ما الذي يدفع الأم إلى قتل أطفالها؟

من الصعب على كثير من الناس فهم الكوابيس والأفكار التي تسيطر على عقل أم وتدفعها إلى قتل أطفالها، وكيف يمكن أن تتحول إلى مجرمة في حق أطفالها وتختار وضع حد لحياتهم.

في المغرب نشرت الصحف أخيراً خبر قتل أم لطفلتها في مدينة أكادير جنوب البلاد، ولا يتجاوز عمر الطفلة أربع سنوات، فما الأسباب التي تدفع بعض النساء إلى قتل أطفالهن؟

جريمة بمبيد الحشرات

وبحسب بيان لمكتب التواصل للشرطة المغربية "فإن عناصر فرقة الشرطة القضائية في منطقة أمن إنزكان بتنسيق مع المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأكادير، تمكنتا من توقيف سيدة تبلغ من العمر 25 سنة للاشتباه في تورطها بقضية تتعلق بالقتل العمد في حق طفلتها البالغة من العمر أربع سنوات مع إخفاء معالم الجريمة".

واستعملت الأم مبيداً للحشرات لقتل طفلتها الصغيرة وخبأت جثتها في حقيبة للسفر ووضعتها في الحديقة العمومية حيث تم العثور عليها.

أم تحاول الانتحار

وتضاف هذه الجريمة إلى جرائم قتل أخرى ارتكبتها أمهات في حق أطفالهن، وبحسب صحيفة "اليوم 24" المغربية، "قتلت والدة أطفالها الثلاثة في الحي الحسني بمدينة الدار البيضاء، وبعد ذلك حاولت الانتحار وتم نقلها إلى المستشفى".

وفي عام 2019 بضواحي مدينة الدار البيضاء ألقت أم أطفالها الثلاثة من الطابق الرابع في إحدى المباني السكنية، وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً لدى الرأي العام المغربي، لأنها بطبيعة الحال حادثة مستهجنة ومستغربة.

اكتئاب حاد

وقضت المحكمة بسجن الأم 10 سنوات سجناً نافذاً، وكشفت إحدى أقارب الأم المدانة برمي أطفالها "أنها كانت ضحية العنف من طرف الزوج وعائلته، وعانت من الاكتئاب فترة طويلة"، وهو ما روته الأم للقاضي في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وشكت من حياتها ومعاناتها، وأشارت إلى أنها عاشت ظروفاً صعبة بعدما تخلت عنها والدتها في سن صغيرة وتكفلت بها جدتها، كما أنها لم تكمل دراستها وعانت قبل الزواج من صدمة وفاة خطيبها وهو ابن عمها.

وأكدت أنها كانت تعنف من قبل زوجها مما دفعها مرات عدة إلى طلب الطلاق، وكانت تتناول أدوية للاكتئاب وسبق لها أن حاولت الانتحار قبل أن ترمي أطفالها.

وبحسب دراسة علمية للباحث في الطب النفسي ستيفن لاو تناولت "الأسباب التي تدفع الأمهات إلى قتل أطفالهن، فإن معاناة المرأة عامة من الحرمان والإصابة باكتئاب حاد وما يليه من تصرفات متهورة وغير مسؤولة مثل محاولات الانتحار وغيرها، والتعرض للعنف الزوجي كلها أسباب قد تدفع النساء إلى قتل أطفالهن، في حين ترفض بعض المجتمعات هذه التبريرات، وتعتبر ألا أحد يعيش حياة وردية وأن كل النساء عانين بشكل أو آخر من مشكلات أسرية وزوجية ولم يقدمن على قتل أطفالهن.

أمهات ضحايا الاعتداء الجنسي

وتشير الدراسة إلى "أن مرتكبات هذا النوع من الجرائم في الغالب عاشوا ظروفاً اجتماعية صعبة، وأنهن في الغالب عاطلات من العمل ويعشن عزلة اجتماعية، ويتحملن وحدهن مسؤولية تربية أطفالهن ولا يتلقين أي دعم اجتماعي".

وتناولت الدراسة حالات من مختلف دول العالم، وأوضحت أن من بين أسباب ارتكاب مثل هذا النوع من الجرائم وجود صراعات بين الأب والأم وتفاقم المشكلات الزوجية.

ويضيف المصدر ذاته "أن بعض المدانات بقتل أطفالهن كشفن عن أنهن كن ضحايا الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة".

وتلفت الدراسة إلى أن "ما يقرب من ربع الأمهات المرتكبات لهذا النوع من الجرائم طلبن المساعدة من أحد أفراد أسرهن ولم يحظين بها، ومعظم مرتكبات هذا نوع من الجرائم في الولايات المتحدة تم تشخيصهن بالاكتئاب وكن خضعن لعلاج نفسي".

ويوضح المصدر ذاته "أن أكثر من 60 في المئة من ضحايا جرائم قتل الأطفال في الولايات المتحدة خلال الأعوام الـ 25 الماضية كان على أيدي آبائهم".

الفصام

كما أن العديد من مرتكبات هذا النوع من الجرائم معرضات بشدة لخطر الانتحار بعد تنفيذ الجريمة، وتؤكد الدراسة "أن الأمهات المدانات بجرائم قتل أطفالهن غالباً ما يعانين اضطرابات نفسية حادة لم تعالج مثل الفصام أو الاكتئاب، ويعد الفصام من بين الأمراض الأكثر شيوعاً في هذا النوع من الجرائم.

وتدعو الدراسة إلى ضرورة التوعية، لا سيما المجموعات المهنية العاملة في مجال الرعاية النفسية للوقاية.

وكشفت دراسة أخرى أجريت في اليابان عن "أن مرتكبات جرائم قتل أطفالهن عانين مشكلات زوجية خطرة وضغوطاً نفسية اجتماعية أخرى تسببت في اضطرابات عقلية دفعتهن إلى قتل صغارهن".