دعونا نتحدث عن بريكست، أو عوضاً عن ذلك، عن الفوائد التي قال لنا مهندسوه الفاقدون للصدقية الآن إنها ستتدفق علينا.
تعلن حكومة المحافظين على الدوام أنها ستعوض الخروج من عضوية السوق الأوروبية المشتركة من خلال إبرام مجموعة من الصفقات التجارية الجديدة والمهمة مع دول أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن في الممارسة ثبت أنه يصعب العثور على مثل هذه النجاحات. فقد تلاشى احتمال التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، الذي اعتبر بأنه أكبر جائزة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين عقدت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان اتفاقاً معلقاً مع الهند من خلال انتقاد اقتراحه زيادة تأشيرات العمل والدراسة للمواطنين الهنود (أي الأشخاص الذين يفتقر اقتصاد المملكة المتحدة لمهاراتهم، ولكن لا تكترثوا بذلك).
ويبدو أن الاتفاقات الأخرى ستأتي مع متطلبات مماثلة على الأرجح.
في غضون ذلك أبلغت لجنة من النواب اليوم عن بعض المشكلات المهمة في أحد الاتفاقات المحدودة التي توصلت الحكومة إلى توقيعها حتى اليوم، وهو الاتفاق مع نيوزيلندا.
في هذا السياق تخشى لجنة التجارة الدولية في البرلمان أن يعرض هذا الاتفاق الأمن الغذائي في المملكة المتحدة للخطر. فعديد من لحوم البقر ولحم الضأن ومنتجات الألبان في نيوزيلندا أقل كلفة من تلك التي تنتج في المملكة المتحدة لما تتمتع به من تكاليف إنتاج منخفضة حتى بعد احتساب تكاليف نقل منتجاتها حول العالم.
بالتالي فإن إزالة التعريفات الجمركية على سلع تلك البلد وفتح الأسواق الزراعية - الغذائية في المملكة المتحدة أمام الواردات الأقل كلفة من شأنه أن يوفر مواد غذائية أقل ثمناً للمستهلك. ولا شك أن هذه الخطوة ستلقى ترحيباً في وقت يبلغ فيه تضخم أسعار المواد الغذائية حوالى 15 في المئة، ويقوم الأشخاص بالاستغناء عن الوجبات الغذائية كطريقة للاستمرار.
ويسلط أعضاء اللجنة على فائدة أخرى تتمثل في طرق الإنتاج التي تتبعها نيوزيلندا التي تتميز بانبعاثات أقل لثاني أكسيد الكربون. وهذا أمر لا ينبغي تجاهل قيمته أبداً.
ولكن تكمن المشكلة أن ما من شيء يأتي بالمجان، فهناك ثمن ينبغي دفعه للحصول حتى على أقل الأشياء كلفة. وفي هذا السياق، تحذر اللجنة بأن قطاعات الزراعة والغابات وصيد الأسماك والأغذية شبه المصنعة في المملكة المتحدة ستتقلص كلها وتنكمش بسبب زيادة المنافسة. كما تمت إثارة مخاوف مماثلة في ما يتعلق بالاتفاق الذي وقعته المملكة المتحدة مع أستراليا في أواخر العام الماضي.
قد يقول مؤيدو السوق الحرة إن هذه هي الطريقة التي تحدث بها الأشياء. المستهلك يفوز. إذا أراد منتجو المملكة المتحدة الاحتفاظ بأسواقهم، عليهم التنافس بشكل أقوى. أليست الرأسمالية أمراً عظيماً؟
ولكن ماذا لو لم يتمكنوا من ذلك؟ وماذا عن أثر ذلك في الأمن الغذائي داخل المملكة المتحدة في حال تراجع الإنتاج الغذائي المحلي نتيجة لتلك الاتفاقات؟
تربط نيوزيلندا وأستراليا علاقات ودية مع المملكة المتحدة. وقد يعتبر بعضهم أن تعزيز الروابط التجارية معهما سيحسن تلك العلاقة. ولكن في إفادته، أثار فيل ستوكر الرئيس التنفيذي لجمعية الأغنام الوطنية مسألة ما قد يحصل في حال حدوث خلل نتيجة للاضطراب الجيو - سياسي أو المناخي أو بعض المشكلات الأخرى. فكيف سترد المملكة المتحدة حينها؟
تحدث ستوكر انطلاقاً من مصالح أعضاء الجمعية حتماً. ولكن كانت وجهة نظره سليمة من هذا المنظار. علينا أن ننظر إلى الأزمة الحالية في أسواق الطاقة لنرى ماذا يحدث عندما يحصل أي اضطراب عالمي لأي سبب كان. فالجدل الدائر حول أمن الطاقة، الذي كان يدور في خلفية منعزلة هادئة، ظهر فجأة إلى الواجهة.
ويتعلق الأمر المقلق بشكل خاص في أنه لم يتم التفكير في مسألة الأمن الغذائي. ومن هنا، ينتقد التقرير غياب استراتيجية تجارية موحدة للمملكة المتحدة قد تكون قادرة على "موازنة هذه الأولويات المختلفة بما يصب في مصلحة المستهلكين وأصحاب الأعمال على حد سواء".
كما عبرت اللجنة عن "صدمتها" لقيام المملكة المتحدة بتوقيع اتفاقات تجارية "من دون السعي إلى فهم شامل لكيفية تفاعل تلك الاتفاقات مع بروتوكول إيرلندا الشمالية." يستمر هذا الأخير بإحداث المشكلات أليس كذلك؟
عوضاً عن ذلك، يبدو أن الحكومة تعتمد التجوال حول العالم في محاولة لاستعراض اتفاقاتها. "انظروا ماذا لدينا هنا! إنه اتفاق رائع إضافي. أترون، لا نحتاج إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف".
لا تنفع هذه الطريقة. تحتاج بعض المسائل إلى معالجة سريعة وطارئة.
تذكروا من كان يتولى التجارة الدولية عندما تم التفاوض على اتفاق نيوزيلندا؟ إنها ليز تراس التي أتمت للتو خروجها الشائن من رئاسة الحكومة.
© The Independent