في حين تتواصل خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي كشف محللون وخبراء اقتصاديون عن استمرار تعرض العملة المصرية لضغوط عدة على المدى القريب، مما يشير إلى أن الخسائر لن تتوقف خلال الفترة المقبلة.
وكانت البنوك في مصر قد توقفت خلال الأسابيع الأخيرة عن بيع العملة الأجنبية إلا وفق قيود صارمة مما دفع كثيراً من التجار للجوء إلى السوق السوداء (الموازية) من أجل الحصول على الدولار المطلوب لاستيراد بضائعهم والاستمرار في تقديم منتجاتهم وخدماتهم، وتم تنفيذ عمليات بمبالغ كبيرة، بأسعار تفوق السعر المعلن لدى البنوك بنسب تتجاوز 20 في المئة.
في سوق الصرف استقر سعر الدولار مقابل الجنيه المصري وسط ترقب حذر لبداية الأسبوع في البنوك المصرية. واستقر سعر صرف الدولار في البنك المركزي المصري عند مستوى 19.61 جنيه للشراء و19.68 جنيه للبيع. وفي بنكي "الأهلي المصري" و"مصر" سجل سعر صرف الورقة الأميركية مستوى 19.61 جنيه للشراء و19.67 جنيه للبيع، كما استقر في "البنك التجاري الدولي" عند مستوى 19.63 جنيه للشراء و19.69 جنيه للبيع.
كما استقر سعر صرف اليورو مقابل الجنيه المصري لدى البنك المركزي المصري عند مستوى 19.31 جنيه للشراء و19.40 جنيه للبيع. وفي بنكي "الأهلي المصري" و"مصر" سجل سعر صرف العملة الأوروبية مستوى 19.07 جنيه للشراء و19.30 جنيه للبيع. وسجل سعر صرف اليورو لدى "البنك التجاري الدولي" مستوى 19.31 جنيه للشراء و19.67 جنيه للبيع.
أيضاً، استقر سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل الجنيه المصري عند مستوى 22.08 جنيه للشراء و22.17 جنيه للبيع لدى البنك المركزي المصري، كما استقر في بنكي "الأهلي المصري" و"مصر" عند مستوى 21.75 جنيه للشراء و22.07 جنيه للبيع. وسجل مستوى 22.09 جنيه للشراء و22.63 جنيه للبيع لدى "البنك التجاري الدولي".
5 مؤشرات
يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي هاني جنينة أن هناك خمسة مؤشرات تكشف عن بوادر انخفاض جديد في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وهذه المؤشرات غالباً ما تسبق السوق الفعلية.
وأشار جنينة في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن معظم هذه المؤشرات تكررت في أزمات 2003 و2016 و2022، مما يعني قدرتها على استباق الأحداث، بخاصة أن صانع القرار في مصر لا يسمح بتحرك سعر الصرف إلا بعد فترة طويلة من ظهور الضغوط، مما يعني فرصة لإدارة الأزمة.
أول هذه المؤشرات يتمثل في الانخفاض الحاد في صافي الأصول/ الخصوم الأجنبية في القطاع المصرفي. والانخفاض المستمر والسريع في صافي الأصول أو التحول من صافي أصول أجنبية إلى صافي خصوم أجنبية يعني تدخل البنوك والبنك المركزي لسد الفجوة التمويلية في ميزات المدفوعات. وعندما يتدخل البنك المركزي المصري والبنوك في سد الفجوة، فهذا يعني قلة الموارد التمويلية الأخرى والأموال الساخنة وتعاظم حجم الفجوة التمويلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما ثاني هذه المؤشرات فيتمثل في ارتفاع العائد علي السندات الدولارية في السوق الثانوية بصورة حادة، وهذا يعني ارتفاع مخاوف المستثمر الأجنبي من تخلف الدولة عن سداد التزامها العملات الأجنبية.
