قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أسعار الغاز ستسبب خسائر كبيرة لأوروبا هذا العام، وأوضح في كلمته خلال "منتدى أسبوع الطاقة" أن الرفاهية في أوروبا كانت مقترنة بالتعاون مع روسيا.
وأشار إلى أنه لا يمكن الامتناع من التعاون مع روسيا، متابعاً "نريد التعاون مع أوروبا تجارياً لكنهم هم من فرضوا العقوبات، وما يحدث في أسواق الطاقة حالياً نتيجة سياسات خاطئة لسنوات سابقة".
وقال إن روسيا تعتزم إبقاء معدلات إنتاج وصادرات النفط عند المستويات الحالية حتى عام 2025، مضيفاً أن موسكو لن تتخلى عن مكانتها الرائدة عالميا في سوق الطاقة العالمية على رغم العقوبات الغربية.
وأشاد بوتين بمجموعة "أوبك+" التي أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستخفض الإنتاج في محاولة للحفاظ على ارتفاع أسعار النفط، وقال إن روسيا تعتزم مواصلة العمل مع منظمة "أوبك" التي تقودها السعودية.
وقال إنه لا ينبغي تسييس قضية الطاقة المتجددة، متهماً الاتحاد الأوروبي بتقليل الاستثمار في النفط والغاز. وأوضح أن موسكو لا علاقة لها بارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا، متهماً الاتحاد الأوروبي بالترويج للطاقة الخضراء على حساب تطوير قطاع النفط والغاز.
وأضاف، "سنبيع الغاز في الأسواق العالمية، وقرارات ’أوبك+‘ تأخذ في الحسبان أمور العرض والطلب".
المحاولات الأوروبية – الأميركية
وكانت وكالة "بلومبيرغ" للأنباء كشفت في تقرير حديث عن أن محاولات الولايات المتحدة وأوروبا في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي لم يكن لها التأثير الكافي في روسيا لإجبار الرئيس فلاديمير بوتين على مراجعة خطط العملية العسكرية في أوكرانيا والانسحاب منها، مشيرة إلى أن هناك دولاً أخرى مثل الصين والهند تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية، فضلاً عن أن العقوبات على روسيا أصبحت أقل وطأة بسبب ارتفاع أسعار الغاز بعدما قطعت موسكو إمدادات الطاقة إلى أوروبا عبر خط "نورد ستريم".
وأوضحت أن المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة توصل إلى خطة بديلة لإخضاع روسيا وهي جعلها تبيع النفط بثمن قليل، مما يضع كلفاً أكبر عليها في الحرب داخل أوكرانيا، وهو الأمر الذي قد يعطي دفعة للاقتصاد العالمي الذي يعاني معدلات ركود عالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكندا أعلنت حظراً على النفط الروسي، فيما يخطط الاتحاد الأوروبي لحظر الواردات المنقولة بحراً من الخام الروسي وأنواع الوقود المكرر، واتفقت مجموعة السبع في سبتمبر (أيلول) على تطبيق سقف لسعر المشتريات العالمية من النفط الروسي.
وبحسب الوكالة فإن المشترين في الدول الأخرى لن يستطيعوا الوصول إلى خدمات التأمين والخدمات المالية الأوروبية لتسهيل مشتريات النفط إلا إذا التزموا بسقف سعر من شأنه خفض أرباح روسيا من تلك المبيعات.
وفي يونيو (حزيران) الماضي حددت مجموعة السبع آلية للاتفاق على سقف لأسعار الغاز الروسي وتطبيقه على شحنات النفط الخام والمنتجات البترولية المنقولة بحراً، معتمدة في ذلك على قدرتها على منع التغطية التأمينية لتلك الإمدادات، إذ يتم توفير التغطية التأمينية لحوالى 95 في المئة من أسطول ناقلات النفط في العالم من قبل المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض في لندن، وبعض الشركات الموجودة في أوروبا القارية.
ضربة مالية لروسيا مع ضمان إمدادات الطاقة
وبحسب الآلية فإنه يمكن للحكومات أن تسمح للمشترين بالتفاوض في شأن الخام الروسي، ثم تتأهل للحصول على استثناء لحظر التأمين إذا التزمت بسقف السعر المتفق عليه أو أقل منه، كما يقول كبار مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية.
وبحسب "بلومبيرغ" فإن مؤيدي هذه الخطة يأملون في أن يؤدي تثبيت الأسعار عند مستوى أقرب لكلفة إنتاج النفط إلى توجيه ضربة للموارد المالية لموسكو، مع ضمان تدفق الطاقة إلى الأماكن التي يحتاجونها، إذ إن روسيا تعتبر أحد أكبر موردي النفط في العالم، وبالتالي يمكن أن يكون تحديد سقف للسعر بمثابة فرصة لتخفيف الضغط التضخمي الذي يتسبب في معاناة اقتصادية في أنحاء العالم.
ولفتت الوكالة إلى أن جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سحتاج إلى الموافقة بالإجماع على المستوى الدقيق للسقف الذي لا يزال يتعين على مجموعة السبع تحديده.
وفي حال دخل هذا السقف حيز التنفيذ من دون أن يصمد، فسيمنح ذلك بوتين نصراً رمزياً، إلا أنه لا توجد ضمانة على أن روسيا ستوافق على شحن النفط بأسعار محددة، بخاصة إذا كان هذا السقف قريباً من كلفة الإنتاج، وقد يعتقد الكرملين أن إبعاد نفطه عن السوق بعض الوقت من شأنه أن يلحق ضرراً أكبر باقتصادات أوروبا وأميركا الشمالية أكثر من إلحاق الضرر باقتصاد بلاده.