بعد أن وصلت نسبة البطالة في غزة إلى 75 في المئة بين القوى العاملة، وارتفع عدد الخريجين الجامعيين العاطلين من العمل إلى نحو 450 ألف، بدأت الجهات الحكومية في تدشين منطقة صناعية حرفية هدفها توفير فرص لتشغيل القوى العاملة وزيادة الإنتاج المحلي.
وتحاول الجهات الرسمية في غزة إلى جانب المنظمات الدولية إنقاذ السكان من التدهور المستمر الذي يعيشه القطاع وبخاصة في الجانب الاقتصادي، إذ وصلت نسبة الفقر بحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى معدل 45 في المئة، بينما بات 85 في المئة من السكان بلا مأمن غذائي.
وأصدرت الأمم المتحدة أخيراً بياناً اعتبرت فيه القطاع مدينة غير صالحة للعيش لعدم توافر مقومات الحياة، وفي محاولة لمعالجة الأزمات المركبة لسكان غزة من دون الاعتماد بشكل رئيس على فرص العمل التي توافرها إسرائيل لمواطني القطاع، بدأت الجهات الحكومية بالشراكة مع مانحين دوليين في تدشين منطقة صناعية بطابع حرفي، على أن يجري فيها إنتاج بضائع للتصدير والتسويق المحلي.
وستقام المدينة الصناعية في مدينة رفح جنوب غزة وقرب بوابة القطاع مع العالم الخارجي، إذ تبعد عن معبري رفح الخاضع للسيطرة الفلسطينية والمصرية وكرم أبو سالم التجاري التابع لإسرائيل نحو ثلاثة كيلو مترات.
وتعد المدينة الصناعية الثانية في غزة، ففي عام 1996 جرى إقامة الأولى شرق القطاع على مساحة 66.500 متر مربع، ومن المتوقع أيضاً أن يجري تدشين مدينة ثالثة العام المقبل على أن تكون بين غزة وإسرائيل.
ويقول الوكيل المساعد في وزارة الاقتصاد التي تسيطر عليها حركة حماس عبدالفتاح الزريعي، إن قطاع غزة بحاجة إلى مناطق صناعية تستوعب مزيداً من العمال وتنتج سلعاً صالحة للتصدير من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني والحد من ارتفاع البطالة المتفشية فيه.
جزء من التفاهمات
ويقول رئيس بلدية رفح أحمد الصفوي إن "المدينة الصناعية تعد أهم مشروع في غزة التي تعاني وضعاً اقتصادياً صعباً يلازم سكانها، لذلك نحاول من خلالها خلق فرص عمل وتقليل نسبة البطالة وتحسين مستوى دخل العمال، ومن جانب آخر نسعى إلى نقل الصناعات الخطرة من المناطق المكتظة بالسكان والحفاظ على البيئة".
وتعد إقامة المدن الصناعية في القطاع جزءاً من تفاهمات الهدوء بين غزة وإسرائيل بوساطة مصرية وأممية، وجاء تنفيذها بعد نحو ثلاث سنوات من وقف الاحتجاجات الحدودية التي تعرف بـ "مسيرة العودة".
ويوضح الصفوي أنهم خصصوا نحو 400 دونم للمدينة الصناعية الجديدة في منطقة طرق تربط غزة بالعالم الخارجي، فيما بلغت كلفة تشييد البنية التحتية والمباني الصناعية نحو 30 مليون دولار أميركي بتمويل من مانحين دوليين.
10 آلاف فرصة عمل
وبحسب الصوفي فإن المدينة الصناعية في غزة ستشمل مصانع للتعدين وأخرى للرخام والخياطة وورش حدادة وتصليح سيارات إلى جانب صناعات تجميلية وأدوات منزلية وحرف ثقيلة ومعرض منتجات ومخازن عامة، مشيراً إلى أنهم أنهوا تجهيز 109 غرف صناعية لتغطي جميع الحرف الإنتاجية داخل المدينة، وعملوا على تزويدها بشبكة كهرباء عبر خلايا الطاقة الشمسية ومحطة تحلية مياه إلى جانب شبكة صرف صحي وطرق حديثة من أجل توفير بيئة عمل مناسبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن هذه المنطقة الصناعية توفر نحو 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وأن العمالة ستكون منوعة بحسب تنوع الصناعات ومهارة العمال والحرفيين، وهذا شأنه أن يقلل نسبة البطالة في غزة.
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية) فإن الفرد في غزة يستغرق في رحلة البحث عن فرصة عمل نحو عامين، وغالباً ما تكون موقتة وبدخل شهري لا يتجاوز الـ 250 دولاراً.
وتسعى وزارة الاقتصاد مع الجهات المشرفة على المدينة الصناعية إلى خفض نسبة البطالة في غزة، إذ يقدر أن تنخفض إلى 45 في المئة بدلاً من 75 في الوقت الحالي، لكن ذلك مرتبط بشكل أساس بمدى تصدير منتجات المصانع.
محاولات للحصول على حماية
ويعد عدم الاستقرار السياسي وإغلاق المعابر ونقص المواد الخام والركود الاقتصادي في غزة أبرز المعوقات التي تواجه المدينة الصناعية، وفقاً لما ذكره الصوفي الذي أكد أن هذا المشروع في جميع الأحوال يعتبر أرضية صلبة للانطلاق نحو استثمار آمن من أجل دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية مستدامة.
وعلى رغم هذه التجهيزات إلا أن إسرائيل لا تزال تمنع تصدير البضائع من غزة عدا السلع الزراعية وبعض منتجات المنسوجات والأثاث، ونحو 60 في المئة من هذه السلع يتم تسويقها في الضفة الغربية.
ووفقاً للمعلومات الواردة فإن السلطة الفلسطينية وجمعية رجال الأعمال أجرتا خلال الأشهر الأخيرة اتصالات مكثفة للحصول على تمويل من الدول المانحة لإنشاء المنطقة الصناعية إلى جانب الحصول على ضمانات من إسرائيل لتطبيق التسهيلات الاقتصادية والموافقة على تصدير المنتجات المصنعة في المدنية الصناعية بغزة، بما يشمل نقل المنتجات السائلة، وتعمل السلطة الفلسطينية حالياً على إتمام القضايا الفنية مع الجانب الإسرائيلي بمتابعة من الاتحاد الأوروبي.
ويقول عضو جمعية رجال الأعمال الفلسطينية محمد الوادية إنهم يتحدثون مع المجتمع الدولي والدول ذات الصلة من أجل دعم المدينة الصناعية ووضع حماية دولية لها، تحسباً من وقوع خطر عليها بخاصة في ظروف القطاع خلال السنوات الأخيرة.