علمت صحيفة "اندبندنت" أن فرص التوصل إلى اتفاق تجاري في الأمد القريب بين البرازيل وبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، تبدو ضئيلة بسبب توتر العلاقات بين حكومة المحافظين البريطانية والإدارة الجديدة للويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وأشارت شخصيات مقربة من الرئيس المنتخب حديثاً إلى أن وزراء حزب المحافظين المتعاقبين سعوا في السابق إلى بناء علاقات ودية مع زعيم اليمين المتشدد المنتهية ولايته جايير بولسونارو بينما أهملوا [بناء العلاقات مع] لولا.
وحقق اليساري البالغ من العمر 77 سنة عودة مذهلة ليلة الأحد بعد أن حقق انتصاراً بفارق بسيط على بولسونارو الشعبوي، بعد مرور خمس سنوات على دخوله السجن [حيث مكث 580 يوماً] بتهمة الفساد جراء تحقيق بدأه خليفته وخصومه السياسيون.
وفيما كان تواصل بريطانيا مع لولا وحزبه العمالي في السنوات الأخيرة في حدوده الدنيا، فقد ثابر عدد من السياسيين المحافظين على عقد لقاءات مع بولسونارو ورفاقه. وفي بعض الحالات، انعقدت الاجتماعات قبل أن يصبح الأخير رئيساً، بل عندما كانت آرائه المتطرفة معروفة للجميع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لولا، الذي وصفه باراك أوباما بأنه "واحد من أكثر السياسيين شعبية على وجه الأرض"، له علاقات مقربة مع توني بلير وغوردون براون والسير كير ستارمر. لكن أحد أعضاء فريق الرئيس الجديد قال إن الاتصالات مع المحافظين البريطانيين "اقتصرت بالفعل على تغريدة تهنئة من ريشي سوناك بعد فوز لولا في الانتخابات".
كما اندهش كثيرون عندما أعلن مكتب رئيس الوزراء أن سوناك قد لا يحضر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في مصر. ويعد لولا أحد دعاة حماية البيئة ويحرص على إلغاء إجراءات بولسونارو المناخية الرجعية.
وقال أحد أفراد فريق لولا، "علمنا أن رئيس وزراء بلدكم لن يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ، ولقد تفأجنا بهذا الخبر لأن قضية المناخ مهمة للغاية للكوكب بأسره. ولكن علمنا لاحقاً أنه غير رأيه، لذلك قد تكون هناك فرصة لرئيس الوزراء للقاء الرئيس المنتخب".
كان الاتفاق التجاري مع البرازيل، وهي عضو في مجموعة الـ20، وأكبر دولة في أميركا اللاتينية على صعيد السكان وحجم الاقتصاد، أولوية معلنة للحكومة البريطانية. واقترحت الأخيرة شراكة تجارية معززة Enhanced Trade Partnership (ETP) مع البرازيل في فبراير (شباط) من هذا العام، لكن لم يتم إحراز أي تقدم يذكر في المفاوضات، وقال عضو بارز في فريق لولا إن جموداً من غير المرجح أن ينتهي ما لم تجر بريطانيا تغييرات جوهرية على شروطها.
وقال عضو آخر من فريق لولا، "من وجهة نظرنا، فإن المقترحات التي تقدمها المملكة المتحدة غير متوازنة وغير عادلة في صيغتها الحالية. فهم يريدون الوصول إلى السوق المالية وتقنية المعلومات والتعليم، ومع ذلك هناك حواجز أمام استيراد [إلى بريطانيا] منتجات اللحوم البرازيلية، وبخاصة لحوم البقر. يبدو أن لوائح الاتحاد الأوروبي ما زالت مطبقة على رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
في المقابل يقول الرئيس المنتخب لولا إن هناك احتمالاً حقيقياً لاتفاق تجاري في غضون ستة أشهر بين كتلة ميركوسور Mercosur في أميركا الجنوبية، التي تضم أيضاً الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي، والاتحاد الأوروبي.
كان من المفترض أن يتم الانتهاء من الصفقة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور في عام 2019، لكنها ذهبت في طي النسيان بسبب المخاوف الأوروبية بشأن إزالة غابات الأمازون وحكم بولسونارو الاستبدادي. ويقول المسؤولون إن فوز لولا أزال تلك العقبات.
وأثناء توليها وزارة الخارجية، وقبل أيام من توليها منصب رئيسة الوزراء، جرت مساءلة ليز تراس في مجلس العموم من قبل وزير الظل العمالي فابيان هاميلتون حول نهب غابات الأمازون الاستوائية في عهد بولسونارو واتهامات إدارته بانتهاك حقوق الإنسان، إضافة إلى احتمال عدم اعترافه بالنتيجة إذا انهزم في الانتخابات المقبلة.
