قررت دول تحالف أوبك+ خلال اجتماعها اليوم الأربعاء في فيينا خفض حصص الانتاج بشكل كبير، بهدف دعم الاسعار المتضررة من مخاوف حصول انكماش.
ونقلت رويترز أن ممثلي الدول الاعضاء الـ 13 في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وحلفاءهم العشرة اتفقوا على خفض بمقدار "مليوني" برميل في اليوم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني).
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي اليوم الأربعاء إن الولايات المتحدة بحاجة لخفض الاعتماد على أوبك+ ومنتجي النفط الأجانب، وذلك بعد أن اتفقت مجموعة منتجي النفط على أكبر تخفيضات في الإنتاج منذ جائحة كوفيد-19 في عام 2020.
ووفقا للمسودة التي أرسلها البيت الأبيض إلى وزارة الخزانة، يوم الاثنين، والتي حصلت عليها شبكة CNN، فإنها وصفت احتمال خفض إنتاج النفط بأنه "كارثة كاملة"، وحذرت من أنه يمكن اعتباره "عملا عدائيا".
ووسط أنباء من فيينا عن تخفيض محتمل لإنتاج النفط، عاشت العاصمة النمساوية، الأربعاء الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، على وقع اتجاه اجتماع وزراء التحالف الذي تقوده السعودية وروسيا للنظر في سياسة الإنتاج.
وعلى خلفية تقلبات شديدة في السوق النفطية منذ أشهر، ترقب الجميع انطلاق أعمال الاجتماع الوزاري الـ33 لدول منظمة "أوبك" وحلفائها المستقلين "أوبك+"، وذلك للمرة الأولى حضورياً منذ مارس (آذار) 2020، الذي سبقه الاجتماع الوزاري الـ45 للجنة الوزارية المشتركة لمراقبة خفض الإنتاج.
واستعد تحالف "أوبك+" سلفا لتخفيضات كبيرة في إنتاج النفط خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مما يحد من الإمدادات في سوق تعاني شحاً على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة الأميركية ودول مستهلكة أخرى لضخ مزيد للمساعدة في ترويض التضخم المتفشي.
الخفض الأكبر منذ كورونا
يأتي ذلك بعد أن اتفق التحالف الذي يضم 23 دولة في اجتماعه الأخير على "خفض رمزي" للإنتاج بمقدار 100 ألف برميل فقط يومياً لشهر أكتوبر الحالي.
وكان من المنتظر أن يناقش التحالف خفض الإنتاج بما يصل إلى مليوني برميل يومياً، وفقاً لما ذكره مندوبون لوكالة "بلومبيرغ" قبيل انطلاق اجتماع الأربعاء، فيما ذكرت مصادر لـ"رويترز"، هذا الأسبوع، أن "أوبك+" يعمل على تخفيضات تتجاوز مليون برميل يومياً، وذكر مصدر من منظمة "أوبك"، الثلاثاء، أن التخفيضات قد تصل إلى مليوني برميل يومياً.
وفي حال إقرار خفض للإنتاج بمليون برميل يومياً، سيكون الخفض الأكبر منذ بدء كورونا، وسيعكس مدى القلق حيال الاقتصاد العالمي المتباطئ.
وبحسب مصادر، فإنه لا يزال من غير الواضح إذا ما كانت التخفيضات قد تشمل تخفيضات طوعية إضافية من قبل أعضاء أو إذا ما كانت قد تتضمن نقص الإنتاج الحالي لدى التحالف.
وعزز تحالف "أوبك+" إنتاجه خلال العام الحالي بعد تخفيضات قياسية عام 2020 بسبب تضرر الطلب الناجم عن جائحة كورونا.
دراسة خفض الإنتاج
لكن التحالف أخفق في الأشهر القليلة الماضية في تلبية الزيادات المقررة في الإنتاج، إذ يقل إنتاجه الحالي ثلاثة ملايين برميل يومياً عن الهدف، وسيخفف إدراج تلك البراميل من تأثير التخفيضات الجديدة.
وقال محللون نفطيون في وقت سابق، إن "أوبك+" يدرس جدياً خفض الإنتاج، لا سيما بهدف استعادة الاستقرار والتوازن في السوق وفي أعقاب التراجع الحاد الذي شهدته أسعار النفط على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.
وتراجعت أسعار النفط، الأربعاء، بعد مكاسب قوية حققتها خلال اليومين الماضيين قبل اجتماع "أوبك+" الذي قد يتفق فيه التحالف على أكبر خفض للإنتاج منذ عام 2020 لإنعاش الأسعار المتدهورة.
