Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإعلام الروسي يناصر "احتجاجات بولندية" ضد سياسات أوكرانية

موسكو تعتبر القرارات الدولية ضدها محاولة لتعويض القصور الذي يشوب عمليات دعم كييف مالياً وعسكرياً بعد أن نضب المعين

الإعلام الروسي يقلل من العقوبات الغربية وقرار تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب لعدم جدواه القانونية (أ ف ب) 

بعد قرارها الذي صدر بموافقة غالبية أعضائها حول مشروعية مصادرة أصول روسيا وأرصدتها المالية في الخارج لصالح دفع التعويضات لأوكرانيا مقابل ما تكبدته من خسائر مادية وبشرية في الحرب، عادت الجمعية العامة للأمم المتحدة لتتخذ قرارها حول تصنيف روسيا بوصفها "دولة راعية للإرهاب"، بعد أن كان مجلس الأمن قد عقد جلسة طارئة خلص فيها إلى إدانة قصف روسيا للبنية التحتية لأوكرانيا وما أسفر عنه من تدمير شبكات المياه والكهرباء في العاصمة كييف وعدد من كبريات المدن الأوكرانية.

خطوات وقرارات تقول إن الحملة كاملة العدد، وربقة الحصار والعقوبات تضيق في محاولة لإرغام روسيا على التسليم، في توقيت تندفع فيه موسكو صوب مزيد من تصعيد حملاتها الإعلامية التي تدور في معظمها حول أن هذه القرارات والاجتماعات لا قيمة قانونية لها.

ولعل المتابع لما يتداوله الإعلام الروسي بهذا الشأن يمكن أن يرصد ما تتسم به من مرارة واحتجاج زاعق، في الوقت نفسه الذي تعود فيه إلى الماضي القريب وتصفح تاريخ وسجلات كثير من البلدان التي تتزعم حملاتها المضادة لروسيا. ومن هذه البلدان الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية أخرى سبق وارتكبت كثيراً من "الموبقات" الاستعمارية، في حق كثير من بلدان آسيا وأفريقيا.

ويسلط الإعلام الروسي الضوء على ما يسميه "تورط" الولايات المتحدة في تشكيل كثير من الجماعات والمنظمات الإرهابية، مثل منظمات "القاعدة" في أفغانستان، وما تلا ذلك من تنظيمات إرهابية ومنها "داعش" و"جبهة النصرة" في العراق وسوريا، إلى جانب دعمها وتمويلها للحركات الانفصالية والإرهابية بشمال القوقاز في روسيا إبان تسعينيات القرن الماضي يوم استهدفت تقسيم روسيا بموجب مخطط كان ولا يزال تدفع به لتؤول إلى المصير ذاته الذي آل إليه الاتحاد السوفياتي السابق.

وذلك ما تلقفته وكالة "سبوتنيك" الحكومية للتوقف عنده ونشره على نطاق واسع إلى جانب التوسع في دحض ما اتخذته المنظمات الدولية ضد روسيا من قرارات، قالت إنها سبق وتبنتها بلدان أخرى على الصعيد الفردي والثنائي ومتعدد الأطراف، ومنها ما صدر عن بولندا، وتشيكيا، وبلدان البلطيق، أستونيا ولاتفيا وليتوانيا، ممن أعلنت عن تبنيها لوصف النظام القائم في روسيا بأنه "نظام إرهابي"، بينما أعلنت روسيا بوصفها "دولة راعية للإرهاب".

غير أن هناك في روسيا، ومن على شاشات القنوات التلفزيونية الإخبارية الرسمية، من يظل يدعو إلى خطورة تجاهل ما يجرى من تصعيد على الساحة الدولية ضد روسيا، واتخاذ الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لعديد من القرارات بحجة أن هذه القرارات لا وزن ولا قيمة قانونية لها استناداً إلى الواقع الراهن الذي تعتبر فيه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة "غير شرعية وليس لها صفة الإلزام القانوني، وذلك من منظور ضرورة توخي الحذر، والتحسب لاحتمالات أن يتحول معه "الكم إلى كيف،" ويحل اليوم الذي قد تتغير فيه الأوضاع والموازين الدولية، بما قد يسمح في وقت لاحق بإضفاء الصبغة القانونية الملزمة على كل القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي.

