كشف تقرير حديث، أن نشوب صدام بين الصين وتايوان سيؤدي إلى اضطراب هائل في سلاسل التوريد العالمية، حيث تسببت التدريبات العسكرية الصينية الأخيرة، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، في تعطيل حركة البحر والمجال الجوي الرئيسيين في مضيق تايوان، فيما اضطرت سفن الشحن والطائرات إلى إيجاد طرق بديلة في المنطقة.
وأشارت دورية "ذا ديبلومات" الأميركية المتخصصة في الشؤون الآسيوية، إلى أن وزارة الدفاع الصينية حذرت السفن والطائرات بالبقاء خارج ست مناطق مختلفة أثناء إجراء التدريبات؛ إذ تم إغلاق ثلاث مناطق في مضيق تايوان أو بالقرب منه، مما تسبب في إلغاء رحلات السفن والطائرات أو إعادة توجيه مسار النقل.
وشدد التقرير على أهمية مضيق تايوان، إذ إنه لا يوجد ممر مائي آخر يمكن للسفن أن تنطلق عبره إلى بحر الصين الجنوبي سوى مضيق لوزون، وفي حال جرى توجيه السفن لمسار آخر سيضيف هذا بضعة أيام أخرى إلى رحلات السفن. ومع ذلك، فإن مضيق لوزون غالباً ما يتم استخدامه خلال موسم الأعاصير وبالتالي يكون السفر عبره محفوفاً بالمخاطر.
وذكر أن معظم السفن ينتهي بها المطاف باستخدام مضيق تايوان في طريقها من الصين واليابان إلى أوروبا، وحتى من الولايات المتحدة إلى الدول الآسيوية، حيث مر نصف أسطول الحاويات العالمي عبر المضيق هذا العام، مما يجعله ممراً مائياً مهماً لسلاسل التوريد العالمية، كما تعتمد تايوان نفسها على المضيق في التجارة مع الصين التي تمثل إلى جانب هونغ كونغ 40 في المئة من صادراتها.
شلل تام ينتظر حركة التجارة العالمية
وأوضح التقرير، أن اندلاع صراع بين الصين وتايوان قد يؤدي إلى صعوبة التجارة عبر بحر الصين الجنوبي المستخدم على نطاق واسع حيث سيكون المرور إلى الشمال صعباً، ويعد بحر الصين الجنوبي ممراً بحرياً بالغ الأهمية يربط آسيا ببقية العالم، إذ يخلف إغلاق الممرات المائية المهمة آثاراً قوية على التجارة العالمية.
وذكر أنه في حال أصبح الصراع بين الصين وتايوان معقداً عسكرياً، فسوف تتعطل سلاسل التوريد العالمية وسيُعاد توجيه نصف أسطول الحاويات العالمي وسط تكاليف كبيرة، وستتعطل بشدة التجارة مع الصين على وجه الخصوص، التي تمثل 12 في المئة من التجارة العالمية ويمثل العديد من صادراتها روابط رئيسة في سلاسل التوريد، كما أن 38 في المئة من حركة التجارة تتجه إلى دول آسيوية أخرى أو إلى بقية العالم ما يشير إلى تكاليف إضافية للشحن إذا ما حدث أي صراع عسكري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد على دور الصين في سلاسل التوريد العالمية، حيث تقوم بمعالجة المواد الخام وتحويلها إلى سلع تامة الصنع بما يمثل 32 في المئة من صادراتها في عام 2018، وهذا يعني أن البلدان الأخرى تواصل الاعتماد على الصين لتجميع المدخلات في المنتجات النهائية، وإضافة إلى ذلك تنتج الصين مدخلات في الإنتاج، بما في ذلك المواد الخام والسلع الوسيطة التي شكلت 18 في المئة من صادراتها في عام 2019، ويعني ذلك أن حوالى نصف صادرات الصين تمثل أجزاء مهمة من سلاسل التوريد العالمية، كما أن أي صراع بين الصين وتايوان يمكن أن يؤدي إلى فوضى في صناعة أشباه الموصلات.
وأشار التقرير، إلى أن شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات أنتجت نحو 63 في المئة من أشباه الموصلات العالمية في عام 2020، وتقريباً جميع الرقائق المتقدمة بالعالم في عام 2019، فيما عانت صناعة السيارات بشكل كبير بسبب نقص الرقائق في العامين الماضيين، وكان من الممكن أن يؤدي الاضطراب في الصناعة إلى تأثيرات جوهرية على مبيعات المنتجات الإلكترونية المتقدمة، كما تتكون نصف صادرات تايوان من الآلات والمعدات الكهربائية؛ مما سيلحق مزيداً من الألم لهذه الصناعة.
وذكر أن الصناع والمصدرين يستبعدون سيناريو التصعيد العسكري، ومن وجهة نظرهم يبدو أن التدريبات العسكرية الصينية التي أجريت الشهر الحالي كانت مخططة مسبقاً، ولا يرون مثل هذا الصراع محتملاً.
"صفر كوفيد" أحد محركات الركود في الصين
وبخلاف الأزمة مع تايوان، فإن قواعد الحجر الصحي والاختبارات الصارمة تسببت في إحباط مفاصل الاقتصاد الصيني المحلي والاقتصاد العالمي كذلك.
في بداية جائحة كورونا، نجحت سياسات الصين الصارمة "صفر كوفيد" في إبقاء انتشار الفيروس بطيئاً، لكن بعد أكثر من عامين ونصف العام، لا تزال الضوابط المستمرة في البلاد تثقل كاهل اقتصادها وتعيق سلاسل التوريد العالمية.
والصين، هي الدولة الأولى حول العالم من حيث حجم الصادرات سواء السلع الأولية أو المواد النهائية المصنعة ومركز للتصدير بين الأسواق عبر موانئها الضخمة القادرة على مناولة آلاف السفن يومياً. وتطلب المراكز التجارية الرئيسة مثل شنغهاي وبكين، بعد الاستجابة لموجات العدوى التي تسببها المتحورة "أوميكرون"، من العمال إجراء اختبارات كورونا سلبية لدخول الأماكن العامة.
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال نائب الرئيس الأول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ستيف موريسون، "لقد أصبحت سياسة صفر كوفيد أحد المحركات المختارة للركود العالمي".
وأوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالتصنيع، فإن الصين أجبرت بعض الشركات على العمل ضمن نظام الحلقة المغلقة- على غرار استراتيجية "الفقاعة"- حيث يعيش عمال المصانع في الموقع.
وقد اضطرت شركات مثل "تيسلا"، و"فوكس سون" المصنعة لهواتف "آي فون"، إلى تنفيذ أنظمة الحلقة المغلقة في محاولة لتقليل الآثار السلبية التي قد يتركها تفشي فيروس كورونا على سلاسل إمداداتها. هذا بخلاف سوء الأحوال الجوية وتحديات العمالة وأنماط الطلب غير الطبيعية التي زادت أيضاً من اضطرابات سلسلة التوريد.