بدأت مؤشرات انحسار سيطرة قوات الجيش الوطني الليبي على مناطق جنوب وغرب طرابلس في الظهور. فخلافاً لما ذكره بعض الإعلام عن أن سيطرة قوات حكومة الوفاق على غريان "انتصار"، يبدو أن الواقع يذهب إلى تأكيد هدف الجيش المعلن بــ"إنهاء سطوة الميليشيات".
أكد مصدر عسكري من داخل قوات الحكومة أن الخلافات بدأت تستشري بين قادة الميليشيات، بينما تقف الحكومة عاجزة عن محاصرة تلك الخلافات. وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه لدواعي أمنية لـ"اندبندنت عربية" إن "قادة مصراته على خلاف مع قادة من الزنتان على رأسهم أسامة الجويلي، بشأن نسبة النصر في غريان. فكل من الطرفين ينسب النصر إلى نفسه". ولفت المصدر إلى أن الميليشيات تكوّن حالياً مناطق نفوذ في الأماكن التي تقدمت فيها، في غريان وغيرها.
وسيطرت قوات حكومة الوفاق، الأربعاء 26 يونيو (حزيران)، على مدينة غريان التي تمثل القاعدة الخلفية لقوات الجيش الوطني في عمليته العسكرية الهادفة إلى السيطرة على العاصمة طرابلس. وخسرت قوات الجيش عدداً من مواقعها في طريق المطار وخلة الفرجان، جنوب العاصمة.
وأشار المصدر إلى أن بيان وزير الداخلية في الحكومة، فتحي باشاغا، الذي يشيد فيه بدور الجويلي في السيطرة على غريان ويؤكد صفته قائداً للمنطقة العسكرية الغربية في الحكومة، يعكس ما يحدث في كواليس قوات الحكومة التي تحاول استرضاء الجويلي الذي يشعر أن قادة مصراته بدأوا بسحب البساط من تحته في محاولة لإقصائه عن المشهد بعد دوره في السيطرة على غريان. ورجّح المصدر أن تعصف الخلافات في ميليشيات الحكومة بسبب محاولة ميليشيات مصراته السيطرة على كل شيء في المعركة.
تخلخل الحكومة
منصور سلامة، رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات قال إن "خطأ الحكومة الذي سيضربها في مقتل هو اعتمادها على مزيج من الميليشيات المختلفة"، متوقعاً "نشوب معارك في ما بين تلك الميليشيات حالما تصل إلى نهاية المعركة".
وذكّر سلامة بأن "ميليشيات مصراته وطرابلس والزنتان لطالما تقاتلت في السابق ولا تزال الفوارق والاختلافات في ما بينها واضحة، وما يجمعها حالياً هو مقاومة سيطرة الجيش الساعي إلى إنهاء وجودها".
وأشار إلى أن قادة ميليشيات الحكومة بدأوا باستخدام ناطقين ومتحدثين باسمهم للصحافة وعلى صفحاتهم الرسمية، بعيداً من مسؤولي "عملية بركان الغضب"، وهي تسمية أطلقتها ميليشيات مصراته على المعركة ضد الجيش، معتبراً ذلك مؤشراً آخر على تجاوز تلك الميليشيات، ميليشيات مصراته ورفض سيطرتها على قيادة المعركة.
ولاحظ سلامة أن مؤشرات الخلخلة التي تعيشها صفوف قوات الحكومة كثيرة وستظهر إلى العلن قريباً. ورأى أن انحسار سيطرة الجيش عن مناطق أهمها غريان، على الرغم من أنها خسارة عسكرية، إلا أنها ستُكسب الجيش مواقف جديدة على رأسها إثبات صحة هدفه وهو تخليص العاصمة من سطوة الميليشيات المختلفة التي ستتجه خلافتها إلى الاقتتال قريباً.
ارتهان ودعم تركي
وفي موازاة المعركة في طرابلس، تبدي قيادة الجيش الوطني انفتاحاً على الحلول السياسية، وقد أعلن رئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا غسان سلامة عن تسلم البعثة الجمعة الماضية "مبادرة من المشير خليفة حفتر".
وقال المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح، "في انتظار أن يكشف الجيش والبعثة عن المبادرة، تبدو الحكومة غير قادرة على فرض حلول سياسية على ميليشياتها"، معتبراً أن "المؤشرات الحالية لا تسير في مصلحة الحكومة التي سينكشف وضع سيطرتها على طرابلس قريباً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد مفتاح أن قرار الحكومة أصبح مرتهناً لبعض الدول وأبرزها تركيا التي صرح رئيسها رجب طيب أردوغان أنه سيدعم حكومة الوفاق وسيسخر كل إمكانات بلاده بغية وقف مشروع الجيش لإقصاء الميليشيات.
وإثر إدانة القيادة العامة للجيش التدخل التركي المباشر في ليبيا، وإعلانها حظر الرحلات الجوية التجارية بين ليبيا وتركيا، واستهداف السفن التركية في المياه الليبية، بادرت حكومة الوفاق على لسان رئيسها فايز السراج إلى تأكيد العلاقات القوية التي تربطها بالحكومة التركية، معتبرة أن إصدار القيادة العامة أوامر باستهداف الطائرات والبواخر التركية "تهديد للأمن القومي".
وعلى الرغم من نفي الحكومة تلقيها مساعدات عسكرية تركية، فإن تقارير بثتها وسائل إعلام أثبتت وصول دعم عسكري تركي إلى ميليشيات الحكومة. ونشرت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، شريطاً مصوراً مطلع الشهر الحالي، يظهر ضباطاً أتراك يدربون مسلحي ميليشيات الحكومة على قيادة مدرعات تركية وصلت حديثاً إلى ميناء مصراته. كما تحدّثت بعض التقارير عن وجود طيارين أتراك يشاركون في المعركة ضد الجيش. وأكد الناطق الرسمي للجيش الوطني الليبي أحمد المسماري أن أكثر من 8 طائرات مسيرة بقيادة ضباط أتراك شاركت في الهجوم على قوات الجيش في مدينة غريان.