سرقة بضائع الغير

أما عن القرار الأخير الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول آلية التعويضات مقابل الدمار البشري والمادي الذي تسببت فيه روسيا بحربها على أوكرانيا، فقد خلصت كل المصادر الروسية إلى اعتباره محاولة لإضفاء الشرعية على الأموال الروسية التي تم تجميدها، إلى جانب وصفه وكأنه "سرقة لبضائع الغير من خلال محاولة تقنين ما يعجزون عن القيام به بشكل شرعي". وتلك كانت النقطة الأساسية التي تمحورت حولها تعليقات المراقبين والمسؤولين في موسكو، فيما توسعت في شأنها المناقشات في معظم البرامج الحوارية التي تعج بالنقاشات والمداولات الساخنة على شاشات القنوات التلفزيونية بكل توجهاتها منذ الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من مساء كل يوم.

وها هي هذه البرامج تعود إلى دحض كل القرارات التي استهدفت وتستهدف روسيا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية في 2014، وعادت لتتسم بوتيرة أكثر كماً وتنوعاً، منذ بدء ما تسميه موسكو "العملية الروسية العسكرية الخاصة" في 24 فبراير (شباط) من العام الحالي. وفي إطار توضيح ما يجرى تقول المصادر الروسية إن هذه القرارات تبدو كمحاولة لتعويض القصور الذي يشوب عمليات دعم أوكرانيا مالياً وعسكرياً بعد أن نضب المعين، ونفد المخزون الذي لطالما تدفقت مفرداته على أوكرانيا منذ الأشهر الأولى للحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونقلت صحيفة "موسكوفسكي كومومولسكي" عن سيرجي أرجونيكيدزه النائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة ما قاله حول إن مثل هذه الإجراءات تقابل بمقاومة في الولايات المتحدة نفسها، ومن أن ذلك لم يكن بسبب النيات الحسنة التي كانت تدفع أميركا إلى الإعراب عن مخاوفها من جراء مثل هذه التحركات، بل لأنها كانت تعبيراً عن قلقها في حقيقة الأمر من احتمالات النيل من سلطتها ومصالحها الخاصة. وحذر المسؤول الأممي السابق، كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية الحالية من أن مصادرة هذه الأموال مسألة غير قانونية، ومن الممكن أن تسفر عن تصاعد مخاوف الدول الأخرى من الاعتماد على الولايات المتحدة كملاذ آمن للاستثمار.

ومن هذا المنطلقات يحتدم الجدل بين المشاركين في البرامج الحوارية الروسية حول ضرورة عدم التهوين من شأن ما يجرى اتخاذه من قرارات تستهدف النيل من مصالح روسيا ومستقبلها ووضعيتها على خريطة السياسة الدولية. وعلى رغم ما يشوب بعض هذه البرامج من قصور نسبي، فإنها تبدو وقد أجمعت على مواصلة "فضح" ممارسات القيادة الأوكرانية، وما ترتكبه من تجاوزات، إلى جانب محاولاتها تأليب المجتمع الدولي ضد روسيا، مثلما حدث ويحدث في شأن الصاروخ الأوكراني الذي سقط داخل الأراضي البولندية المتاخمة للحدود الأوكرانية.

احتجاجات بولندا

وكانت هذه البرامج أسهبت خلال الفترة الماضية في إدانة مواقف القيادة الأوكرانية وعدد من سفرائها في الخارج ومنهم أندريه ميلنيك السفير السابق لدى ألمانيا. وها هي تعود مجدداً إلى ذات القضايا لتنضم إلى ما اشتعل من احتجاجات في بولندا ضد تعيين هذا السفير الذي اضطرت أوكرانيا إلى سحبه امتثالاً لرغبة السلطات الألمانية نتيجة ما ارتكبه من تجاوزات في حق الرئيس الألماني شتاينماير والمستشار أولاف شولتز، ما تبدو معه في اتفاق غير معلن مع ما يحتدم اليوم من جدل داخل أروقة السياسة البولندية.

