أكدت منظمتان للدفاع عن حقوق الإنسان مقتل شاب إيراني برصاص قوات الأمن على أثر احتفاله بهزيمة المنتخب الإيراني أمام نظيره الأميركي في نهائيات كأس العالم لكرة القدم الجارية في قطر.
وقُتل مهران سماك (27 عاماً) بالرصاص بعد أن أطلق بوقه أثناء قيادته لسيارته في مدينة بندر أنزلي على بحر قزوين شمال غربي طهران، بحسب منظمتين حقوقيتين. وقالت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو إن الشاب "استهدف بشكل مباشر وأطلقت قوات الأمن النار على رأسه". كما أكد "مركز حقوق الإنسان في إيران" ومقره نيويورك أن الرجل قُتل على أيدي قوات الأمن أثناء مشاركته في احتفالات.
ونشر المركز مقطع فيديو لجنازته في طهران يسمع خلاله حشد يهتف "الموت للديكتاتور".
تقييد حريات المرأة
في هذا الوقت، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير الفرنسي في طهران نيكولا روش بعد أن تبنى البرلمان الفرنسي قراراً يدين تقييد حريات المرأة وحقوقها من جانب النظام، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".
وأثارت إيران خلال هذا الاجتماع "احتجاجاً شديداً على الاتهامات التي لا أساس لها" للسلطات الفرنسية واستنكرت "التدخلات غير المقبولة لهذا البلد"، كما أشارت "إرنا".
وتبنت الجمعية الوطنية الفرنسية بالإجماع قراراً "لدعم الشعب الإيراني" والنص "يدين بأشد العبارات القمع الوحشي والمعمم" بحق "متظاهرين غير عنفيين" و"يندد بممارسة التعذيب" و"يؤكد دعمه الشعب الإيراني في تطلعه إلى الديمقراطية واحترام حقوقه وحرياته الأساسية".
إلى ذلك يدعو النص إلى "الإفراج الفوري عن رعايا فرنسيين محتجزين تعسفياً"، وخلال الجلسة انتقدت وزيرة الخارجية كاترين كولونا الاستخدام المكثف للاعتقال التعسفي والرقابة والعنف في إيران.
أحكام بالإعدام
وذكرت وكالة "مهر" للأنباء أن القضاء الإيراني حكم بإعدام أربعة أشخاص بزعم تعاونهم مع الاستخبارات الإسرائيلية وتنفيذ عمليات خطف. وأضافت الوكالة شبه الرسمية أن أحكاماً بالسجن بين خمس وعشر سنوات صدرت بحق ثلاثة آخرين بزعم ارتكاب جرائم مثل محاولة الإضرار بالأمن القومي والمساعدة في عمليات خطف وحيازة أسلحة بشكل غير قانوني. وذكر القضاء الإيراني أنه قد يصدر أحكاماً بالإعدام على 15 شخصاً بينهم امرأة وثلاثة قاصرين، متهمين جميعاً بقتل أحد أفراد مجموعة شبه عسكرية في أوائل نوفمبر خلال مراسم نظمها المتظاهرون بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة أحدهم.
وقالت السلطة القضائية على موقعها "ميزان أونلاين" إن "الجلسة الأولى لمهاجمي روح الله عجميان عقدت صباح اليوم الأربعاء في محافظة البرز" بالقرب من طهران.
وأضاف المصدر نفسه أن "15 شخصاً متهمون بالإفساد في الأرض" وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام.
وقتل روح الله عجميان أحد أفراد الباسيج، القوة شبه العسكرية المرتبطة بالحرس الثوري في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) في كرج بمحافظة البرز على بعد 30 كيلومتراً غرب طهران أثناء مسيرة بالقرب من مقبرة، في ذكرى مرور أربعين يوماً على موت متظاهرة، بحسب وسائل إعلام محلية.
