إيرينا كارامانوس ليس سيدة أولى عادية. شريكة رئيس تشيلي تعمل بجهد من أجل إلغاء مفهوم "السيدة الأولى" وتوزيع مهماتها المعتادة على مجموعة من الوزراء، وحتى الآن ليس واضحاً إن كانت مساعيها ستنجح، فهناك اعتراضات من بعض فئات الشعب وعدم تقبل لرئيس من دون سيدة أولى بجانبه.
تقرير لسامنتا شميدت في "واشنطن بوست" يتطرق إلى هذه المحاولات ويسلط الضوء على العراقيل وموقف كارامانوس من هذه الاعتراضات، وتقول شميدت "لقد مرت ثلاثة أسابيع منذ أن أعلنت كارامانوس، شريكة الرئيس التشيلي غابريال بوريك، أنها ستتنحى عن هذه المهمة، وهي وظيفة لم تبحث عنها، وظيفة لا تعتقد أنها يجب أن توجد".
لقد قاومت هذا اللقب منذ لحظة انتخاب بوريك (35 عاماً) رئيساً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقد أدى اليمين الدستورية في مارس (آذار) وكان أصغر زعيم في أميركا اللاتينية، وواحداً من العديد من اليساريين الذين يتولون السلطة الآن في تلك المنطقة، بينما كانت هي الناشطة النسوية التي ساعدته في الفوز. وافقت في البداية، على مضض، على القيام بمهمات السيدة الأولى على أمل في أن تتمكن من تغيير الدور، لكن القرار أثار غضب كثير من المؤيدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخططت كارامانوس لنقل المسؤوليات تباعاً إلى الوزارات المناسبة حتى إغلاق مكتب السيدة الأولى في نهاية المطاف، ومن خلال القيام بذلك "كانت تأمل في إعادة تشكيل ما يعنيه أن تكون شريكاً لرئيس، ليس فقط في تشيلي ولكن في جميع أنحاء العالم"، بحسب التقرير.
لكن أولاً كانت بحاجة إلى إقناع الناس في جميع أنحاء الحكومة بأن خطتها لم تكن راديكالية جداً، كما أرادت أن تفعل ذلك بطريقة تضمن أن التغييرات ستدوم.
ويقول تقرير "واشنطن بوست" إن كارامانوس لم تكن حالاً فريدة لسيدة أولى مترددة في هذه المهمات، إذ سبقتها ميلانيا ترمب. وفي الإكوادور مثلاً غابت آن مالهيربي جوسلين، زوجة الرئيس السابق رافائيل كوريا، عن الدور الذي وصفته بأنه كلاسيكي. وفي المكسيك واصلت بياتريس غوتيريز مولر، زوجة الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، عملها كأستاذ جامعي. لكن أياً من هؤلاء النسوة لم يحاولن القيام بإصلاح الدور أثناء وجودهن في المنصب كما تحاول كارامانوس، وتقول كاثرين جيليسون، مؤرخة جامعة أوهايو، إن مثل هذا الجهد في حال حصوله في الولايات المتحدة سيكون بمثابة "ديناميت سياسي".
وترى سامنتا شميدت أنه ربما من المنطقي أن تمهد تشيلي الطريق، فهذه الدولة حكمتها في السابق امرأة، ميشيل باتشيليت، والتي فوضت مسؤوليات السيدة الأولى إلى سياسيتين في فترة ولايتها الأولى وابنها في الثانية، ولقد تعود التشيليون على رؤية القصر الرئاسي من دون سيدة أولى، لكن كارامانوس تريد أن تجعل هذا أمراً طبيعياً وليس استثناء.
في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وبعد ثمانية أشهر من تجنب المقابلات الصحافية، ظهرت علانية لتعلن أنها أوفت بوعدها، وقالت للصحافيين إن "الدور المؤسسي للسيدة الأولى كما نعرفه الآن سينتهي".
وبعد قيامها بتوزيع الأدوار التي كانت تقوم بها السيدة الأولى في العادة على بعض الوزارات، بدأت تواجه بعض الاعتراضات الشعبية وانخفضت معدلات التأييد لبوريك إلى مستويات متدنية جديدة، فقط 27 في المئة في أحد الاستطلاعات، وفي سبتمبر (أيلول) تعرض لأكبر انتكاسة حتى الآن عندما رفض الناخبون الدستور الجديد الذي ساعد في دفعه.
لكن كارامانوس ترى أن نزع هذه السلطات من السيدة الأولى من شأنه أن يمكن شركاء الرئاسة في المستقبل، وتقول إن الأمر يتعلق بالاستقلالية المهنية والاقتصادية على حد سواء.
وتتحدث كارامانوس عن مرات عدة طلب منها الناس في الشارع أن تعتني بالرئيس، وتقول "بالطبع أنا أعتني به لكن ماذا لو لم أفعل؟ ما الذي قد يحدث؟ ألن يكون بمقدور هذا الرجل أن يكون رئيساً؟ ألن يكون مكتفياً ذاتياً؟"
لقد أرادت كسر فكرة أن الرجل القوي لا يمكن الوثوق فيه إلا مع امرأة بجانبه لتلطيفه وتحقيق توازنه، وكانت لا تزال تخطط لمرافقة بوريك إلى بعض وجبات العشاء والمناسبات إن لم يكن لسبب آخر سوى التمكن من رؤيته، لكنها لن تذهب في كل رحلة دولية أو تشارك في كل حفل رسمي، ولن تحضر القمم السنوية للسيدات الأوائل.
وحول ما تريد أن تفعله بدلاً من دور السيدة الأولى، تخطط كارامانوس للعودة إلى مجال البحوث وربما التركيز على التعليم، لكنها لا تعرف بعد كيف سيبدو ذلك.