توقعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن تواصل دول العالم دفع ثمن باهظ للحرب على أوكرانيا، وخفضت بشكل واضح توقعاتها للنمو العالمي العام المقبل في مواجهة آثار أكثر استدامة مما كان متوقعاً، مع دفع أوروبا الثمن الأكبر.
وكتبت المنظمة، في تقرير نشر الإثنين، 26 سبتمبر (أيلول)، تحت عنوان "دفع ثمن الحرب"، أن "توقعات النمو العالمي تراجعت".
ويدفع انعدام الهدوء على الأرض في الشهر الثامن للاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا، المتمثل خصوصاً بتعبئة جزئية أعلنتها لعناصر الاحتياط، المنظمة الدولية إلى التشاؤم في ما يخص المستقبل الاقتصادي القريب.
بعد عام 2022 الذي كان مرهقاً بالنسبة إلى الأسر والشركات لا سيما بسبب ارتفاع التضخم، ترى المنظمة ومقرها باريس، أن "النمو العالمي سيواصل تراجعه عام 2023".
وتتوقع المنظمة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.2 في المئة مقابل 2.8 في المئة بتوقعاتها السابقة خلال يونيو (حزيران)، على رغم أنها أبقت على توقعاتها للنمو لهذا العام عند نسبة ثلاثة في المئة بعد أن خفضتها بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
ضغوط التضخم
وتشير المنظمة إلى أن "ضغوط التضخم تصبح معممة أكثر فأكثر، إذ إن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل وتكاليف أخرى تؤثر في الأسعار".
وخفضت المنظمة توقعاتها لعام 2023 في كل الدول الأعضاء بمجموعة العشرين تقريباً باستثناء تركيا وإندونيسيا وبريطانيا، حيث يتوقع أن يشهد الاقتصاد ركوداً.
لإظهار حجم الصدمة التي تمثلها الحرب على الاقتصاد العالمي قدرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الخسائر المالية المتوقعة العام المقبل مقارنة بالتوقعات قبل بدء الحرب في أوكرانيا بـ2800 مليار دولار.
وبحسب المنظمة، فإن الدول المجاورة لأوكرانيا وروسيا هي التي ستدفع الثمن الأكبر، سيخضع النمو في منطقة اليورو للمراجعة الأكبر من بين جميع مناطق العالم، مع توقع أن يبلغ 0.3 في المئة مقابل 1.6 في المئة بالتوقعات السابقة في يونيو، والسبب الرئيس هو ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الذي يتوقع أن يبلغ هذا العام 8.1 في المئة و6.2 في المئة العام المقبل.
السيناريو المقبل في ألمانيا
وتتوقع المنظمة أن يكون الركود الذي يلوح به كبار الاقتصاديين العالميين منذ أشهر كخطر كبير، السيناريو المقبل في ألمانيا، إذ إن أكبر قوة اقتصادية أوروبية ستشهد بحسب المنظمة تراجع ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة 0.7 في المئة العام المقبل، بانخفاض قدره 2.4 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما يفلت جيرانها الرئيسون من الركود ويتوقع أن يبلغ النمو 0.4 في المئة بإيطاليا و1.5 في المئة بإسبانيا و0.6 في المئة بفرنسا، حيث لا تزال الحكومة تتوقع نمواً بنسبة واحد في المئة.
من جانبه يتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في يوليو (تموز) نمواً بنسبة 0.8 في المئة بألمانيا وواحد في المئة بفرنسا و1.2 في المئة بمنطقة اليورو، لكنه قد يخفض توقعاته في أكتوبر (تشرين الأول).
من بين المناطق الكبرى الأخرى تتوقع منظمة التعاون والتنمية أن يبلغ النمو الأميركي 0.5 في المئة مقابل 1.2 في المئة بالتوقعات السابقة في يونيو، والنمو الصيني 4.7 في المئة مقابل 4.9 في المئة.
غموض كبير
توضح المنظمة أن "غموضاً كبيراً يلف التوقعات الاقتصادية" خصوصاً مع خطر نقص موارد الطاقة في فصل الشتاء، ويهدد الارتفاع الحاد للأسعار نشاط عدد متزايد من الشركات التي اضطر بعضها إلى خفض أنشطته.
وترى المنظمة أن نقصاً أكبر من المتوقع للغاز قد يؤدي بتأثير متتابع إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بـ1.25 نقطة إضافية العام المقبل، مما سيدفع عدداً من الدول إلى الغرق في ركود.
ويثير هذا السيناريو قلقاً كبيراً، إذ إن المصارف المركزية في الدول المتطورة وتلك الناشئة ملتزمة بشكل صارم زيادة معدلات الفائدة لاحتواء التضخم، على رغم وجود خطر هنا أيضاً بتقويض النمو.
رفع معدلات الفائدة
وتؤكد منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن رفع معدلات الفائدة هو "عامل أساسي" في التباطؤ الحالي، لكنها تدعو المصارف المركزية إلى مواصلة ذلك لتجنب زيادة المعدلات بشكل أكبر في حال استمر ارتفاع التضخم.
تقول المنظمة إن التدابير المالية الموجهة والموقتة للأسر والشركات هي جزء من الحل في مواجهة حال الطوارئ، معتبرة أن التدابير التي اتخذت حتى الآن لكبح ارتفاع أسعار الطاقة كانت "موجهة بشكل سيئ".