وقال رئيس القضاء في محافظة البرز في 12 نوفمبر إن "المشاغبين هاجموا حارس الأمن هذا الذي كان أعزل وجردوه من ثيابه وطعنوه وضربوه بمقابض نحاسية وحجارة وركلوه ثم جروا جثته عارياً ونصف ميت إلى أسفلت الشارع وبين السيارات بطريقة مروعة".
وأعلنت وكالة "ميزان" في اليوم نفسه توجيه اتهامات إلى 11 شخصاً بينهم امرأة للاشتباه بقتلهم عجميان.
وقال الموقع نفسه الأربعاء إن "ثلاثة من المتهمين يبلغون من العمر 17 سنة"، موضحاً أن "قضاياهم ستنظر فيها محكمة خاصة متخصصة بجرائم الأحداث".
دوائر الإعدام
وبدأت، الثلاثاء، في شمال غربي إيران محاكمة رجل متهم بارتكاب جريمة يعاقب عليها بالإعدام على صلة بالاحتجاجات التي تهز هذا البلد منذ أكثر من شهرين، كما أعلنت هيئة قضائية.
وذكر موقع "ميزان أونلاين" أن "الجلسة الأولى لمحاكمة مجيد رهنورد المتهم بقتل عنصرين من "الباسيج" في 17 نوفمبر في مشهد (شمال شرقي) بدأت الثلاثاء في هذه المدينة".
وذكر الإعلام المحلي أن العنصرين قتلا طعناً في مشهد عندما حاولا التدخل ضد "مشاغبين هددوا تجاراً لإرغامهم على إغلاق محالهم".
ووجهت إلى مجيد رهنورد في إطار جريمة القتل المزدوجة هذه، تهمة المحاربة ("عدو الله" باللغة الفارسية)، وهي واحدة من أخطر التهم التي يعاقب عليها بالإعدام بحسب المصدر نفسه.
وأوقف آلاف الإيرانيين ونحو أربعين أجنبياً ووجهت التهمة إلى أكثر من ألفي شخص بحسب السلطات القضائية.
ومن بين المتهمين حكم على ستة في الأقل بالإعدام أمام محكمة البداية وبات مصيرهم مرتبطاً بالمحكمة العليا التي ستنظر في طلبات الاستئناف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان جنرال في "الحرس الثوري" ذكر، مساء الاثنين، أن أكثر من 300 شخص قتلوا منذ بداية الحركة الاحتجاجية وتتضمن هذه الحصيلة العشرات من أفراد قوات الأمن الذين قضوا في مواجهات مع المتظاهرين أو اغتيلوا، بحسب السلطات الإيرانية.
ومنذ منتصف سبتمبر (أيلول)، اعتقل آلاف الإيرانيين ونحو أربعين أجنبياً واتهم أكثر من ألفي شخص على صلة بـ"أعمال الشغب"، بحسب السلطات القضائية.
وحكم على ستة متهمين على الأقل بالإعدام في الدرجة الأولى ومصيرهم يعتمد الآن على المحكمة العليا التي ستبت في طلباتهم للاستئناف.
وكانت منظمة نشطاء حقوق الإنسان في إيران، وهي منظمة مقرها الولايات المتحدة تراقب عن كثب الاحتجاجات منذ اندلاعها، قالت إن 451 محتجاً قتلوا بينهم 63 طفلاً، كما اعتقل أكثر من 18 ألف شخص، منذ انطلاق التظاهرات. يذكر أنه منذ مقتل أميني، في 16 سبتمبر (أيلول)، بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق، لم تهدأ التظاهرات في البلاد.
توقيف ممثلة ومخرج
إلى ذلك، أوقفت السلطات الإيرانية ممثلة ومخرجًا يقفان وراء نشر مقطع فيديو تمّ تداوله على نطاق واسع على الانترنت، يُظهر ممثلين إيرانيين بينهم ممثلات بدون حجاب، يعبّرون عن دعمهم للتظاهرات في البلاد، وفق ما أعلنت مجموعة حقوقية الأربعاء.
وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "هرانا" (Human Rights Activists News Agency) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًّا لها، أن المنتجة والممثلة سهيلا كلستاني والمخرج حميد بورآذري، أوقفا.
ولم تتمكن المجموعة من تحديد المكان الذي احتُجزا فيه، في حين أفادت معلومات أخرى أن الممثلة والمخرج اعتُقلا في وقت متأخر الثلاثاء في وقت كان المنتخب الإيراني لكرة القدم يتواجه مع المنتخب الأميركي في مونديال قطر.
وفي الفيديو الذي نُشر، تظهر كلستاني وهي ترتدي الأسود، وتمشي باتجاه الكاميرا ثم تستدير لتكشف أنها لا ترتدي الحجاب. وتحدّق في الكاميرا. ثمّ تنضم إليها تسع نساء للقيام بالحركة ذاتها، كما يفعل خمسة رجال الأمر نفسه.
وأشار موقع "إيران واير" (Iran Wire) إلى أنّ كلّ الذين ظهروا في الفيديو هم ممثّلون إيرانيون.
أكّدت الكاتبة نغمة سميني على حسابها على موقع انستغرام خبر توقيف كلستاني وبورآذري، في خطوة رأت أنها "ردّ فعل جزء من الرأي العام" على "الأداء" الذي ظهر في الفيديو.
تشهد إيران منذ 16 أيلول (سبتمبر) احتجاجات إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.
وقامت العديد من الممثلات الإيرانيات خلال الحركة الاحتجاجية بتحرّكات لكسر المحرّمات عبر خلع الحجاب، الذي يعدّ إلزامياً للنساء في الأماكن العامة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشرت ترانه علي دوستي وهي إحدى أشهر الممثلين الإيرانيين الباقين في البلاد، صورة لها على وسائل التواصل الاجتماعي من دون الحجاب، متعهّدة البقاء في بلدها "مهما كلّف الثمن".
وأوقفت السلطات الإيرانية ممثلتين معروفتين هما هنكامه قاضياني وكتايون رياحي، قبل أن تعود وتُفرج عنهما بكفالة وفق ما أفادت معلومات صحافية، لأنهما عبّرتا عن دعمهما للحركة الاحتجاجية وخلعتا حجابهما علناً في تحدٍّ واضح.
دعم الشعب الإيراني
كانت الجمعية الوطنية الفرنسية اتخذت بالإجماع قراراً "لدعم الشعب الإيراني" يدين خصوصاً تقييد الحريات وحقوق النساء. ودعا النائب عن حزب "النهضة" (الغالبية الرئاسية) أدريان غومي المتحدرة عائلته من إيران، إلى "توجيه رسالة قوية" بالتصويت على نص الغالبية هذا. وحاز النص إجماع النواب الذين صوتوا، وعددهم 149 نائباً، وسط تصفيق حار في المجلس.
واستعادت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الشعار الذي يرفعه المتظاهرون في إيران "نساء حياة حرية" منددة بمقتل "أكثر من 400" شخص في حملة القمع. وأكدت الوزيرة أن الوضع "يتطلب التحرك بمسؤولية"، مشيرة إلى أنه بعد حزمتين من العقوبات تم فرضهما بالفعل على المستوى الأوروبي "يجري الإعداد لعقوبات جديدة ستطرح خلال اجتماع وزراء الخارجية المقبل في 12 ديسمبر (كانون الأول)".
ويدين القرار "بأشد العبارات القمع الوحشي والمعمم" الممارس ضد "متظاهرين غير عنفيين"، و"يندد بممارسة التعذيب" و"يؤكد دعمه الشعب الإيراني في تطلعه إلى الديمقراطية واحترام حقوقه وحرياته الأساسية".
إلى ذلك يدعو النص إلى "الإفراج الفوري عن رعايا فرنسيين محتجزين تعسفياً". ورحبت كل الأطياف السياسية بالقرار.
