ثمة تناقضان كبيران حول سعي حكومة نيكولا ستورجن إلى استقلال اسكتلندا.
يتمثل التناقض الأول في السرعة، إذ تتناغم السرعة مع موقف "الحزب القومي الاسكتلندي" القائل إن التراجع عن "قانون الاتحاد" تأخر حوالى 300 عام. [وقع القانون في 1707 بين البرلمانين البريطاني والاسكتلندي لتشكيل بريطانيا العظمى]. كذلك امتلأ خطاب نيكولا ستورجن بالإلحاح على استعادة السيادة والحرية، وسيعقد استفتاء الاستقلال المقبل بعد عام من اليوم في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولا تعتقد سوى قلة بأن إجراء استفتاء قانوني ممكن في ذلك الوقت. وتسعى ستورجن إلى جعل "انتخابات مستقبلية" في اسكتلندا استفتاء فعلياً، لكن الأمرين ليسا متماثلين. ولا تشير استطلاعات الرأي إلى أن فوز الجانب المؤيد "للاستقلال" مضمون. في الحقيقة، فإن داهية على غرار ستورجن كانت ستنتظر قدوم الفرصة الأكثر ملاءمة، لأن المحاولة الثالثة قد تستغرق عقوداً من الزمن، وليس حفنة من السنوات. وبشكل عام، تشكل حكومة المحافظين المدعومة بأصوات الإنجليز، عاملاً مفيداً بالنسبة إلى "الحزب القومي الاسكتلندي"، فيما لا تقدم حكومة بريطانية يشكلها حزب العمال آفاقاً مبشرة بالقدر نفسه.
ويتجسد التناقض الثاني في خطوة "بريكست" [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي]. ففي عام 2016، صوتت اسكتلندا لمصلحة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لكن جرى تجاهلها، ما أثار غضباً شديداً وجعل الاستقلال الاسكتلندي في أوروبا مسألة أشد إلحاحاً.
ومع ذلك، تبقى حقيقة أن اسكتلندا المستقلة ستسعى إلى دخول "الاتحاد الجمركي الأوروبي" و"السوق الأوروبية الموحدة"، ما سيؤدي إلى مشكلات جمة لأن بقية مكونات المملكة المتحدة ستبقى خارجهما. استطراداً، إن الأمر معقد إلى حد كبير، بقدر ما كانته خطوة "بريكست". إذ سيكون أمراً معطلاً ومدمراً للتجارة أن تقدم اسكتلندا على خطوة الخروج [من المملكة المتحدة]، أو "سكوتكست" بحسب تسمية يطلقها المؤيدون للوحدة [بمعنى تأييد بقاء اسكتلندا ضمن المملكة المتحدة] على خيار استقلال اسكتلندا. ويذكرنا مخطط ستورجن الجديد بالتفكير الذي يمزج المرغوب فيه مع الوقائع، وقد انضمت إليه [رئيسة الوزراء البريطانية السابقة] تيريزا ماي و[البرلماني المخضرم المحافظ] ديفيد ديفيس في الأشهر التي أعقبت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثمة اقتراحات مفادها بأن تجارة الخدمات قد لا تتأثر [باستقلال اسكتلندا] وأن الحلول التكنولوجية من شأنها أن تقدم حلولاً لمسألة الحاجة إلى فحص البضائع على حدود اسكتلندا [في حال خروجها من المملكة المتحدة]. وهناك افتراض أيضاً بأن اسكتلندا ستبقى في منطقة السفر المشتركة بين المملكة المتحدة وإيرلندا، بالتالي تلغى الحاجة لجوازات السفر [خاصة باسكتلندا]. ربما تكون ستورجن استهانت بمدى غضب الإنجليز. ويبدو أن فكرة نسخ نموذج الوضع المزدوج "غير الاعتيادي" في إيرلندا الشمالية [إذ تستمر في كونها ضمن المملكة المتحدة مع ترتيبات خاصة على حدودها]، قد جرى إهماله. وكذلك من المستطاع إبداء ملاحظات مماثلة حول استخدام الجنية الاسترليني إلى حين استيفاء معايير معينة تتيح ظهور الجنية الاسكتلندي، أو الانتقال إلى اليورو في موعد لاحق. وتركت معظم هذه الحجج من دون تسوية بعد تصويت عام 2014.
وفي المقابل، ربما تكون السيدة ستورجن محقة في أن تكون متفائلة بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين اسكتلندا وبقية المملكة المتحدة [في حال حدوث الاستقلال]، لكن ليس بيدها خيار آخر سوى جعل الأمر غير معقد، وكذلك التأكيد على فوائد عضوية الاتحاد الأوروبي. ولكن التجربة المؤلمة والمكلفة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تجعل من خروج اسكتلندا [من المملكة المتحدة] مشروعاً غير جذاب بالقدر نفسه.
وكذلك سيتسبب ذلك الأمر بانقسامات، حتى لو كان اتجاه المشروع أمراً محسوماً. وفي كل شيء آخر سوى كونه تصويتاً حاسماً، من شأن "سكوتسكت" أن يسمم الأجواء السياسية لجيل كامل.
وفي الوقت المناسب، ربما تقرر السيدة ستورجن وفريقها أنه من الصواب إحالة اتفاق الاستقلال النهائي، وقد تأثر بشدة في المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وبقية أجزاء المملكة المتحدة، إلى الشعب الاسكتلندي بغية الحصول على الموافقة النهائية. وسيكون ذلك الإجراء نوعاً من استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة. وفي الأحوال كلها، سيكون ذلك أمراً صعباً.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 19 أكتوبر 2022
© The Independent