وتراجعت أسعار الخام بنسبة 25 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي، إذ رفعت البنوك المركزية بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بقوة لمكافحة التضخم الجامح.
وقد يؤدي خفض "أوبك+" للإنتاج إلى تعافي أسعار النفط التي هبطت إلى نحو 90 دولاراً من 120 قبل ثلاثة أشهر بسبب مخاوف من ركود اقتصادي عالمي، ورفع أسعار الفائدة الأميركية وارتفاع الدولار.
ويمكن أن يؤدي الانخفاض الكبير في الإمدادات إلى إحكام السوق تماماً عندما يبدأ التجار في الاتجاه الصعودي أكثر مع عودة شهية الصين للنفط.
ضغط أميركي
وتضغط واشنطن على دول "أوبك+" لمنعها من المضي في تخفيضات كبيرة محتملة في إنتاج النفط، مع سعي الرئيس الأميركي جو بايدن لمنع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، بحسب وكالة "رويترز".
وتقول واشنطن لتحالف "أوبك+"، إن العوامل الأساسية الاقتصادية لا تدعم خفض الإنتاج، وفقاً لمصدر مطلع.
وتأتي الخطوة المرتقبة لتحالف "أوبك+" في وقت غير مناسب لبايدن الذي يحاول السيطرة على ارتفاع الأسعار قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني)، التي ستحسم إذا ما كان الديمقراطيون سيحتفظون بسيطرتهم على الكونغرس.
انتخابات الكونغرس
ومن شأن حدوث أي قفزات كبيرة في أسعار النفط، وهي واحدة من أبرز علامات التضخم بالنسبة إلى الناخبين في الولايات المتحدة، أن يضر بفرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون، "لن نعلق على أي إجراء لأوبك إلى حين أن تتخذه، بالطبع نحن نتحدث دائماً مع جميع المنتجين والمستهلكين، بمن فيهم أعضاء أوبك+".
تابعت واتسون، "لقد أوضحنا مراراً أن إمدادات الطاقة يجب أن تلبي الطلب لدعم النمو الاقتصادي وخفض الأسعار للمستهلكين في جميع أنحاء العالم وسنواصل الحديث مع شركائنا عن ذلك".
ويسعى الرئيس الأميركي جاهداً لخفض أسعار البنزين التي شهدت ارتفاعاً مفاجئاً، لكنها هبطت تدريجياً في ما وصفته إدارته بأنه إنجاز كبير.
وانخفضت أسعار البنزين في محطات تموين السيارات الأميركية بنسبة 24 في المئة بفضل تراجع أسعار النفط الخام بعد أن سجلت رقماً قياسياً في يونيو (حزيران) تجاوز خمسة دولارات للغالون، غير أنها ترتفع حالياً وقبل أن يفكر "أوبك+" في خفض الإنتاج.
مخاوف الطلب
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة "فيتول" راسل هاردي في منتدى استخبارات الطاقة في لندن، إن اجتماع "أوبك+" سيجبر التحالف على تقرير إذا ما كان العرض حالياً شديد السخاء نظراً إلى لمخاوف في شأن الطلب العالمي على النفط. ومن الواضح أن جانب الطلب على النفط يمثل مصدر قلق في الوقت الحالي، وفقاً لما نقلته "بلومبيرغ".
وذكرت رئيسة أبحاث الطاقة في "أليريان فيتافاي" ستايسي موريس أن "الخفض المحتمل الذي يزداد من مليون برميل يومياً إلى مليوني برميل يعني اتباع نهج أكثر تشدداً. قد يشير ذلك إلى قلق أكبر في شأن الطلب وصحة الاقتصاد العالمي".
عقوبات الاتحاد الأوروبي
يأتي خفض الإمدادات المرتقب من جانب "أوبك+" قبل شهرين من دخول عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادرات الخام الروسية حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر (كانون الثاني) المقبل، مما يعقد التوقعات.
وستعلن دول مجموعة السبع سقفاً لسعر النفط الروسي بشكل كبير قبل بدء عقوبات الاتحاد الأوروبي، وفقاً لمسؤول في وزارة الخزانة الأميركية.
وعلى الرغم من أن الحد الأقصى مصمم للحفاظ على تدفق النفط الروسي، فإن موسكو هددت بوقف إمدادات الخام عن أي دولة تلتزم بحد أقصى للسعر.