يبرز اسم الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي، بقوة في الساحة السياسية منذ أيام، على نحو قد يقوده إلى خلافة رئيس الوزراء الحالي نور الدين بدوي، على الرغم من صمت رحابي حول معطيات ترشحه ليؤدي دوراً توافقياً ما بين الطبقة السياسية والسلطة الفعلية، وتتوافق أنباء كثيرة حول رحيل محتمل لبدوي وخلافته برحابي.
وفي سياق حديثٍ عن "حل وسط" للأزمة السياسية في الجزائر، يتداول سياسيون من المعارضة، اسم عبد العزيز رحابي، كمرشح قوي لخلافة نور الدين بدوي في غضون أيام، ورحابي دبلوماسي ووزير سابق، يحظى بتزكية واضحة من غالبية الأحزاب والتيارات النشطة في الجزائر.
ويحمل رحابي خريطة طريق من روح مقترحات "تنسيقية الانتقال الديموقراطي"، وهو تكتل سياسي ظهر ما بعد رئاسيات 2014، يطرح منذ تلك الفترة أفكاراً على أساس "انتقال ديموقراطي للسلطة"، كما أن تلك المقترحات لا تتعارض مع نص الدستور.
رحابي وسيط بين تيارات سياسية؟
في آخر ظهور له، كشف وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، عن تكليفه بمهمة التنسيق لإدارة الندوة الوطنية للحوار المزمع تنظيمها يوم 6 يوليو (تموز) المقبل بمشاركة أحزاب وشخصيات وممثلين عن المجتمع المدني وشباب الحراك الشعبي.
وشارك رحابي في اجتماع "قوى البديل الديموقراطي" بصفته منسقاً عن "قوى التغيير" الذي يضم نحو 14 حزباً سياسياً من التيار الوطني وإسلاميين.
وقال رحابي إن الأحزاب والمجتمع المدني الذي اجتمع في 15 يونيو (حزيران) الماضي، ستنظم ملتقى الحوار الوطني يوم 6 يوليو المقبل. وأضاف "كلفت بالتنسيق لإدارة هذه المبادرة السياسية الشاملة والجامعة لوضع تصور وآليات للخروج من الأزمة وتنظيم أول انتخابات رئاسية ديموقراطية في تاريخ البلاد".
وأعلن الوزير السابق عن قيامه باتصالات "واسعة من دون إقصاء أيّ طرف للمشاركة في تنظيم هذا اللقاء في كل مراحله والانخراط في السعي إلى الخروج من الأزمة"، موضحاً أنه التقى في هذا الإطار بمجموعة من أعضاء قيادة حزب جبهة القوى الاشتراكية وقدّم محتوى مشروع ملتقى الحوار الوطني".
لكن مشاركة "قوى البديل الديموقراطي" لم تتأكد بعد في ندوة الحوار الموسعة.
رحابي مقابل بدوي؟
قال قيادي حزبي مقرّب من رحابي لـ "اندبندنت عربية"، إن اسم الأخير مطروح فعلاً لتولّي قيادة الحكومة، على أساس حلّ وسط قد يؤدي إلى انفراج للأزمة السياسية، وعلم المصدر بـ "شروط" ساقها رحابي مقابل قبوله الدور، من ضمنها اتخاذ أي إجراء يراه مناسبا بعد استشارة الفاعلين في الطبقة السياسية دون إقصاء" للذهاب في فترة انتقالية محددة الزمن "مستمدة من روح الدستور وليس نصه حرفياً".
وفي حال وافقت جميع الأطراف على هذا المقترح، فإن عبد العزيز رحابي، قد "يستحدث لجنة لتنظيم الانتخابات الرئاسية بالتشاور المباشر مع جميع السياسيين وجمعيات المجتمع المدني"، أو "إمكان أن يتم تعيين هيئة موسعة تضم أسماء ترعى حواراً مستقبلياً" قد تضم وفق المصدر ذاته، شخصيات كرئيس الحكومة السابق، مولود حمروش، ورئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، وربما الرئيس الجزائري السابق، ليامين زروال وحتى وزير الخارجية السابق، أحمد طالب الإبراهيمي.
يعني ذلك أن دور رئيس الدولة المؤقت، سيتحول آلياً إلى "دور رمزي"، يمكن وصفه بـ "الشعرة الفاصلة بين البقاء في الدستور أو الخروج عن نصه"، وهذا عامل تتشدد معه المؤسسة العسكرية بشكل واضح وتصرّ على إخراجه من أية نقاشات سياسية مستقبلية.
طول فترة الانسداد في صالح رحابي
تتزايد قناعة كثير من الساسة وأطراف في الحراك بضرورة تجاوز حالة الانسداد سريعاً، قبل المسيرة رقم 19 على التوالي، أي منذ أكثر من أربعة أشهر.
يقول الكاتب الصحافي أنس جمعة "أتمنى أن يتمكن رحابي كشخصية وسطية متزنة من تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف للدخول في الاستحقاق الانتخابي في أقرب وقت بضمانات النزاهة... نحتاج سلطة شرعية منتخبة تقود مسار الإصلاحات".
فيما يتوقع آخرون، تعرّض رحابي لانتقادات من أطراف مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي، لإفشال مسعاه، كما كان الحال مع عشرات الشخصيات السياسية من جميع التيارات وحتى الشخصيات المستقلة التي كانت عرضة لحملات تشويه دفعتها للاختفاء من الساحة والابتعاد عن إبداء تعليقات حول الوضع الراهن.
ويوضح الكاتب الصحافي ياسين بودهان "أرجو ألا تطال الرجل سهام التخوين وحملات التشويه، رحابي شخصية توافقية ومقتدرة وقادرة فعلاً على القيام بالمهمة، الوضع لا يتحمل مزيداً من التأجيل".
ومعلوم أن رحابي كان سفيراً سابقاً في فترة الرئيس ليامين زروال، في كل من المكسيك ودول في أميركا الوسطى، ومن ثم سفيراً في إسبانيا، فعضواً ممثّلاً للجزائر في عدد من المنظمات الثقافية والاقتصادية العالمية، قبل أن يعين وزيراً للاتصال.
ومع انتخاب عبد العزيز بوتفليقة عام 1999، كان رحابي وزيراً في الحكومة الموروثة عن زروال، قبل أن يستقيل، حيث يصف رحابي، الرئيس السابق (بوتفليقة) بالشخصية التي "أسست نظام حكم مدى الحياة أعاد الجزائر إلى سنوات الاتحاد السوفياتي".
حافظ رحابي أيضاً في طرحه السياسي على تغليب مبدأ الحوار من دون إقصاء لتجاوز المرحلة الحالية، طرح يبدو أنه عزّزَ من صدقيته لدى أحزاب المعارضة أو حتى السلطة الفعلية ومكّنه من لعب دور وسيط في محاولة تنسيق الرؤى ما بين أقطاب المعارضة.