رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي الأميركي الأربعاء، الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني)، أسعار الفائدة بشكل قوي مجدداً بمقدار 75 نقطة أساس في رابع زيادة كبيرة بهذه النسبة على التوالي.
تأتي الخطوة الأميركية مع تحرك مسؤولي البنك المركزي بقوة لتهدئة أقوى زيادة في التضخم التاريخي بالولايات المتحدة منذ أكثر من أربعة عقود، تجنباً للركود في أكبر اقتصاد بالعالم.
وجاء ذلك في ختام فعاليات اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قبل الأخير في عام 2022، إذ توافقت مع معظم التوقعات التي رجحت أن تزيد الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس.
وبعد تلك الزيادة سيرتفع نطاق سعر الفائدة على الاقتراض في الولايات المتحدة إلى 3.75 - 4 في المئة كأعلى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) من عام 2008، إذ يواصل أكبر بنك مركزي في العالم حملته بمسار التشديد الأكثر عدوانية منذ الثمانينيات.
ووفقاً لاستطلاع وكالة "بلومبيرغ"، يمهد هذا القرار الطريق لتكاليف الاقتراض لتتجاوز خمسة في المئة خلال عام 2023، ويتبقى للفيدرالي ارتفاع آخر بشهر ديسمبر (كانون الثاني)، الذي من المحتمل أن يكون 50 نقطة أساس.
وهذا من شأنه أن يرفع المعدلات إلى 4.5 في المئة بنهاية هذا العام، ثم بمقدار ربع نقطة خلال كل من الاجتماعين التاليين لتصل إلى خمسة في المئة بحلول مارس، مع العلم أن هذه الارتفاعات ستؤدي إلى ركود اقتصادي أميركي وعالمي في غضون العام المقبل.
وفي بيان الفيدرالي الصادر عقب اجتماع الأربعاء، تتوقع لجنة السوق المفتوحة استمرار وتيرة زيادة معدلات الفائدة من أجل إعادة التضخم إلى المعدل المستهدف عند اثنين في المئة بمرور الوقت.
وذكر البيان أنه عند تحديد وتيرة الزيادات المستقبلية في النطاق المستهدف، ستأخذ اللجنة بالاعتبار التشديد التراكمي للسياسة النقدية، والفترة الزمنية التي تؤثر بها السياسة النقدية في النشاط الاقتصادي والتضخم، والتطورات الاقتصادية والمالية.
وأكد البيان قوة سوق العمل الأميركي خلال الأشهر الأخيرة، فضلاً عن استمرار القلق لدى مسؤولي الفيدرالي بشأن أخطار التضخم.
رحلة الفيدرالي مع الفائدة في 2022
هذه هي المرة السادسة على التوالي التي يقرر فيها الفيدرالي الأميركي رفع معدلات الفائدة خلال العام الحالي، إذ بدأت رحلته مع زيادة تكاليف الاقتراض هذا العام خلال مارس (آذار) الماضي بمقدار 25 نقطة أساس من نقطة قريبة من الصفر، وذلك للمرة الأولى منذ نهاية 2018، مع وصول التضخم إلى مستويات قياسية هي الأعلى منذ أربعة عقود، وبدء تبني سياسات نقدية أكثر تشدداً لمواجهته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثم تبعها زيادة في اجتماع مايو (أيار) بمقدار 50 نقطة أساس، وهي الأعلى منذ عام 2000، ثم بمقدار 75 نقطة أساس في يونيو (حزيران) التي كانت أعلى نسبة رفع منذ 28 عاماً، وتلاها رفعان مماثلان بالوتيرة نفسها في يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول).
وقبيل بدء اجتماعات الفيدرالي، ظهرت مؤشرات تعزز اتجاهه نحو رفع كبير لأسعار الفائدة لمواجهة التضخم المستعر في الولايات المتحدة، إذ أظهر مسح الوظائف الشاغرة ودوران العمالة الذي أعلنته وزارة العمل، أن عدد الوظائف المتاحة ارتفع إلى 10.7 مليون في سبتمبر من 10.3 مليون في الشهر السابق له، مما ينذر بمواصلة التضخم ارتفاعه الأشهر المقبلة.
وأظهرت بيانات رسمية يوم الجمعة، ارتفاع تكاليف التوظيف بوتيرة ثابتة خلال الربع الثالث من العام الحالي.
سوق العمل
يأتي عقد اجتماع الفيدرالي قبل يومين فقط من صدور التقرير التالي عن سوق العمل، إذ يتوقع الاقتصاديون حدوث تباطؤ في نمو الوظائف، لكن ليس تباطؤاً كبيراً.
وبحسب تقديرات "رويترز"، يتوقع الخبراء إضافة 200 ألف وظيفة في أكتوبر (تشرين الأول)، انخفاضاً من الوظائف الجديدة التي بلغت 263 ألفاً في سبتمبر.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة، الذي انخفض إلى 3.5 في المئة في سبتمبر، إلى 3.6 في المئة الشهر الماضي، لكن هذا لا يزال بالقرب من أدنى مستوى خلال نصف قرن.
ووصل معدل التضخم في أسعار المستهلكين خلال سبتمبر إلى 8.2 في المئة على أساس سنوي، ليسجل تباطؤاً للشهر الثاني على التوالي، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، وذلك بعد صعوده 8.3 في المئة خلال أغسطس (آب).
وبلغ مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ذروته عند 9.1 في المئة خلال يونيو، وهو أكبر صعود منذ نوفمبر عام 1981.
كما أن مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بعيداً وأعلى بكثير من هدفه البالغ اثنين في المئة، إذ ارتفعت نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية، التي تستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 5.1 في المئة خلال سبتمبر على أساس سنوي، أعلى من معدل أغسطس 4.9 في المئة.
معدلات الرهن العقاري
مع رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة بدأ الاقتصاد الأميركي في إظهار علامات التباطؤ، إذ تشهد سوق الإسكان تراجعاً، حيث تضاعفت بعض معدلات الرهن العقاري تقريباً.
وكان الرهن العقاري ذا معدل الفائدة الثابت لمدة 30 عاماً عند 7.08 في المئة خلال الأسبوع المنتهي في 28 أكتوبر، مرتفعاً من 3.85 في المئة في مارس، وفقاً لشركة الأبحاث "فريدي ماك".
التجديد النصفي
يأتي هذا القرار قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي المقررة الأسبوع المقبل، إذ تضج أوساط الجمهوريين بالحديث عن التضخم المرتفع وجعله قضية رئيسة، ويلقون باللوم على الرئيس جو بايدن وحزبه في الكونغرس، وهذه ورقة مهمة يلعب بها الجمهوريون في الانتخابات النصفية الممهدة للانتخابات الرئيسة لاحقاً.