على رغم أنها المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يبلغ فيها رئيس في منصبه عامه الـ80 فإن جو بايدن الذي يثير عمره جدلاً، لا سيما أنه يفكر في الترشح لولاية جديدة، لم يحط هذه المناسبة، الأحد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) بأي أجواء احتفالية.
واستغرق الأمر حتى عصر الأحد لكي تنشر زوجته جيل بايدن على "تويتر" رسالة عاطفية أرفقتها بصورتين تجمعانهما وهما يرقصان معاً. وكتبت السيدة الأولى في تغريدتها، "لا أريد أن أرقص مع أي شخص آخر. عيد ميلاد سعيد جو. أحبك".
وبخلاف هذه التغريدة لم يصدر عن البيت الأبيض أي بيان أو منشور في شأن عيد ميلاد الرئيس. ولم يتضح كيف سيحتفل بايدن بعيد ميلاده أو ما إذا كان سيفعل ذلك أساساً، لكن بايدن احتفل، السبت، في البيت الأبيض بزفاف حفيدته نعومي، في حفل لم يسمح للصحافة بحضوره.
ولا يبدو بلوغ بايدن سن الـ80 أمراً غير مألوف في صفوف طبقة سياسية تندر فيها الوجوه الشابة إلى حد يدفع بكثيرين إلى تسميتها سلطة المسنين.
والرئيس النحيف الذي لا يدخن ولا يشرب لا يزال نشيطاً بدنياً، كما أنه لم يواجه أي مشكلات صحية كبيرة منذ خضوعه لعملية بعد إصابته بتمدد في الأوعية الدموية الدماغية هدد حياته في عام 1988. وقبل عام، وبعد فحص طبي مكثف، قال الأطباء إن بايدن كان يعاني عدداً قليلاً من الأمراض البسيطة، وخلصوا إلى أنه "قادر على القيام بواجباته".
ما هو التقدم في العمر؟
ومع أن بايدن الأكبر سناً بالفعل الذي يشغل منصب الرئيس لا تزال معالم سباق 2024 إلى البيت الأبيض غير واضحة في الولايات المتحدة.
وتحتفي الديمقراطية التي يعود تاريخها إلى 250 عاماً تقريباً بالشباب، لكن ملايين الأميركيين، ومن بينهم رؤساء يعملون حالياً بعد سن التقاعد التقليدية (65 سنة).
وكان رونالد ريغان يبلغ من العمر 77 سنة عندما غادر البيت الأبيض، لكن بايدن سيكون 86 عاماً حين تنتهي فترة ولايته الثانية، ومدتها أربع سنوات، إذا فاز بها. وسيكون خصمه الجمهوري المحتمل، دونالد ترمب، 82 عاماً حين تنتهي ولايته إذا فاز في انتخابات 2024.
تزايد نسبة كبار السن
وتزداد نسبة كبار السن في المجتمع الأميركي ويعملون حتى مراحل متقدمة في العمر. ومن المتوقع أن يتضاعف تقريباً عدد السكان الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة من 52 مليوناً في عام 2018 إلى 95 مليوناً في عام 2060.
وبحلول عام 2026 سيكون أكثر من رجل واحد من بين كل أربعة رجال فوق 65 سنة مستمرين في العمل، وفقاً لتوقعات مكتب المراجع السكانية. ولدى بعض الأميركيين مخاوف من تقدم عمر أبرز المرشحين المحتملين لانتخابات 2024.
وبينما يعتقد 71 في المئة من الديمقراطيين أن بايدن "ذكي وقادر على التعامل مع التحديات"، يقول 46 في المئة منهم إنه ربما يكون غير قادر على خوض تحدي الترشح لانتخابات 2024، وذلك وفقاً لاستطلاع "رويترز/ إبسوس" في الثامن والتاسع من نوفمبر. ويعتقد نحو ربع الجمهوريين، أو 26 في المئة، أن ترمب ربما لا يرقى لمستوى الترشح لانتخابات 2024 بسبب تقدمه في العمر.
وبعيداً من الانتماء السياسي يعتقد 68 في المئة من الأشخاص الذين تم استطلاع آرائهم أن بايدن ربما لا يكون على قدر التحدي بعد عامين من الآن، ويقول 49 في المئة الشيء نفسه عن ترمب. ووجد الاستطلاع أن نحو 86 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن من يبلغ 75 عاماً أو أقل يجب أن لا يشغل منصب الرئيس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
زلات لسان بايدن
واستغل منتقدو بايدن الجمهوريون زلات لسانه أحياناً وميله إلى الخروج عن النص في أثناء ظهوره على الهواء دليلاً على أنه عجوز على تولي مهام الوظيفة. ويقول مؤيدوه إن الرئيس الذي تغلب على مشكلة تلعثم في الطفولة يمارس الدعابة في الخطب العامة منذ عقود.
وتلقت تطلعات بايدن للفوز بولاية ثانية دفعة الأسبوع الماضي عندما كان أداء الديمقراطيين أفضل من المتوقع في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس والانتخابات على مناصب حكام الولايات.
