نجح مجلس النواب العراقي اليوم، بعد عام من إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول ) 2021 في انتخاب رئيس جديد للجمهورية عقب أزمة سياسية استمرت طويلاً وانتهت بمغادرة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للمشهد السياسي وانسحاب نوابه الـ 73 من البرلمان.
وانتخب مجلس النواب السياسي الكردي العراقي عبداللطيف رشيد رئيساً جديداً للعراق خلفاً لبرهم صالح الذي خسر الانتخابات أمام رشيد وبفارق كبير في الجولتين الأولى والثانية وعلى الفور كلف الرئيس الجديد محمد شياع السوداني تشكيل حكومة جديدة.
وفاز رشيد في الجولة الأولى بـ 175 صوتاً من أصل عدد أعضاء مجلس النواب الذين حضروا الجلسة البالغ عددهم 277 فيما حصل منافسه برهم صالح على 99 صوتاً وريبوار أورحمان على 9 أصوات وكل من ثائر غانم ومهدي محمد ولؤي عبدالصاحب على صوت واحد.
ويتطلب الفوز بالمنصب الحصول على ثلثي عدد أصوات أعضاء مجلس النواب مما دعا المجلس الى إجراء جولة أخرى بين صالح ورشيد بعد حصولهما على أعلى الأصوات من مجموع 30 مرشحاً يتنافسون على المنصب.
162 صوتاً
وفي الجولة الثانية حصل عبداللطيف رشيد على 162 صوتاً من أصل 269 نائباً حضروا جلسة التصويت الثانية، فيما حصل منافسه برهم صالح على 99 صوتاً ليصبح بعد تأديته اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية العراق. وسبقت عقد جلسة البرلمان إجراءات أمنية مشددة تحسباً لأي طارئ أو أعمال عنف تعصف بالبلاد على إثر عملية التصويت وتم قطع عدد من جسور العاصمة بغداد التي تربط جانبي الكرخ والرصافة (الجزء الشرقي والغربي من نهر دجلة)، فضلاً عن عدد من الشوارع التي تؤدي إلى المنطقة الخضراء حيث مبنى البرلمان ومقر الحكومة العراقية والبعثات الأجنبية.
وعلى رغم تلك الإجراءات تعرضت المنطقة الخضراء والمناطق المحاذية لها لقصف بقذائف الهاون نتجت منها أضرار مادية في عدد من المباني.
محاولات فاشلة
وعلى رغم محاولات زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني حث الإطار التنسيقي من خلال تغريدة له على انتخاب مرشح الاتحاد برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية قبل ساعات من جلسة مجلس النواب، إلا أن الأخير، خصوصاً ائتلاف دولة القانون المنضوي فيه كشف عن وجود اتفاق بين الإطار والحزب الديمقراطي الكردستاني على اختيار مرشح توافقي لمنصب رئيس الجمهورية هو عبداللطيف رشيد.
وأعلن النائب عن دولة القانون عارف الحمامي في بيان له أن هذا الاختيار جاء لإنهاء الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد وحسم ملفات اختيار الرئاسات الثلاث بعدما تاخرت كثيراً، داعياً الأطراف الكردية إلى التوافق على مرشح وحيد قبل جلسة البرلمان.
سحب مرشح الديمقراطي
في المقابل، قال الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان له قبل ساعات من جلسة البرلمان إنه يسحب مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية ريبر أحمد من المنافسة مؤكداً دعمه انتخاب عبداللطيف رشيد.
كما أوضح فادي الشمري القيادي في تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم أن التيار يؤيد انتخاب برهم صالح لولاية ثانية، مشيراً إلى أن التيار يقف مع مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلا أن هذه المواقف داخل الإطار لم تغير من توجهات الكتل السياسية الأخرى خارج الائتلاف أي كتلة السيادة التي تمثل سنة العراق وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ومعظم المستقلين الذين يعتبرون بغالبيتهم حلفاء للإطار التنسيقي والذين كانوا عازمين على انتخاب عبداللطيف الرشيد.
تشكيل حكومة قوية
وفي خطاب متلفز أعرب السوداني عن "استعدادنا التام للتعاون مع جميع القوى السياسية والمكونات المجتمعية" في سبيل "تأليف حكومة قوية وعازمة على تنفيذ أهدافها وبرنامجها".
وأضاف "لن نسمح بالإقصاء والتهميش في سياساتنا" و"لن ننسى مطالب شبابنا الحقة وسنعمل بكل تفان وإخلاص في التصدي للمشاكل والأزمات المتراكمة، وفي مقدمتها نقص الخدمات والفقر والتضخم والبطالة".
واشنطن ترحب بانتهاء الجمود السياسي
وقالت الولايات المتحدة إنها ترحب بانتهاء الجمود السياسي في العراق.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان "تحث الولايات المتحدة جميع الأطراف على الامتناع عن العنف وحل الخلافات بشكل ودي وسلمي من خلال العملية السياسية".
بدورها، رحبت السفارة الفرنسية لدى بغداد، الخميس، بما وصفته بـ"الخطوة الديمقراطية التي تجعل من الممكن الشروع في تشكيل حكومة كاملة والتي تحتاج اليها البلاد بشكل عاجل".
من هو الرئيس الجديد؟
يعتبر عبداللطيف جمال رشيد المولود في السليمانية عام 1944 أحد كوادر العمل السياسي الكردي القديم في العراق منذ سبعينيات القرن الماضي وعمل في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في بداياته، ثم في أنشطة طلابية كردية عدة بأوروبا، متزوج من عضو الهيئة القيادية في "الاتحاد الوطني الكردستاني" شاناز إبراهيم.
يحمل رشيد شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1968 من جامعة ليفربول وحاز على شهادة الماجستير والدكتوراه في الهندسة من جامعة مانشستر.
وعمل في مجال التدريس ضمن جامعة السليمانية حتى عام 1979، ومن ثم باحثاً في مجال الري والتنمية بالسعودية لثلاثة أعوام قبل أن يتجه إلى العمل في الصومال ضمن مشروع تطوير زراعي عام 1981، ثم إلى الكويت ضمن مشروع منظمة الغذاء الدولية لدعم اليمن.
وتولى عبداللطيف رشيد وزارة الموارد المائية العراقية من 2003 وحتى نهاية عام 2010، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2010 عيّن مستشاراً أقدم لرئيس جمهورية العراق.
يجيد اللغات العربية والكردية والفارسية والإنجليزية وحاول الرئيس العراقي الجديد خلال سنوات عمله كمستشار في رئاسة الجمهورية تنمية الجامعات والواقع العلمي بشكل عام في البلاد، إلى جانب دعم المنظمات في مجال نشر الوعي والثقافة داخل المجتمع العراقي، ويتمتع بلغة خطاب جيدة على غرار الرئيس السابق برهم صالح.
وأخفق البرلمان ثلاث مرات هذا العام في انتخاب رئيس للجمهورية لعدم تحقق نصاب الثلثين المطلوب لذلك 220 نائباً من أصل 329.
وكان التنافس الحالي على منصب رئيس الجمهورية في العراق الأكثر حدة بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني منذ تعيين أول رئيس منتخب خلفاً لرئيس النظام السابق صدام حسين، إذ كان هذا المنصب حكراً على الاتحاد الوطني.