على مدار الأعوام الماضية ودائماً ما يتردد اسم الهوليغانز في عالم كرة القدم مرتبطاً ذلك بعنف الملاعب، حيث تقدم نفسها للجميع على أنها مجموعات لتشجيع فرق كرة قدم، وتعد كلمة هوليغان كلمة إنجليزية تعني المشاكس أو العنيف أو الشخص صاحب السلوك المدمر، بل حتى الدموي السفاح.
وتعد ظاهرة الهوليغانز مرتبطة بشكل أصيل بفئة الذكور، نظراً لأعمال الشعب التي يحدثها هؤلاء الأشخاص، وهو ما يصعب على الفتيات فعله.
وترتبط ظاهرة الهوليغانز بكرة القدم بخاصة وأنها اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ويعشقها الجماهير بكل جنون، الأمر الذي جعل فئة من المشجعين مهووسين بضرورة الانتصار الدائم ورفض الخسارة.
متى بدأت؟
كانت بداية الهوليغانز في بريطانيا وانتشرت عبر العالم، وهي تتبنى منهجاً عنيفاً في تشجيع فرقها يصل إلى الاعتداء الجسدي، وقد تركت أفعالها جراحاً عميقة في كرة القدم، بسبب سقوط عشرات القتلى والجرحى في أحداث مختلفة.
أصول الهوليغانز
ترجع أصول الهوليغانز إلى نهاية القرن التاسع عشر مع بدء ظهور الأندية الإنجليزية، وخلال هذه الفترة شهدت الملاعب عدداً من أحداث العنف كان ضحيتها إما الحكم أو مشجعو الفرق المنافسة، فظهر لكل فريق مجموعة مشجعين أطلقوا على أنفسهم أسماء غريبة توحي بالعنف.
وفي نادي أرسنال ظهر لجماهير النادي اللندني مجموعة أطلقت اسماً لها وهو "ذو هيرد"، و"الجيش الأحمر" لمانشستر يونايتد، و"ييد آرمي" لنادي توتنهام، إضافة إلى رابطة "نادي الانتحاريين" المشجعة لفريق نادي بيرنلي، فضلاً عن اسم "طاقم عمل السيوف" لنادي شيفيلد يونايتد.
حوادث عنيفة لـ الهوليغانز
ظهور الهوليغانز خلف وراءه عديداً من الحوادث الدموية في البطولات المحلية والقارية في مختلف دول العالم.
أولمبياد طوكيو 1964
وأبرز الأحداث كان خلال تصفيات أولمبياد طوكيو 1964، حيث قام هوليغانز الفريق البيروفي باقتحام الملعب في لقاء بيرو مع الأرجنتين، مما دفع الأمن إلى غلق الأبواب وإطلاق الغاز المسيل للدموع، الأمر الذي تسبب في سقوط 327 قتيلاً نتيجة للتدافع.
كأس الاتحاد الإنجليزي 1974
ليس هذا فقط فبعد 10 أعوام وخلال كأس الاتحاد الإنجليزي بين نوتنجهام فوريست ونيوكاسل، تقدم نوتنجهام 3-1 في بداية الشوط الثاني، مما دفع مشجعي نيوكاسل لاقتحام الملعب والهجوم على اللاعبين والمشجعين، حيث نقل 23 شخصاً إلى المستشفى وكان بعضهم في حال خطيرة.
نهائي دوري أبطال أوروبا 1975
الأحداث المؤسفة للهوليغانز لم تتوقف، فخلال نهائي دوري الأبطال عام 1975 بين بايرن ميونيخ وليدز يونايتد، اعتدى الهوليغانز على جماهير البايرن مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إيقاف النادي أوروبياً.
حادثة أخرى في كأس الاتحاد الإنجليزي
وفي 13 مارس من عام 1985 كان هناك حادث مأسوي من الهوليغانز، عندما واجه لوتون تاون صاحب الملعب فريق ميلوول ضمن ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، حيث ألقى جمهور ميلوول أدوات حادة على حارس لوتون، وبمجرد انتهاء المباراة اقتحم هوليغانز ميلوول الملعب وحاولوا الاعتداء بالضرب على لاعبي لوتون تاون الذين فروا مسرعين نحو غرف الملابس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واصل الهوليغانز إحداث الفوضى حيث قاموا بتخريب الملعب وبعدها خرجوا إلى المدينة واستكملوا الفوضى وقاموا بتخريب المنشآت العمومية، مما دفع السلطات البريطانية إلى تشكيل مجلس لمحاربة الظاهرة ووضع حد لها.
الحادثة الأسوأ في التاريخ
وفي 29 مايو من عام 1985 وقعت فاجعة كبرى مرتبطة بالهوليغانز عبر العالم، وكان ذلك في إستاد هيسل بـ بلجيكا، وكانت قبل خمس دقائق من انطلاق مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا التي جمعت بين ليفربول الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي.
