Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إذا كنت تكره القنادس فأنت مخطئ جدا

القندس مهندس رئيس للأنظمة البيئية كما يكتب دوناشاد مكارثي

اعتباراً من 1 أكتوبر (تشرين الأول) حصل القندس الأوراسي على الحماية القانوينة الممنوحة للأنواع الحية المحلية (رويترز)

في خضم إعلان رئيسة الوزراء ليز تراس الحرب على ما تبقى من فتات الطبيعة في بريطانيا، شهد الأسبوع الحالي حدثاً بارزاً إيجابياً في ما يتعلق بالجهود المبذولة في سبيل تجديد البيئة.

اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، أدرج القندس الأوراسي Eurasian beaver ضمن الأنواع الحية المحلية المشمولة بالحماية القانونية، وذلك بعدما شهدت الأعوام الـ20 الماضية عمليات عدة كللت بالنجاح لإعادة توطين هذه القوارض في عدد صغير من أحواض الأنهار، وذلك بفضل مجموعات عدة وأفراد مختلفين يشتغلون لخير البيئة. يأتي هذا بعدما اندثرت هذه الحيوانات تماماً في المملكة المتحدة [نتيجة الصيد الجائر وتدمير الموائل...] في القرن الـ17.

للأسف، واجه القندس هلاكاً مشابهاً عبر البر الرئيس لأوروبا طمعاً بالقيمة الكبيرة التي ينطوي عليها فروته ومادة تفرزها غدده الشرجية تسمى "كاستوروم" castoreum ، وكانت الأخيرة مطلوبة بشكل كبير لاستخدامها في العطور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نجح القندس في الصمود والبقاء على قيد الحياة في عدد قليل من المناطق النائية، ولكن بحلول بداية القرن الـ20، لم يتبق من هذه القوارض سوى ألف و200 حيوان تقريباً. عندئذ، ولحسن الحظ، تضافرت الجهود لإنقاذها من الانقراض.

كشف تقرير عودة الحياة البرية في أوروبا، الذي نشر الأسبوع الماضي، عن أن عدد القنادس التي تحتضنها القارة يبعث على الذهول الآن إذ يبلغ مليوناً و272 ألف قندس، في زيادة قدرها الآف الأضعاف.

احتفاء بالمناسبة التاريخية التي أسست للحماية القانونية للقنادس في إنجلتر [بات اصطيادها أو قتلها أو إتلاف مواقع تكاثرها وأماكن استراحتها عمداً جريمة يحاسب عليها القانون]، تحدثت إلى ديريك جاو، الخبير الرائد في مجال القنادس، والمهموم بجلبها إلى البلاد، ومؤلف كتاب "إعادة القندس".

يعرض كتابه الجهود التي بذلها كثيرون على مدى العقود الثلاثة الماضية في سبيل التغلب على المعارضة الحكومية والمؤسسية لإعادة إدخال هذه الأنواع المحلية الرئيسة إلى البرية في البلاد.

في مكالمة عبر تطبيق "زوم"، بدت واضحة تماماً حماسة ديريك تجاه القندس، بل أيضاً تجاه الإسهامات الإيجابية الكثيرة التي تغدق بها إعادة توطينه في البرية على مجموعة كاملة من الأنواع الحية المحلية الأخرى.

لقد تحدث بنبرة مفعمة بالاهتمام عن كون القندس مهندساً رئيساً للنظم البيئية، إذ يقطع الأشجار ويبني السدود على الأنهار والجداول الصغيرة. وهذا، بدوره، يؤدي إلى نشوء برك جديدة ومساحات مفتوحة في غابات على ضفاف النهر حيث تزدهر مجموعة واسعة من الحشرات والحيوانات البرمائية والطيور، وحتى ثدييات من قبيل ثعالب الماء.

كذلك تجلب إعادة إطلاق القنادس في البرية فوائد كثيرة للبشر، إذ تنظم السدود تدفقات مياه أحواض الأنهار، فتصير أكثر بطئاً، بالتالي حماية المدن الواقعة أسفل النهر ومساعدة المزارعين من طريق ضمان عدم جفاف الأنهار في ظروف القحط. كذلك تعمل هذه الحيوانات على تخزين أطنان من الكربون في قيعان البرك حيث تعيش. أضف إلى ذلك الحد من هبوب العواصف، ما يحمي التربة الزراعية وضفاف الأنهار من التآكل.