وتساءل هاميلتون، "بالنظر إلى أن [السيدة تراس] قد أمضت كثيراً من الوقت في التقرب من الرئيس بولسونارو، بدلاً من إثارة مواضيع تدمير غابات الأمازون الاستوائية وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية في البرازيل، هل ستستخدم ضغوطها الدبلوماسية للمساعدة في ضمان إمكانية مراقبة هذه الانتخابات بشكل مستقل، مع احترام جميع الأطراف للنتيجة بعد ذلك؟".
الادعاء "بالتقرب" يقصد به زيارة السيدة تراس للبرازيل في أبريل (نيسان) 2018، بعد أيام قليلة من سجن لولا بتهم فساد على رغم أنه كان المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات في ذلك الوقت. وألغت المحكمة العليا البرازيلية في وقت لاحق الإدانة، التي منعته من الترشح، وقالت إن التهم ملفقة.
وذهبت السيدة تراس التي كانت آنذاك وزيرة الخزانة إلى البرازيل، إلى تعزيز "الأسواق الحرة والاقتصاد المفتوح والخصخصة". والتقت بمسؤولين في إدارة الرئيس آنذاك ميشال تامر، الذي كان يخضع لعدد من تحقيقات الفساد وسعى إلى فتح جزء من غابات الأمازون الاستوائية للغايات التجارية، وهي خطوة ولدت انتقادات شديدة بحيث جرى التراجع عنها لاحقاً.
وزعم أنه خلال الزيارة، التقت السيدة تراس والسفير البريطاني آنذاك لدى برازيليا بالسيد بولسونارو الذي كان من المقرر أن يتسلم المهمات من السيد تامر. وتم تسجيل حضور السفير للاجتماع في وثائق رسمية بريطانية، ولكن تم شطب اسم بريطاني آخر حضر الاجتماع.
وأجرى موقعا تحقيقات إلكترونيان "برازيل واير" Brasil Wire و"ديكلاسيفايد" Declassified بقيادة الصحافي جون ماكفوي تحقيقاً على نطاق واسع وبشكل مثابر في ذلك الوقت، للكشف عما حدث أثناء زيارة ليز تراس، متابعاً خريطة اجتماعاتها في البرازيل، وحصلا على وثائق، بينما كانت تواجه الرحلة تعتيماً في لندن.
وقامت "ديكلاسيفايد" البريطانية بتقديم طلب بناء على "حق الحرية بالوصول للمعلومات" حول ما إذا كانت السيدة تراس حضرت الاجتماع ولكن لم تلق رداً، وعلم لاحقاً أن الطلب نقل إلى المفوض المعلومات [مكتب مفوض المعلومات: هيئة عامة تقدم تقاريرها مباشرة إلى برلمان المملكة المتحدة وترعاها وزارة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة].
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، سأل النائب مارتين داي، وهو عضو في الحزب الوطني الاسكتلندي، السيدة تراس، وزيرة التجارة الدولية آنذاك، عن "إزالة الغابات بشكل غير قانوني [التي] تحدث في غابات الأمازون الاستوائية [البرازيلية]، وهو أمر ينص اتفاق باريس صراحة على معالجته والحد منه". فأجابت، "أنا من أشد المؤمنين بأن التجارة الحرة والسوق الحرة تساعدنا في تحقيق أهدافنا البيئية من خلال تقنية أنقى وأفضل ومزيد من الابتكارات والإبداعات".
وليز تراس ليست الوزيرة الوحيدة في حزب المحافظين التي جرى استجوابها بشأن علاقاتها بمعسكر بولسونارو. في أغسطس (آب) 2019، تعرض وزير التجارة آنذاك كونور بيرنز لانتقادات لعدم تمكنه من إثارة قضية حرائق غابات الأمازون، التي أصبحت مشكلة حادة بشكل خاص في ذلك الوقت، أثناء لقائه بأحد وزراء الرئيس بولسونارو.
وكان بيرنز مغالياً في الثناء على نائب وزير الاقتصاد "الرائع" ماركوس ترويجو، أحد وزراء بولسونارو، بعد لقائه لمناقشة "توسيع الشراكات التجارية والاستثمارية". نشر بيرنز صوراً لنفسه على "تويتر"، وهو يشرب الشمبانيا مع المسؤولين البرازيليين بعد توقيع صفقة جديدة "لتسهيل الأعمال" بين البلدين.
وعلق المتحدث الرسمي لشؤون التجارة باسم حزب العمال باري غاردينر في ذلك الوقت قائلاً، "بينما يسمح بولسونارو للشركات التجارية الزراعية بحرق الأمازون... كان وزير في حكومة المملكة المتحدة مشغولاً بالتقرب من مسؤولي الرئيس البرازيلي. بدلاً من التقاط الصور مع السياسيين البرازيليين اليمينيين المتطرفين، يجب على الوزراء دعوة البرازيل إلى بذل كل ما في وسعها لحماية الغابات الاستوائية".
© The Independent