واتجه الهوليغانز نحو جماهير يوفنتوس التي حاولت الهروب، فسقط أحد الجدران فوقهم مما تسبب في وفاة 32 مشجعاً لليوفنتوس، وجرح نحو 600 شخص، في حين توفي سبعة من المتفرجين المحايدين.
وعلى إثر هذه الكارثة اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بمنع الفرق الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية خمس سنوات، ومنع ليفربول ست سنوات مع التهديد باتخاذ عقوبات أشد صرامة إن لم يتم اتخاذ قرارات لاستئصال هذه الظاهرة.
مواجهة بريطانيا لظاهرة الهوليغانز
هذا وقد فرضت بريطانيا قواعد صارمة من أجل مواجهة شغب الملاعب حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث مرة أخرى ومن بين القرارات، منع العناصر المشاغبة من دخول الملاعب إلى الأبد، إلى جانب السجن المشدد فترات طويلة، الأمر الذي أسهم في التخفيف من حدة الظاهرة.
الظاهرة لم تختف بعد
وخلال بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2016" الذي احتضنته الملاعب الفرنسية ظهر مرة أخرى شغب الهوليغانز، ولكن كان خارج الملعب، حيث اشتبكت جماهير إنجليزية مع جماهير روسية إلى جانب الشرطة في مدينة مارساي.
وخلف هذا الأمر إصابات بعضها حرج، الأمر الذي دفع رجال الأمن للتدخل وتفريق المشتبكين، بينما ألقى المشجعون الغاضبون مقذوفات على الشرطة التي اضطرت للتدخل لأكثر من يومين ووضع حد لأعمال الشغب، ليهدد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بعدها بإقصاء المنتخبين الإنجليزي والروسي في حال استمر الهوليغانز بالتسبب في مشكلات أمنية.
الإجراءات التي اتبعتها الدول
وبناء على ما أحدثته ظاهرة الهوليغانز من فوضى وتخريب فقد صدرت مجموعة من القوانين لتنظيم التشجيع داخل ملاعب كرة القدم، منها قانون النظام العام لعام 1986 الذي سمح للمحاكم بإصدار قرارات منع المشجعين من حضور المباريات.
فبينما نص قانون مشجعي كرة القدم في عام 1989 على منع أي شخص أدين بشغب الملاعب (هوليغان) من حضور أي مباراة دولية، وفي قانون كرة القدم لعام 2000 ألغي التميز بين المباريات الدولية والمحلية ليشمل المنع جميع المباريات.
ليس هذا فقط، فقد صدر قانون جرائم كرة القدم في بريطانيا عام 1991 الذي حدد جرائم بعينها تستحق العقاب، وهي إلقاء أي صواريخ أو قذائف داخل أرض الملعب أو المشاركة في أي هتافات غير لائقة أو عنصرية أو دخول الملاعب دون سلطة قانونية.
وبالنظر إلى اسكتلندا فقد قدم قانون في مارس 2012 للتعامل مع مشكلة السلوك العنيف بين المشجعين داخل وخارج الملاعب وخاصة فيما يتعلق بالتحريض على الكراهية الدينية.
أسباب عنف الهوليغانز
وكشفت تقارير سابقة إلى أن ظاهرة العنف تعود إلى شرب الكحول حيث إن معظم المتورطين في أعمال الشغب يكونون سكارى، ومع ذلك يبدو أن الكحول ليس له دور يذكر في العنف مقارنة مع وسائل الإعلام.
كما أشارت التقارير إلى أن لغة العنف والقتال التي تستخدمها وسائل الإعلام لتغطية مباريات الكرة تعزز الروح العدوانية داخل المشجعين.
محاولة منع الهوليغانز قبل مونديال قطر
وحرصت الشرطة البريطانية، على اتخاذ عديد من التدابير الصارمة لمنع سفر الهوليغانز لمونديال قطر 2022 الشهر المقبل سواء من المشجعين الإنجليز أو الويلزيين.
وأمرت الشرطة 1308 أشخاص بتسليم جوازات سفرهم ومن يتخلف عن ذلك يواجه حكماً بالسجن ستة أشهر وغرامة مالية، وأشارت التقارير إلى أن المشاغبين الراغبين بالسفر لبلدان لا تستضيف مباريات المونديال سيتم استثناؤهم من قرار تسليم الجواز، لكن سيتم تدقيق الجواز لاحقاً وأي شخص يحاول الوصول لملاعب المونديال من الهوليغانز سيتعرض لحظر السفر فوراً ويخضع لجلسة محكمة في غضون 24 ساعة.
وتأتي هذه التدابير الأمنية لمنع تكرار أحداث نهائي يورو 2020 عندما اقتحم المشجعون ملعب ويمبلي بعد خسارة إنجلترا للبطولة بركلات الترجيح على يد إيطاليا.