كان ديريك مصمماً على أن الحماية القانونية التاريخية للقنادس التي شهدها هذا الشهر قد أبصرت النور بفضل مثابرة عدد من الأفراد الذين يعملون من منطلق ذاتي، وذلك عبر استقدام واختبار تجارب إعادة توطين القندس المغلقة، بدلاً من المبادرات الحكومية أو المؤسسية. بيد أنه توجه بكلمات لطيفة إلى "الصندوق الوطني"، و"لجنة الغابات"، و"صناديق الحياة البرية"، لا سيما "مؤسسة روي دينيس للحياة البرية"، للدعم الذي قدته هذه الجهات.

وأشاد ديريك بإعلان "الصندوق الوطني" بأن الأراضي التي يمتلكها ستعطي الأولوية لإعادة إحياء الطبيعة وترميمها، بدلاً من استغلالها في الإنتاج الغذائي الصناعي.

سيكون "الصندوق الوطني" قادراً على تجديد الطبيعة على مستوى المساحات الطبيعية، في خطوة أظهرت إعادة بناء المشاريع أهميتها الكبيرة في وقف انقراض الأنواع الحية.

وقال إن مايكل غوف، وزير الخارجية السابق في "وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية" (ديفرا)، واهتمامه الشديد بقضايا إعادة توطين القندس كان حاسماً في الحصول على الحماية القانونية لهذه الحيوانات.

أما أكبر العقبات أمام إعادة إطلاق القنادس في البرية في المملكة المتحدة، فقد عزاها ديريك، إلى البيروقراطية والهيئات القانونية التي من المفترض أن تعمل من أجل خير الطبيعة، بما في ذلك بعض دعاة الحفاظ على البيئة المشغولين بالتأثيرات السلبية التي يقال إنها تواجه أعداد بعض الأنواع الحية المهددة.

ويوضح ديريك أن صدور تصريح يقضي بنقل الأعداد الفائضة من القنادس من نهر "تاي" قد يستغرق نحو سنة، في حين أن أي مزارع لن يحتاج سوى إلى ثوان قبل إطلاق النار على أحد تلك القوارض، على رغم الفوائد الهائلة التي تجلبها عمليات إعادة توطين القندس لبقية أنحاء اسكتلندا.

ويصر الناشط البيئي على ضرورة عدم منح المزارعين الحق القانوني في إطلاق النار على القنادس.

في كتابه، ينتقد ديريك المنظمات المالكة للأراضي، قائلاً إنها عبارة عن "أصوات قوية تطالب بأفعال سياسية خجولة، وإجراءات متطرفة صادرة عن سياسيين ضعيفين ضد البشر وغير البشر على حد سواء من أجل دعم أهدافهم الأنانية".

ويقترح الخبير في القنادس بدلاً من ذلك نقل أي فائض من مجموعات القندس بعناية إلى مستجمعات الأنهار الأخرى، حيث تمس الحاجة إلى الهندسة البيئية التي تنفذها هذه الحيوانات.

في الأسبوع الماضي، دعت منظمات عدة معنية بالحياة البرية حكومة المملكة المتحدة إلى التحفيز على خطة وطنية لإعادة توطين القندس.

بعد قراءة قصة إعادة إدخال القنادس إلى الحياة البرية في كتاب ديريك، تساءلت لماذا عساهم يهدرون ربما عقداً آخر من الزمن سعياً إلى الحصول على دعم "ديفرا". من الأجدر بهم جمع الأموال والمضي قدماً في قيادة هذا البرنامج بأنفسهم. موازنة متواضعة لا تتعدى حوالى خمسة ملايين جنيه استرليني ستسمح بانطلاقة جيدة لمشروع كهذا يحدث نقلة نوعية على المستوى الوطني.

فيما يجلب معه تدمير المناخ مزيداً من الفيضانات الشديدة الوطأة وظروف الجفاف، وفيما أزمة التنوع البيولوجي في المملكة المتحدة ما زالت في حال خطر قصوى، لسنا نملك ترف إضاعة حتى شهر واحد.

ولا ريب في أن توطين القندس مكسب كبير للقنادس نفسها وللأنواع الحية الأخرى والمزارعين وسكان المدن، فضلاً عن التخفيف من حدة أزمة المناخ. فلننطلق إذاً!

© The Independent

المزيد من بيئة