لم يكن لدى مشجعي ليفربول خلال السنوات الأخيرة أسباب لحسد نظرائهم في مانشستر يونايتد، بقدر ما حدث، الإثنين الماضي، حين ظهر فريق المدير الفني الهولندي إريك تن هاغ بلاعبين جديدين في خط الوسط، هما كارلوس كاسيميرو (الذي شاهد المباراة من المدرجات)، وكريستيان إريكسن الذي شارك على أرض الملعب وكان مؤثراً في الفوز بنتيجة 2-1 على فريق المدرب يورغن كلوب.
وإذا كانت رسوم انتقال كاسيميرو البالغة 60 مليون جنيه استرليني وعقده الضخم لمدة أربع سنوات يجعله بالضبط نوع الصفقات التي يفضلها كلوب، بينما عمر إريكسن يشير إلى أنه لم يكن ليدخل حيز اهتمام نادي أنفيلد، لكن الجزء الأكبر من جماهير الريدز كان ليرحب بأي إضافة في وسط الملعب.
ليفربول لا يعمل بهذه الطريقة ونادراً ما يقدم كلوب تنازلات إذ يفضل انتظار أهدافه التعاقدية التي يضعها كخيار أول كما فعل مع أليسون وفيرجيل فان دايك، حتى لو كان ذلك يمكن أن يخلق مشكلات على المدى القصير.
ولا يخفي كلوب إعجابه بغود بيلينغهام، لاعب بوروسيا دورتموند الألماني، الذي قد يكون متاحاً في صيف 2023، لكنه يميل أيضاً إلى الإيمان باللاعبين الموجودين تحت تصرفه الآن، وقد عزز ذلك إحجامه عن العودة إلى سوق الانتقالات.
وإذا كانت هناك أوجه تشابه مع قرار عدم شراء قلب دفاع في عام 2020، الأمر الذي كلفهم الكثير بعد ذلك وسط موجة من الإصابات، فهناك اختلاف جوهري أن ليفربول حصل على ثلاثة لاعبين لشغل المركزين، وبالعودة إلى الخلف لمدة شهرين، يبدو أن أمام كلوب تسعة خيارات لمراكز خط الوسط الثلاثة.
الآن لديه عدد كبير جداً من لاعبي الوسط وفي الوقت نفسه عدد قليل جداً من الخيارات، إذ لم تظهر أزمات اللاعبين التسعة في بداية مشوار النادي بالدوري الإنجليزي من دون تحقيق انتصارات حتى الآن فحسب، بل ظهرت على طاولة العلاج.
وإذا كان لاعبو كلوب المثاليين يتمتعون بسجلات لياقة هائلة- فكر في محمد صلاح وساديو ماني وأندي روبرتسون وترينت ألكسندر أرنولد وفان دايك- فإن كثيراً من لاعبي خط الوسط معرضون للإصابة.
أصبح أليكس أوكسليد تشامبرلين فكرة مستبعدة من عقل كلوب وسط غياباته، وكان سقف حضور تياغو لمباريات النادي هو 42 مباراة في الموسم، بينما لعب ليفربول 64 مباراة خلال الموسم الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والمشكلة في امتلاك لاعب بموهبة فريدة هي أنه لا يمكن لأحد مضاهاة دوره عندما يغيب، وعليهم أن يأخذوا في الحسبان احتمال خروجه من مباراة واحدة بين كل ثلاث مباريات.
وكان من المفترض أن يكون نابي كيتا هو اللاعب الأكثر ديناميكية، ولكن من خلال مجموعة من مشكلات الاختيار واللياقة البدنية، لم يلعب أبداً أكثر من 41 في المئة من الدقائق في موسم الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان ممتازاً بشكل متقطع، لكن التقييم العام في أفضل أحوال كلوب سخاء هو الشعور بالرضا، ومن الغريب أن ليفربول لم ينجح في تمديد عقد اللاعب القادم إلى أنفيلد بقيمة 52 مليون جنيه استرليني، وهو ما يعني احتمال رحيله مجاناً.
