أسّست مجموعة كُردية مُسلحة في مناطق إقليم كُردستان العراق، تحت مُسمى "قوات الدفاع الذاتية في جنوب كُردستان".
المجموعة التي نشرت بياناً عن توجهاتها خلال مراسم عسكرية، ستسعى إلى استهداف القوات التُركية في المناطق الحدودية، بين تركيا وإقليم كردستان العراق، مذكرة بأن هذه الأخيرة، وبحجة مُلاحقة مُقاتلي حزب العُمال الكُردستاني في المناطق الحدودية، تتقصد قصف المناطق الآهلة بالمدنيين وتخريب ممتلكاتهم، في حرب مفتوحة على الشعب الكُردي في المناطق كافة، بحسب ما ورد في البيان.
الخلفية السياسية
لم يُعلن التنظيم المُسلح الجديد، ارتباطه بأية قوة سياسية، تحديداً الأحزاب الكُردية المركزية الرئيسة، إلا أن مُراقبين، أشاروا إلى أن المجموعة على ما يبدو قريبة من حزب العُمال الكُردستاني، الذي يؤسس عادة تنظيمات صغيرة قريبة منه، حين لا يرغب في أن يتحمل المسؤولية السياسية المباشرة لما سيقوم به من أنشطة عسكرية في بعض المناطق الحساسة.
ومثال على ذلك، ما حصل مع تنظيم "صقور حُرية كُردستان"، الذي بقي سنوات ينفذ عمليات عسكرية ضمن المُدن والمناطق التُركية، ولم يرغب الحزب في تحمل مسؤولية تلك الأعمال.
في المقابل، فإن الحزب يملك علاقة شديدة التوازن والحساسية مع إقليم كُردستان وقواه السياسية الرئيسة، ولا يسعى إلى أن تكون نشاطاته العسكرية المباشرة المُناهضة لتُركيا داخل إقليم كُردستان، سبباً لمزيد من الضغوط التُركية العسكرية والسياسية على الإقليم وقواه السياسية، لذلك يفعل ما يريده من طريق تنظيمات "رديفة". فالمواجهة السياسية والعسكرية الرئيسة هي بين تُركيا والعمال الكُردستاني في تلك المنطقة، خصوصاً خلال الأشهر الستة الأخيرة، والدلالة المنطقية تذهب إلى أن يكون التنظيم ذا علاقة ما مع العُمال الكُردستاني.
تمدد تُركي
تنفذ تُركيا مُنذ سنوات حملات قصف جوية وبرية في المناطق الحدودية بينها وبين إقليم كُردستان، حيث تنتشر عشرات المُعسكرات والمقرات لحزب العُمال الكُردستاني، الذي يقود كفاحاً مُسلحاً ضدها مُنذ أربعة عقود. وطوال عقدي الثمانينيات والتسعينيات قادت تركيا حملات برية ضد تلك المُعسكرات، من دون أن تنجح في السيطرة على تلك المناطق المنيعة، في جبال قنديل وكارى وخواى كورك.
زادت تُركيا من حدة مواجهتها العسكرية في تلك المنطقة خلال الأشهر الستة الأخيرة. وبدأت قطاعات من الجيش التُركي تتقدم داخل المناطق الجبلية من الإقليم، وتخوض معارك مُباشرة مع مُقاتلي الحزب، وأوضحت وزارة الدفاع التُركية بأنها نجحت في "تحييد" المئات من مُقاتلي الحزب عبر تلك العمليات.
بدأت عمليات القصف الجوية بالتركيز على مناطق في عُمق الإقليم، وليس في المناطق الجبلية الحدودية فحسب، كان آخرها قصف محطة وقود أهلية قرب بلدة آميدية في إقليم كُردستان العراق، أوقعت العديد من الضحايا المدنيين. خلقت الهجمات نقمة أهلية على العملية التُركية، وصلت إلى هجوم مدنيين في محافظة دهوك على أحد مُعسكرات الجيش التُركي في تلك المنطقة.
موقف إقليم كُردستان
كان واضحاً خلال البيان الذي أصدرته المجموعة المُسلحة، بأنها تتقصد توجيه أعلى درجات النقد والمسؤولية إلى إقليم كُردستان وقواه السياسية عما يحدث من تمدد وممارسات للجيش التُركي، إذ ورد في البيان: "تواصل الدولة العثمانية الجديدة مساعيها من أجل احتلال جميع أجزاء كردستان وبشكل خاص جنوب كردستان (إقليم كُردستان). ومع الأسف فإن قوى جنوب كردستان شركاء في هذا الاحتلال. ولا يتخذون أية مواقف إزاء نهب القيم الثقافية والاقتصادية والجغرافية وسلبها... قوات الدفاع الذاتي في جنوب كردستان تأسست رداً على صمت السلطات في اقليم كردستان إزاء الاحتلال التركي".
لكن البيان نفسه كان حريصاً على مخاطبة القواعد الاجتماعية الكُردية في الإقليم: "إن جميع مقرات وقواعد الاحتلال التركي في إقليم كردستان ستكون هدفاً للقوات... نناشد جميع مقاتلي البيشمركة والأطراف السياسية في الاقليم لمساندتنا من أجل تطهير كردستان من المحتلين". وأصدرت حكومة إقليم كُردستان صباح اليوم (29/06/2019) بياناً رسمياً عن موقفها، هو الأول من نوعه مُنذ تصاعد الموقف العسكري والأمني في المناطق الحدودية للإقليم مع تُركيا.
تصعيد سياسي
بيان حكومة الإقليم ركز على مسألتين، رفضها واستيائها من سقوط ضحايا مدنيين من أبناء الإقليم جراء عمليات القصف التي تمارسها تُركيا في تلك المناطق. في موقف قُرأ على أنه تصعيد سياسي تجاه تُركيا. حيث قالت حكومة الإقليم إنها أبلغت الجانب التُركي بموقفها، وطالبت تُركيا بعدم تكرار مثل هذه الحوادث. لكن البيان شدد على "عدم مُبالاة" مُقاتلي حزب العُمال الكُردستاني لسلامة المواطنين المدنيين من أبناء الإقليم. وأوردت حكومة إقليم كُردستان بأن "وجود مُسلحي حزب العُمال الكُردستاني واقترابهم ودخولهم المُتعمد إلى القُرى والمناطق السكنية، يُعرض دون مُبالاة حياة سُكان تلك القُرى والمناطق للخطر، كما يمنع عودة الحياة إليها وإعمارها".
لم تُعلن هذه المجموعة حتى الآن عن أي من عملياتها المُسلحة، لكن المُراقبين أشاروا إلى أنها ما كانت لتُعلن عن نفسها، لولا أن شيئاً ما مُسبقاً قد تم التحضير له.