعض الوقت، وستتراجع تدريجياً عام 2023 عن مستوياتها المرتفعة.
وإذا صح هذا، ستتعرض الحكومة إلى ضغط كبير لإعلان مزيد من الدعم العام المقبل، وإلا واجهت الأسر قفزات كبيرة في الفواتير حين ينتهي العمل بتجميد سقف الأسعار.
ومن المأمول أن يحمي الطقس الأكثر دفئاً الناس من القفزات السعرية، ما يمنح الحكومة وقتاً أطول قليلاً لتتصرف قبل الشتاء التالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك قال السير كير إن تدابير أخرى ستكون مطلوبة "في مجال الأغذية وما إلى ذلك من أجل الإبقاء على انخفاض هذه الأسعار"، ومن أجل توفير العزل الحراري لـ19 مليون مسكن على مدى العقد المقبل.
هل الخطة هي الوسيلة الفضلى لمعالجة أزمة تكاليف المعيشة؟
من المؤكد أن الخطة عبارة عن اقتراح أكثر جرأة ووضوحاً من أي اقتراح يقدمه الطامحان إلى تولي رئاسة الوزراء البريطانية، ليز تراس وريتشي سوناك.
تقول تراس إنها تدعم تخفيضات ضريبية يرى منتقدون أنها ستخاطر بزيادة التضخم، ولن توفر المساعدة التي يحتاج إليها بشدة الأشخاص الأكثر حاجة.
ويشير سوناك إلى أنه سيقدم مزيداً من الدعم، إضافة إلى حزمة المنح والحسوم التي أعلنها أثناء توليه وزارة المالية، لكنه لم يوضح خطته هذه.
ويقال إن وزير المالية الحالي ناظم زهاوي طلب من مسؤولي الخزانة وضع خطط لخفض فواتير الغاز والكهرباء بمقدار 400 جنيه إضافية في يناير، من خلال برنامج إقراض جديد مخصص للجهات الموفرة للطاقة.
من سيستفيد إلى أقصى حد من اقتراح حزب العمال؟
في حين لاقى اقتراح حزب العمال ترحيباً واسع النطاق، فهو ينطوي على جوانب سلبية، ولأن المنافع شاملة للجميع، فقد يكون عدد من أكبر المستفيدين من الخطة الملاك الأثرياء للمنازل الكبيرة الذين يميلون إلى إنفاق مزيد من المال على التدفئة مقارنة بأشخاص أقل ثراء يقيمون في عقارات أصغر حجماً.
مثلاً، يستطيع ريشي سوناك نفسه أن يوفر آلافاً من الجنيهات في تكلفة تدفئة بركة السباحة الداخلية الجديدة الجاري تركيبها في قصره المقدر بـ1.1 مليون جنيه في يوركشر، في حين قد يستفيد أب أعزب أو أم عزباء في شقة صغيرة جديدة من جزء من الحسم لا أكثر.
ولن تفيد أيضاً هذه الخطة في الحد من الطلب على الغاز في المملكة المتحدة الذي يشكل أهمية في خفض الأسعار إلى الأجل البعيد.
ويمكن القول إن أفضل طريقة لتحقيق الغاية من الخطة تتلخص في حماية كل شخص معرض إلى خطر العجز عن تدفئة منزله أو تزويده بالطاقة، مع السماح لأي شخص آخر بأن يواجه أسعاراً أعلى.
وهذا من شأنه أن يحفز الأشخاص القادرين على خفض استخدامهم للطاقة على القيام بذلك، والنظر في الخيارات المتاحة لتثبيت نظام لتوليد الطاقة المتجددة ومضخات حرارية وعزل حراري منزلي، وهذا كله مطلوب إذا كان للمملكة المتحدة أن تنهي الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو اعتماد يعتبر السبب الجذري للأزمة الحالية.
ومن الممكن حل المشكلة جزئياً إذا وضع حزب العمال حداً أعلى للحسم أو الإعانة اللتين تستطيع أية أسرة أن تتلقاهما في فواتيرها.
بيد أن نهجاً كهذا قد لا يكون على رأس أجندة حزب العمال الذي يسعى إلى الفوز بأصوات الطبقة المتوسطة النافرة في شكل متزايد من ميل حزب المحافظين إلى اليمين.
© The Independent