استبعاد إيران من هيئة المرأة
من جهتهم، قال دبلوماسيون إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة سيصوت في 14 من ديسمبر على مشروع قرار أميركي باستبعاد إيران من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، في الوقت الذي تضغط فيه واشنطن لمعاقبة طهران بسبب حرمانها للنساء من حقوقهن وقمعها الوحشي للاحتجاجات.
ووزعت الولايات المتحدة مشروع قرار في شأن هذه الخطوة يندد أيضاً بسياسات إيران باعتبارها "تتعارض بشكل صارخ مع حقوق المرأة والفتيات ومع تفويض الهيئة المعنية بوضع المرأة"، وفق وكالة "رويترز".
وبدأت إيران للتو ولاية مدتها أربع سنوات في الهيئة المكونة من 45 عضواً، والتي تجتمع سنوياً في مارس (آذار) من كل عام وتهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
ومن شأن مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة "استبعاد جمهورية إيران بأثر فوري من الهيئة المعنية بوضع المرأة لما تبقى من مدة عضويتها التي تمتد من 2022-2026". وسيصوت المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة المؤلف من 54 عضواً على ما إذا كان سيطرد إيران من الهيئة أم لا.
وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "الولايات المتحدة ودول أخرى تجري اتصالات مكثفة لحشد الدعم لإخراج إيران من هيئة الأمم المتحدة للمرأة". وأضاف "يبدو أنهم يحققون نجاحاً، بما في ذلك مع بعض الدول التي كانت مترددة في البداية".
سجون ووحشية
وعبرت أسرة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل العامل في المجال الإنساني والموقوف في إيران منذ تسعة أشهر عن قلقها، الثلاثاء 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، من تراجع حاله الصحية، مشيرة إلى أنه بدأ إضراباً عن الطعام للاحتجاج على معاملته بطريقة "غير إنسانية".
ونددت عائلة الرجل الأربعيني في بيان بـ"ظلم وحشي"، ناقلة فحوى اتصال يقال إن هذا الأخير أجراه، الاثنين، مع القنصلية البلجيكية.
وأمضى فانديكاستيل الذي أوقف من دون سبب في طهران في 24 فبراير (شباط) "278 يوماً حتى الآن في عزلة تامة وفي زنزانة تحت الأرض من دون نوافذ".
وأضاف البيان "تكثر مشكلاته الصحية، خصوصاً مع خسارة كبيرة في الوزن وتشكل جيوب دم في أصابع قدميه وخسارته لأظافره وإصابته بمشكلات مقلقة في الأسنان والمعدة".
وأشار البيان إلى أن هذا "الوضع الذي لا يحتمل" قد "أضر بشكل خطر" بالحال النفسية لفانديكاستيل وقدرته على الصمود، مضيفاً "بدأ إضراباً عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين ولم يعد يأكل إلا الخبز ويشرب المياه صباحاً".
ويعود آخر اتصال للأسرة بفانديكاستيل إلى الأول من سبتمبر وقالت الأسرة حينها إنها تخشى من "أضرار لا عودة فيها" تصيب صحة السجين بسبب ظروف احتجازه "غير الملائمة".
وكان وزير العدل البلجيكي فنسينت فان كويكنبون أعلن في مطلع يوليو (تموز) عن سجن فانديكاستيل خلال جلسة نقاش برلماني في بروكسل حول معاهدة تبادل السجناء بين بلجيكا وإيران.
وأثارت المعاهدة جدلاً في بروكسل، إذ رأى معارضوها أنها تمهد للإفراج عن الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي المدان بتهمة الإرهاب. أما الحكومة البلجيكية، فتعتبر أنها فرصة لإطلاق مواطنها أوليفييه فانديكاستيل الموقوف في إيران منذ فبراير.
ويعرب معارضو الاتفاق عن اعتقادهم بأنه "مفصل على قياس" أسدي الذي حكم عليه في 2021 بالسجن 20 عاماً بعد إدانته بتهم "محاولات اغتيال إرهابية" من خلال التخطيط لاستهداف اجتماع للمعارضة الإيرانية في فرنسا عام 2018.