المؤشر الثالث هو ارتفاع سعر الإقراض ما بين البنوك بالجنيه المصري (الإنتربنك) بصورة سريعة وغير متوقعة نتيجة نقص في السيولة. وهذا غالباً ما يحدث في المراحل الأولي من الأزمة نتيجة التخارج السريع من قبل المستثمر الأجنبي من السوق المصرية، مما يدفع البنوك إلى بيع سيولة بالجنيه المصري للبنك المركزي للحصول على دولار لسد طلبات التخارج. وتؤدي هذه العملية إلى شح مفاجئ في سوق "الإنتربنك"، كما كان الوضع في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي.
ويتبدى المؤشر الرابع في ظهور بيع مكثف ويومي من قبل المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم، وهو ما كان واضحاً منذ بداية العام.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن المستثمرين الأجانب سجلوا صافي بيع في البورصة المصرية بقيمة 17.8 مليار جنيه (0.908 مليار دولار)، وذلك منذ بداية العام الحالي وحتى منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، فيما استمر المستثمرون العرب في تسجيل صافي شراء بنحو 1.9 مليار جنيه (96.9 مليون دولار)، وذلك على الأسهم المقيدة بعد استبعاد الصفقات منذ بداية العام الحالي.
وأشار جنينة إلى أن المؤشر الخامس يتمثل في اتساع الفارق بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف المستنبط من سعر سهم البنك التجاري الدولي في السوق المحلية بالجنيه المصري وسعر وثيقة الـ"جي دي آر" في سوق لندن بالدولار. وذكر أنه نتيجة تكالب المستثمرين على الحصول على الدولار خارج مصر عن طريق شراء السهم في مصر وبيعه في لندن، يرتفع السهم في مصر وينخفض في بورصة لندن.
حدود السحب من الخارج
في الوقت نفسه تقدم عدد من البنوك المصرية بطلبات للبنك المركزي المصري لرفع العمولات وتقليص حدود السحب من خارج مصر. جاء ذلك بعد أيام من قرار البنك المركزي المصري برفع حدود الاحتياطي الإلزامي لدى البنك المركزي على البنوك من 14 في المئة إلى 18 في المئة. والاحتياطي الإلزامي يمثل نسبة من إجمالي الودائع لدى كل بنك في السوق المصرية يقوم بإيداعها لدى البنك المركزي المصري دون عوائد.
وكشفت مصادر مطلعة عن أن البنوك تحاول تحميل كلفة رفع الاحتياطي الإلزامي على العملاء من خلال زيادة بعض الرسوم. وأشارت إلى أن البنوك المصرية رصدت زيادة غير مبررة في عمليات السحب خارج مصر، الأمر الذي دفعها لطلب تعديل بعض القواعد حالياً عن طريق رفع الرسوم إلى ستة في المئة بدلاً من ثلاثة في المئة في الوقت الحالي مع وضع حد أقصى لعمليات السحب بين 10 في المئة و20 في المئة من إجمالي المسموح به من عمليات السحب في الكارت البنكي. وأخطر بعض البنوك الخاصة والحكومية في مصر عملاءها عبر رسائل هاتفية بإعادة تسعير المنتجات البنكية، حيث أخطر البنك التجاري الدولي عملائه بزيادة الرسوم عبر رسائل نصية للعملاء. وقال في رسالته "مع التزامنا بتقديم تجربة بنكية مميزة بأعلى مستويات الجودة، يرجى العلم أنه سيتم تحديث أسعار منتجات وخدمات البنك، وذلك على مراحل بدءاً من 22 سبتمبر 2022 كمرحلة أولى، وأننا سنقوم بإرسال رسالة نصية قبل تطبيق المرحلة التالية".
كما أرسل "بنك مصر" رسائل لعملائه أكد خلالها تعديل بعض الرسوم والمصروفات على بطاقاته. وكشف مسؤول في البنك عن أنه تمت ملاحظة سوء استخدام للبطاقات خارج مصر، ومن ثم تعديل حدود السحب وتخفيضها إلى ألف دولار بدلاً من ألفي دولار في السابق، فيما يدرس "البنك الأهلي" حالياً رفع قيمة الرسوم على استخدام البطاقات خارج مصر.