وكانت السلطات البولندية احتجت ضد تعيين أندريه ميلنيك نائباً لوزير الخارجية الأوكرانية، بعد تطاوله ضد المستشار الألماني شولتز ووصفه له بـ"قطعة السجق الحزينة". وكانت الصحافة الروسية أول من انتقد سلوك ومفردات أندريه ميلنيك السفير الأوكراني السابق في ألمانيا، فيما أسهبت في انتقاد سلوك ومفردات القيادات الأوكرانية في تعاملها مع شركائها وحلفائها وفي الصدارة منهم الرئيس الألماني شتاينماير الذي رفض الرئيس الأوكراني استقباله في كييف، وكذلك المستشار أولاف شولتز ممن اتهمتهم بالتقصير في إمداد بلاده بما تحتاج إليه من أسلحة ومعدات عسكرية، على رغم ما يقال حول أن ألمانيا كانت بادرت بإمداد أوكرانيا بما ليس موجوداً ضمن عتاد وتسليح الجيش الألماني.

ونقلت المصادر عن ماريوس بلاشتشاك نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الوطني البولندي وصفه لتعيين السفير الأوكراني السابق أندريه ميلنيك نائباً لوزير الخارجية الأوكراني بأنه "قرار سيئ"، كما نقلت القناة التلفزيونية TVP1تصريحات بيوتر زغورزيلسكي نائب رئيس مجلس "السيم" (البرلمان البولندي) حول أنه يعتبر ترشيح السيد ميلنيك لمنصب نائب وزير خارجية أوكرانيا بمثابة ضربة لقلوب عائلات فولين (المذبحة المعروفة التي وقعت في عام 1943 واتهم البولنديون القوميين الأوكرانيين بارتكابها في حق سكان عشرات القرى البولندية، وراح ضحيتها عشرات الألوف من البولنديين واليهود). واعتبر المسؤول البرلماني هذا القرار "صفعة على وجه جميع البولنديين"، مشيراً إلى محاولات السفير الأوكراني السابق دحض جرائم الزعيم الأوكراني ستيبان بانديرا ضد البولنديين، وربطها بالجرائم "المزعومة" للبولنديين، على حد قوله، فيما اختتم تصريحاته بقوله "إنها فضيحة وأنا مدهوش من أن عديداً من السياسيين البولنديين يقللون من شأنها".

وكانت المصادر البولندية والألمانية سبق ورصدت قيام ميلنيك إبان سنوات عمله سفيراً لبلاده في ألمانيا، تكرار زياراته لقبر ستيبان بانديرا في ميونيخ، وأماكن أخرى في ألمانيا مرتبطة بشخصية هذا الزعيم القومي الأوكراني، إلى جانب دعمه وتواصله مع ذويه ومن بقي من أقاربه في ألمانيا.

لكن الأهم فيما يجرى من أحداث تتسم بكثير من حدة التوتر، قد يبدو فيما يدور على مقربة من الأجواء الروسية من تحليقات لمقاتلات الناتو التي ثمة من يعزوها إلى "تأمين فضاء بلدان الناتو" تحسباً لاحتمالات تجاوزات أو اعتداءات، أو تكرار سقوط صواريخ على غرار الصاروخ الأوكراني الذي تظل السلطات الأوكرانية تتملص من مسؤوليتها تجاه سقوطه داخل الأراضي البولندية، وتدعو إلى معاقبة روسيا.

وتتعالى الأصوات في موسكو تحذيراً من مغبة احتمالات "المواجهة" على خطوط التماس في الفضاء الروسي المتاخم لفضاء بلدان شرق أوروبا. ويقول هؤلاء إن أية أخطاء، وأية تحركات غير مقصودة، لا بد أن تشعل نيران المواجهة التي لطالما أعلن الجميع عن تحذيراته من اندلاعها بين روسيا و"الناتو"، وإن كان هناك في أوكرانيا من يتحرق شوقاً لوقوعها، على حد قول مصادر روسية.

المزيد من متابعات