ورداً على سؤال إزاء المخاوف في شأن تقدم بايدن في العمر قبل عيد ميلاده الـ80، قال البيت الأبيض إن سجله الأخير يتحدث عن نفسه. وذكر المتحدث باسم البيت الأبيض آندرو بيتس "كما قال المرشح آنذاك بايدن في عام 2019، راقبوه".
وتابع، "منذ ذلك الحين فاز بأكبر عدد من الأصوات يحصل عليها أي شخص في التاريخ الأميركي، وخلق فرص عمل بشكل غير مسبوق، وجعل الشركات الكبرى تدفع نصيبها العادل من الضرائب، ومكَن شركات الرعاية الطبية من التفاوض على تخفيض أسعار الأدوية، ووقع على أهم إصلاح يتعلق بالأسلحة النارية في 30 عاماً وعلى أكبر استثمار للبنية التحتية منذ الخمسينيات"، واصفاً ذلك بأنه "أنجح سجل تشريعي لأي رئيس منذ ليندون جونسون. استمروا في المراقبة".
تمييز ضد الشيخوخة
وقال بعض مؤيدي بايدن إنهم معجبون بنجاح الديمقراطيين تحت قيادة بايدن، لكنهم ما زالوا غير متأكدين من احتمال توليه ولاية ثانية.
وذكر بول كلينك، أحد سكان إلينوي، "أعتقد أنه قام بعمل رائع في الوقت الذي أمضاه. أشعر بقلق من تولي شخص ما في منتصف الثمانينيات منصب الرئيس. لا أستطيع أن أتخيل وظيفة لها متطلبات أكثر من هذه". وقال آخرون إن انتقاد سن بايدن نوع من أنواع التمييز.
وذكرت كاثرين ستيمبسون، وهي من سكان مدينة نيويورك تبلغ من العمر 86 سنة، في مقابلة، "يجب أن لا يقترب بعض الأشخاص في عمر الـ60 من السلطة السياسية. أعتقد أن السخرية منه والتهكم عليه تعتبر تمييزاً ضد الشيخوخة. لذا دعونا ننظر إلى الشخص نفسه".
ورداً على سؤال في شأن عيد ميلاده في مقابلة حديثة مع شبكة (أم أس أن بي سي)، كان لبايدن رد فعل قد يكون مألوفاً لأي شخص يتجاوز 50 عاماً، وهو عدم التصديق. فقال، "لا أستطيع حتى أن أقول العمر الذي سأبلغه. لا أستطيع حتى أن أنطقه بفمي". وأردف أن الأسئلة المتعلقة بسنه "مشروعة تماماً"، لكنه يعتزم السعي للفوز بولاية أخرى.
بلد وقادة متقدمون في العمر
يظهر مركز "بيو" للأبحاث أن الكونغرس المنتهية ولايته من الجهات التي يشغلها أكبر الأشخاص عمراً في تاريخ الولايات المتحدة، إذ إن أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب وثلثي أعضاء مجلس الشيوخ من جيل طفرة المواليد، أي الذين ولدوا بين عامي 1946 و1964.
وبعض الأعضاء في عمر بايدن نفسه وترمب تقريباً، إذ تبلغ رئيسة مجلس النواب المنتهية ولايتها نانسي بيلوسي 82 سنة. ويبلغ الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل 80 سنة. وفاز السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي من ولاية أيوا (89 سنة) بفترة أخرى مدتها ست سنوات الأسبوع الماضي.
ولا يشعر الأميركيون بالضرورة بارتياح تجاه هذا الوضع. وأظهر استطلاع "رويترز" أن ثلثي الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون فكرة وجود حد أقصى للسن لأولئك الذين يشغلون المناصب الاتحادية، ومن بينهم الرئيس وأعضاء الكونغرس وقضاة المحكمة العليا.
وقالت المديرة المشاركة لمركز الشيخوخة بجامعة ستانفورد ديبورا كادو، "سبب التفات مجتمعات أخرى إلى كبار السن هو الاستفادة من الحكمة والتوجيه. لأن لديهم هذه الخبرة، التي لا ينبغي استبعادها". وذكرت كادو ومتخصصون آخرون في مجال الشيخوخة أنهم لا يرون علامات على أن بايدن غير قادر على أداء واجباته.
وقال خبير الشيخوخة في جامعة إلينوي بشيكاغو ستيوارت جاي أولشانسكي إن بايدن قد يكون عضواً ضمن مجموعة قليلة من المسنين الأميركيين الذين يتمتعون بقدرات عقلية تماثل أشخاصاً أصغر منهم بعقود.
وتابع، "تم استخدام العمر كسلاح، وسيحاول الأشخاص من الطرف الآخر، مهما كان الطرف الذي تتعامل معه، أن يقولوا دائماً إن هناك خطأ ما في هذا الشخص. وأولئك الذين يمتهنون مهنة دراسة الشيخوخة مثلنا يقولون: توقفوا عن استخدام العمر كسلاح".
وجمع استطلاع "رويترز/ إبسوس" الذي تم إجراؤه على الإنترنت باللغة الإنجليزية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، آراء 1003 بالغين، بينهم 468 ديمقراطياً و342 جمهورياً.