والآن دخل كورتيس جونز دورة الإصابة بعد الإصابة، ومن ناحية أخرى لعب جوردان هندرسون 57 مباراة في الموسم الماضي، لكنه بالتأكيد لن يفعل ذلك مرة أخرى.
ويعاني كلوب من عدم تساوي توزيع لاعبي خط الوسط التسعة، لكن وجود ثلاثة شبان واعدين في قائمة المدرب الألماني هم جونز وهارفي إليوت وفابيو كارفاليو، يفسر التصميم على عدم إحضار شخص قد يكون عقبة في طريق طموحاتهم، لكن هناك فجوة بين الأجيال، فوجود جيمس ميلنر، الذي سيصل إلى 37 سنة في يناير (كانون الثاني)، يشتري لليفربول بعض الوقت قبل الإصلاح المحتمل في الصيف المقبل عندما تنتهي عقود ميلنر وكيتا وأوكسليد تشامبرلين.
وينقسم اللاعبون التسعة إلى ثلاث مجموعات، ثلاثة في سن 21 عاماً أو أقل، وثلاثة، بما في ذلك أوكسليد تشامبرلين المصاب في غالبية الأوقات، في ما يفترض أنها سنوات الذروة، لذلك قد يكون لليفربول الماضي والمستقبل، ولكنه يدعو إلى طرح أسئلة حول الحاضر.
والواقع أن الثلاثي الشاب يلعب في مركز أكثر تقدماً وهجوماً وهو ما يسلط الضوء على عدم التوازن، فمن بين التسعة اثنان فقط هما فابينيو وهندرسون يتناسبان حقاً مع أدوار لاعب الوسط المركزي والقائد هو أيضاً الخيار الأول في مركز "8"، ولهذا السبب على الرغم من كل التركيز الكبير على بيلينغهام، فإن تغيير خط الوسط المثالي لليفربول لن يتضمن إضافة واحدة بل اثنتين، فوجود لاعب دفاعي آخر من شأنه أن يساعد في تحقيق الصلابة التي افتقدوها هذا الموسم، وكان قرار كلوب بضم فابينيو إلى دكة البدلاء في أولد ترافورد أمراً غريباً.
قد يكون كل ذلك وسيلة ملتوية لقول ذلك، لكن بعد عام من مغادرته ليفربول يظهر الاحتياج إلى جيني فينالدوم الذي يتميز بالثبات الدائم في المستوى ويمكنه اللعب في جميع مراكز الوسط، وبينما كان نادراً ما يسجل أو يقدم التمريرات الحاسمة، لكنه برع في الحفاظ على خط الوسط يسير بسلاسة، وفي تقديم الدعم بكل نكران للذات بطريقة تمنع الهجمات المرتدة، وفي الاحتفاظ بالسيطرة وسد الثغرات وتسهيل التفوق اللافت لزملائه الآخرين.
خط الوسط هو القسم الأكثر عملية في فريق ليفربول، ومنذ رحيل فيليب كوتينيو، الذي كان أكثر المواهب تميزاً، لم يضم الريدز لاعب يعادل كيفين دي بروين في مانشستر سيتي أو برونو فيرنانديز في مانشستر يونايتد، لكن ما يجذب الانتباه أن الفريق كان يعمل بشكل صحيح ثم فقد المزيج المطلوب من الكيمياء والطاقة والانضباط التكتيكي، وبدا متوتراً في أولد ترافورد.
وكان فينالدوم لاعب المباريات الكبيرة والثابت في المستوى، لكن منذ رحيله إلى باريس سان جيرمان خسر مكانه ثم انتقل إلى روما وتعرض للإصابة، وكانت السنة الأولى لليفربول من دون فينالدوم على بعد الفوز في مباراتين لتحقيق المجد على أربع جبهات، لكن بينما تم إصلاح هجومهم في عام 2022، يبدو خط وسطهم الآن في طي النسيان بانتظار التغيير في عام 2023.
© The Independent